تحمل كرة القدم في الكثير من الأحيان قدراً كبيراً من المفاجآت لمحبيها، حيث تصعد فرق مغمورة على حساب فرق عريقة، وتخسر أندية كبرى بنتائج مذلة تاريخية. إذا نظرنا في تاريخ كرة القدم، خصوصاً التاريخ الحديث، فسنجد أنّ عام 2004 حمل أكبر قدر من المفاجآت في موسم واحد في العقدين الأخيرين لكرة القدم الأوروبية، فماذا جرى بالتحديد في عام 2004؟ هذا ما سنعرضه في مقالنا اليوم.
بطل الدوري الألماني: فيردر بريمن!
لقد قرأت ذلك بشكل صحيح! نادي فيردر بريمن الألماني المعروف بأنه ناد من نوادي وسط ترتيب البوندسليغا تمكّن عام 2004 من صناعة معجزة كروية على جميع الأصعدة، وذلك حينما حقق لقب الدوري مع مدربه (توماس شاف)، والذي قضى 41 عاماً من حياته في خدمة النادي الألماني بين مدرب ولاعب.
حصل فيردر بريمن على لقب الدوري الألماني بعد تحقيقه لـ 74 نقطة بقيادة لاعب الوسط الشهير (فرانك بومان)، بمجموع 22 انتصاراً، 8 تعادلات، و4 هزائم.
للأسف، لم يتمكّن فيردر بريمن بعد عام 2004 من تحقيق أيّ لقب محلي أو قاري، وبقي إلى يومنا هذا نادياً من نوادي وسط جدول ترتيب الدوري الألماني.
فالنسيا يكتسح قطبي إسبانيا ويحقق لقب الليغا
حظي نادي فالنسيا في موسم 2003/2004 بفريق ذو أداء جبّار وشخصية قوية تمكّن النادي من خلالها من بسط سيطرته على الدوري الإسباني، وانتزاع لقب الليغا أمام أعين الغريمين الأزليين؛ ريال مدريد وبرشلونة.
قاد المدرب رافاييل بينيتيز فالنسيا إلى تحقيق هذا الإنجاز المهمّ في مسيرة النادي، حيث تفوق على أقرب المنافسين له؛ نادي برشلونة بخمسة نقاط في جدول الترتيب، كما أنّه حقق بطولة كأس أوروبا (والتي تعرف اليوم بالدوري الأوروبيّ) في ذلك العام أيضاً، ولكنّ نادي ريال مدريد حرم فالنسيا من تحقيق ثلاثية تاريخية بعد أن أقصاه من مواجهات كأس الملك الإسباني.
أرسنال ودوري اللاهزيمة
حافظ نادي أرسنال خلال السنوات الأولى من القرن الحالي على مكانة مميزة بين أندية الدوري الإنجليزي، ولكن رغم ذلك، فقد كان الوعد الذي خرج به المدرب الفرنسي أرسين فينغر مثيراً للشكوك حتى بالنسبة لمشجعي نادي أرسنال أنفسهم، وذلك حينما وعدهم بتحقيق الدوري الإنجليزي دون تلقّي أيّة هزيمة، وقد كان ذلك!
أنهى أرسنال الدوري ذلك العام برصيد 90 نقطة بعد فوزه بـ 26 مباراة، وتعادله بـ12، وعدم خسارته لأيّة مباراة.
تمّ تكريم النادي اللندني بكأس دوري ذهبية تقديراً لهم على ذلك الإنجاز الذي لم يسبق أن حدث قبل ذلك التاريخ، ولم يتكرر حتى وقتنا الحالي مرة أخرى، إلا إن كان لمانشستر سيتي رأي آخر هذا الموسم.
بورتو يحقّق الأبطال، ومورينيو يصعد إلى عصبة الكبار
كان فوز نادي بورتو بالبطولة الأوروبية الأغلى أمراً مفاجئاً على جميع الأصعدة، فالنادي ينتمي للدوري البرتغالي الذي لا يصنّف على أنّه واحد من الدوريات الخمس الكبرى الأوروبية، كما أنّه يملك عناصر متواضعة نسبة لما تملكه الأندية الأخرى المشاركة في البطولة، مع مدرّب شابّ لم يكن صيته قد ذاع بعد في الأوساط الأوربية.
حقّق نادي بورتو بطولة أوروبا بعد انتصاره على كلّ من مانشستر يونايتد، ليون، ديبورتيفو لاكورونيا، وأخيراً نادي موناكو الفرنسي في النهائي بثلاثية قاسية في ملعب شالكة في ألمانيا، ليكون ذلك إعلاناً لولادة واحد من أكبر المدربين في تاريخ كرة القدم؛ جوزيه مورينيو.
اليونان تصنع المعجزة وتحرز لقب اليورو
ليس من المستغرب أن تصعد بين الحين والآخر منتخبات تحمل لقب “الأحصنة السوداء”، تصنع مفاجآت وتحقق النصر والبطولات كاسرة بذلك التوقعات، ولكنّ منتخب اليونان يومها لم يكن حصاناً أسود عادياً، فهو منتخب لا يملك تاريخاً بالمعنى الحرفي سوى تأهله ليورو عام 1980 وكأس العالم نسخة 1994، ولم يتمكن من تحقيق انتصار واحد حتى في أيّ من البطولتين!
لكنّ عام 2004 حمل معجزة كروية بكل المقاييس جرت على أقدام لاعبي المنتخب اليوناني، حيث نجحوا بتحقيق البطولة بعد اجتيازهم لطريق صعب واجهوا فيه حامل اللقب فرنسا في ربع النهائي، ونهائي مع صاحب الأرض والمنتخب المدجج بالنجوم حينها؛ البرتغال، حيث انتهت المباراة بهدف نظيف لصالح المنتخب اليوناني من توقيع أنجيلوس كاريستياس.