فيلم Prey كان يواجه إنتقادات كبيرة منذ تأكيد أن الشخصية الرئيسية ستكون إمرأة. الكل كانوا غير مقتنعين بأن إمرأة ستقف أمام الـ Predator وتواجهه، وكان يبدو أن الفيلم ما هو إلا خطوة دعم للقضية النسوية، فنحن نتحدث هنا عن نفس الوحش الذي دمر Arnold Schwarzenegger في الجزء الأول. الآن أنت تريد أن تقنعني أن إمرأة قادرة على الصمود أمام هذا الوحش؟
لحسن الحظ، نعم أنا اقتنعت اقتناع تام أنه من الممكن أن تقف إمرأة أمام هذا الوحش، ويمكن قول أن هذا الفيلم (معظم الوقت) بعيد كل البعد عن دعم القضية النسوية، بل يُقدم تجربة مشاهدة رائعة تُعيد توجيه عالم Predator إلى المسار الصحيح!

قصة فيلم Prey بدون حرق
قصة فيلم Prey بسيطة حيث يتحدث عن شخصية Naru وهي إمرأة من قبيلة الكومانشي وتحاول إثبات نفسها عن طريق صيد حيوانات مفترسة في الغابات الواسعة. تقع أحداث الفيلم في عام 1719 مما يعني أن كل الأدوات المستخدمة بدائية نسبيًا، والمواجهة ضد الحيوانات ستكون صعبة على Naru.
لكن الأمور تزداد خطورة وصعوبة عندما تجد Naru نفسها في مواجهة حيوان قوي ليس له مثيل، حيوان قادم من خارج كوكب الأرض، حيوان مفترس عالي التطور هدفه الرئيسي هو الصيد من أجل الرياضة. فهل تستطيع Naru الصمود أمام الـ Predator؟

الفيلم يُعطي درسًا في كيفية صُنع شخصية أنثوية قوية
هناك قضيتان أساسيتان يظهران بوضوح في معظم أفلام Hollywood في الوقت الحالي، وهما القضية النسوية، وقضية المثلية الجنسية. لكن فيلم Prey خالي تمامًا من المشاهد الإباحية ولا يوجد به قبلة واحدة حتى، فدعونا نُركز قليلاً على القضية الوحيدة المتعلقة بالفيلم وهي القضية النسوية.
بالطبع الفيلم به بعض اللقطات التي تدعم القضية النسوية وبالفعل تلك اللقطات ليس لها أي داعي. الهدف من وجود تلك اللقطات هو دعم القضية النسوية فقط، ووجود مثل تلك اللقطات لا تؤثر إطلاقًا على قصة الفيلم!
لكن بعيدًا عن ذلك، فشخصية Naru هي شخصية رائعة في المقام الأول. الممثلة Amber Midthunder قدمت دور بطولة مميز، والفيلم أخذ الوقت الكافي في البداية ليُعطينا نظرة على تدريباتها وكيف تتعلم الصيد بدلاً من تقديمها كشخصية قوية من البداية بدون تقديم نظرة على ماضيها.

الشخصية الرئيسية هنا ليست أقوى شيء في الكون، بل هي شخصية تقوم بأخطاء كثيرة، أخطاء كادت أن تُكلفها حياتها، ولكنها تتعلم من تلك الأخطاء وتتدرب خلال أحداث الفيلم حتى لا تقع فيها مرةً أخرى. هذا يؤدي إلى مشهد النهاية والذي تقوم فيه Naru باستغلال البيئة من حولها من أجل مواجهة الـ Predator بشكل تكافؤي لأنها تعلم أنها لن تستطيع الصمود أمامه في مواجهة مباشرة!
شخصية Naru هنا ليست مثل أي شخصية أنثوية في أفلام Hollywood الأخيرة. هي تعلم حجمها، وتعلم أنها أصغر بكثير من الوقوف أمام الـ Predator، ولذلك تعتمد بشكل رئيسي على ذكائها، ومساعدة كلبها الرائع الذي كان له دورًا كبيرًا خلال أحداث الفيلم. هكذا كيف تُقدم شخصية أنثوية قوية تجعل المشاهدين يقعون في حبها.

الـ Predator في هذا الفيلم مُخيف بمعنى الكلمة!
منذ الوهلة الأولى التي يظهر فيها الـ Predator على الشاشة، وأنت تشعر بهيبته وقوته. الـ Predator جاء بشكل أساسي لكوكب الأرض من أجل الرياضة وصيد كل ما يمكن اعتباره خطرًا بالنسبة له.
يدخل الـ Predator في مواجهات عديدة طوال أحداث الفيلم مع حيوانات وبشر، لكن لعل أضخم مشهد استعرض قوة الـ Predator في بداية الأحداث هي مواجهته مع الدب ورفعه في الهواء ليغطي جسده بدماء الحيوان. ضف على ذلك بعض مشاهد القتال مع البشر والتي كانت خرافية خاصةً عندما يستخدم تقنياته المتطورة في تقطيع أشلاء البشر يمينًا ويسارًا.
الممثل ولاعب كرة السلة السابق Dane DiLiegro هو من يلعب دور الـ Predator في فيلم Prey، ويظهر حجمه العملاق بالتحديد أثناء مواجهاته مع Naru حيث أن طوله يتعدى 2 متر على مقارنةً بالممثلة Amber Midthunder والتي لا تتخطى 165 سم تقريبًا!

التقنيات والمؤثرات البصرية رائعة
الإخراج والتصوير السينمائي
الفيلم من إخراج الرائع Dan Trachtenberg الذي قدم لنا فيلم Cloverfield Lane، وقدم لنا المخرج كمية رهيبة من اللقطات الرائعة في فيلم Prey. كل لقطات القتال بين الـ Predator و Naru كانت خرافية وبالتحديد المواجهة الأخيرة. أيضًا في إحدى المشاهد، دخلت Naru في إشتباك مع مجموعة أفراد، وتم تصوير المشهد بأكمله بأسلوب اللقطة الواحدة، وأصبح من المشاهد المُفضلة لي في الفيلم لمدى جمال الأكشن والحركة به.
في عدد كبير من مشاهد مواجهات الـ Predator مع البشر، كان يتم تصوير المشهد من زاوية كاميرا سُفلية ليوضح مدى كبر حجم هذا المفترس مقارنةً بالأشخاص العاديين حتى يُعطيك الشعور بالرهبة والهيبة من هذا المخلوق المُريب.
المخرج استخدم أيضًا فكرة (الصورة تقول ألف كلمة) حيث جاءت بعض المشاهد طوال أحداث الفيلم بدون أي حوار، ولكنها كانت تروي قصة مُعينة أو لها هُدف مُحدد. بعد أن انتهيت من مشاهدة الفيلم وعُدت مرةً أخرى لتلك المشاهد، اتضح لي أن المخرج بالفعل أوضح كيف ستسير المواجهة الأخيرة بين Naru و الـ Predator، وما الأشياء التي ستستغلها من حولها!
التصوير السينمائي أيضًا كان رائعًا حيث تقع أحداث الفيلم في السهول الشمالية الكبرى بالولايات المتحدة الأمريكية، وهناك تركيز كبير على استعراض لقطات واسعة من جمال الطبيعة، السهول الخضراء، والجبال الشاهقة سواء في وضعية النهار أو الليل.

المؤثرات البصرية
الفيلم حصل على تصنيف R، مما يعني أن المخرج له الحرية الكاملة في تقديم مشاهد عنف قوية وعنيفة لأقصى درجة، ولكن للأسف هذا لم يحدث. فعلى الرغم من أن مشاهد العنف بالفعل كانت جيدة جدًا، إلا أن بعض اللقطات كانت تبتعد عن المشهد عندما يقوم الـ Predator بتمزيق جسد الشخصيات!
من المحتمل أن تكون ميزانية الفيلم ضئيلة نسبيًا خاصةً وأنه فيلم مُوجه لخدمات البث زلن يُعرض في السينما، ولكني كنت أتمنى التركيز بشكل أكبر على دموية مشاهد العنف حيث كانت ستُعطي طابعًا أكثر رعبًا لشخصية الـ Predator، وهذا كان المطلوب بالفعل.
لكن بغض النظر عن ذلك، فالـ CGI كان جيدًا جدًا معظم الوقت وتوجد مؤثرات رائعة تم استخدامها بالتحديد في المواجهة الأخيرة. بدون حرق، فإن المواجهة الأخيرة تكون أثناء الليل، وفي معظم الأفلام يتم استخدام إضاءة الليل الضعيفةللتغطية على الـ CGI السيء. هنا في Prey لا يوجد ذلك، بل قسم المؤثرات البصرية صنع مؤثرات خلابة لدرجة أن الـ Predator كان يظهر في وضع النهار والليل ويبدو رائعًا في كافة المشاهد!

الموسيقى التصويرية
الفيلم من تلحين المتميزة دائمًا Sarah Schachner وإذا كنت من مُحبي ألعاب الفيديو، فأنت بالتأكيد سمعت موسيقاها في ألعاب مثل:
- Assassin’s Creed Unity
- Assassin’s Creed Origins
- Assassin’s Creed Valhalla
- Call of Duty: Infinite Warfare
- Call of Duty: Modern Warfare 2019
- وغيرهم من مختلف الألعاب القوية
ولذلك فإن Sarah Schachner هي مُلحنة مُخضرمة وأبدعت بالفعل في موسيقى فيلم Prey بتقديم مجموعة من الألحان القوية بالتحديد في مشاهد الأكشن. نمط التلحين الخاص بـ Sarah دائمًا ما كان يُركز على الإيقاعات القوية في أعمالها السابقة، والأمر سيان هنا. هذا أعطى لأحداث ومشاهد الفيلم ثُقلها المميز الذي جعلك مندمجًا مع الأحداث طوال الساعة ونصف.
على سبيل المثال، النغمة الرئيسية للفيلم تأتينا بعنوان “The Hunter”، وهي نغمة موجهة خصيصًا لوصف الـ Predator والمكان الذي يصطاد فيه. استخدمت Sarah الطبول والمزامير القديمة لنقل إحساس الغابة الشاسعة التي تقع معظم أحداث الفيلم بها، ولكنها أيضًا بدأت في زيادة إيقاع الموسيقى كلما يدخل الـ Predator في مواجهة مع البشر لتُزيد من خطورته أمامك على الشاشة.

في النهاية
فيلم Prey ليس فقط واحدًا من أفضل أفلام الأكشن والرعب لعام 2022، بل هو أفضل فيلم في سلسلة Predator منذ الجزء الأول الذي جاءنا بعام 1987. على الرغم من وجود فكرة دعم النسوية بنسبة صغيرة، وعدم التركيز على دموية مشاهد العنف بالشكل الكافي، إلا أن الشخصية الرئيسية وتطورها كانت كفيلة لتقديم تجربة مشاهدة رائعة خاصةً مع تقديم الـ Predator بهذا الشكل المُرعب. إنها عودة سليمة لسلسلة Predator على المسار الصحيح، ومع وجود نهاية تلميحية للمستقبل، فأنا لا أستطيع الانتظار للأجزاء القادمة!
أقرأ أيضًا:
التقييم النهائي
القصة والشخصيات - 8
مشاهد الأكشن والعنف - 7
الإخراج، المؤثرات البصرية، والموسيقى التصويرية - 9
8
جيد جدًا
فيلم Prey هو أفضل أجزاء سلسلة Predator منذ عام 1987 بتقديم شخصية أنثوية قوية، مشاهد أكشن رائعة، وتجسيد رائع لوحش الـ Predator المُخيف الذي يقتل كل ما في طريقه بدون هوادة. إنها تجربة مشاهدة أنصحكم بها بكل ثقة!