فن

رقابة وسيطرة…كيف أصبحت هوليود لعبة في يد الأخطبوط الصيني؟

دخلت “كلوي تشاو” مخرجة Nomadland  هوليود من بابها الواسع، ففي أبريل، توجت كأول امرأة صينية تفوز بجائزة أفضل مخرج في حفل توزيع جوائز الأوسكار. لتستمر سلسلة النجاحات بعد تحقيق فيلم  “إيتيرنالز” Eternals  لإيرادات كبيرة، منذ ذلك الوقت، هنئت الصين “تشاو” بشدة واعتبرتها فخرا للصين، وما إن صرحت المخرجة المزدادة بالعاصمة بكين في مقابلة لها مع أحد الجرائد أن الصين هو “بلد توجد فيه أكاذيب في كل مكان”. كان رد بكين قاسيا، حيث حذفت كل عبارات التهنئة والتشجيع من وسائل التواصل الاجتماعي بفوزها بجائزة الأوسكار، وتم إلغاء إصدار فيلمها الحائز على الأوسكار. نعم هو مجرد موقف من آلاف المواقف التي أصبحت تتكرر مؤخرا، والتي تبين كم أصبحت الصين تتحكم في سياسة هوليود بقبضة من حديد.

إرهاصات الأرباح الصينية

الصين

ما بين سنتي 2012-2013، بدأت بوادر أرباح السوق الصيني تطفو على السطح، خاصة بعد صدور فيلم Avatar  في عام 2009، والذي حقق ذلك أكثر من 200 مليون دولار، وهو ما شكل مفاجأة لهوليود والسينما الأمريكية بصفة عامة، منذ ذلك الحين، وبمجرد أن أسالت الأرباح الخيالية لعاب الصناعة الترفيهية الهوليودية، أصبحت تهتم بشكل خاص بالسوق الصيني الضخم، كما أبدى هذا الأخير بدوره اهتمامه بالسينما الأمريكية، ليس اعتباطا، ولكن لأجندة خفية ستظهر لاحقا مع مرور الوقت.

كان من الواضح في وقت مبكر أن الصين سوف تفرض رقابة على الأفلام عاجلا أم آجلا، غير أن هوليوود، توقعت -أو على الأقل تعمدت توقع- أن الصين ستخفف قيودها في وقت ما، وأن تلك السياسيات مؤقتة ليس إلا، ربما لأن الولايات المتحدة والصين لم يكونا منخرطين في هذا التنافس الكبير كما هو اليوم، ولم تكن الرقابة على الأفلام لأسباب سياسية كما هي حاليا.

ما الخطوط الحمراء؟

الصين

من أكثر الأشياء المحظورة هي تصوير التاريخ الصيني الذي لا يريدون تداوله والتعريف به أو كشفه، بالإضافة إلى عدد من الأشياء التي وضعتها الصين كقواعد، مثلا قاعدة عدم السماح للأفلام التي تدور حول السفر عبر الزمن أن تعرض في الصين، لكن الموضوع لا يكاد يخلو من التناقضات، فقد صدر فيلم صيني العام الماضي عن امرأة تسافر عبر الزمن، وتم عرضه وحقق أرباحًا تصل إلى 900 مليون دولار، ولا أحد يستطيع تفسير هذا التناقد الغريب تماما.

في غضون ذلك، تعمل السينما الصينية الآن على إنتاج أعمالها الخاصة بميزانية كبيرة، مما يقلل من اعتماد البلاد على الإنتاجات الهوليودية، على الرغم من أن بعض صانعي الأفلام الأمريكيين، مثل كوينتين تارانتينو وجود أباتو، قد تراجعوا عن مطالب الصين ورفضوها تماما، إلا أنهم استثناءات نادرة مستعدة وقادرة على تحمل أي تداعيات محتملة. لكن السينما الأمريكية تعمل عموما على إرضاء العملاق الصيني.

رقابة مشددة

الصين

مع فرض الصين الآن لقيودها الخاصة على الاستوديوهات الأمريكية، فإن صناعة الترفيه الإبداعية في أمريكا معرضة لخطر سريع بجعل الرقابة الذاتية الاستباقية هي المعيار. مثلما خضعت استوديوهات هوليوود خلال حقبة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي بشكل سيئ للضغط السياسي المحلي. اليوم، أصبحت الرقابة على الأفلام نموذجا للشركات الأمريكية التي تحرف قيمها لإرضاء الصين، لقد أصبحت الصين ببساطة مربحة للغاية بحيث يتعذر على هوليوود مقاومتها. وما قد يسميه النقاد الرقابة، تسميها استوديوهات هوليوود استراتيجية دخول السوق. ولطالما كانت هذه الظاهرة جزءًا من صناعة السينما العالمية منذ أمد طويل، غير أنها استفحلت في السنين الأخيرة.

أرباح مغرية

تفتح دور السينما الصينية شاشات جديدة بوتيرة 27 في اليوم، وبحسب إحصائيات شباك التذاكر، ستتفوق قريبًا على الولايات المتحدة لتصبح أكبر سوق للأفلام في العالم. مع مليارات الدولارات على المحك، بدأت استوديوهات السينما الأمريكية في الرضوخ لمطالب الدولة الصينية. على الرغم من أن هوليوود غالبًا ما تفتخر باستقلاليتها، إلا أن هذا الخط الثقافي لاقى نظيرته في الصين. كما أوضح كريس فينتون ، رئيس شركة DMG  Entertainment  الإعلامية في مقابلة مع The Politic ، “إذا كنت توزع أفلامًا في الصين وكان هدفك هو القيام بأعمال تجارية، فعليك احترام التفضيلات المحلية إذا.” بعبارة أخرى ، غالبًا ما يفوق إغراء السوق الصيني أهمية الحرية الإبداعية الأمريكية.

حفصة المخلص

خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال وطالبة في الماجستير، شغوفة بكل ما له علاقة بالسينما والفنون، ومتعطشة للمعرفة بكل أصنافها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى