ترفيه

حكاوي المونديال: نطحة زيدان وأكثر النهايات المحزنة لأفضل مشوار فني في كأس العالم

إذا كنت من الأجيال الشابة صغيرة السن التي لا تعرف عن منتخب فرنسا سوى أنه يضم مبابي وبوجبا وجريزمان وبنزيما العائد حديثًا، فهناك حقبة تاريخية غائبة عنك لا تعلم عنها الكثير. هل تعتقد أن خسارة يورو 2016 أمام هدف إيدير القاتل هي أبرز نكسات الكرة الفرنسية؟ أنت محظوظ، فربما لا تتذكر مباراة السنغال التاريخية في كأس العالم 2002.

من هو أقوى منتخب في العالم من وجهة نظرك حاليًا؟ أهي البرازيل أم الأرجنتين أم نتجه للقارة الباردة صوب فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإنجلترا؟ لم يكن ذلك الحال تمامًا منذ 25 عامًا عندما نجح منتخب الديوك في التتويج بكأس العالم 1998 الذي كان حجر الأساس وبداية ظهور منتخب قوي سيكون له كلمته خلال السنوات المقبلة، فالفوز على رونالدو الظاهرة ومنتخب السامبا لم يكن مجرد محض الصدفة ولا بسبب عاملي الأرض والجمهور، بل كان ينم فعلًا عن فريق قادم في سماء منصات التتويج بقيادة زين الدين زيدان ورفقائه.

الفوز بكأس أمم أوروبا 2000 أيضًا كان نتيجة منطقية لمشروع لاعبين ولدوا لكي يكونوا عظماء وليُسطروا تاريخًا لن يُمحى، لحق ذلك التتويج بعام واحد فقط الفوز بكأس القارات التي أقيمت في كوريا الجنوبية واليابان والبعض توقع بالفعل سطوة فرنسية على جميع المحافل الدولية الكروية خلال السنوات القادمة، فالبرازيل ما زالت جريحة وإيطاليا تتذبذب وألمانيا خارج الصورة تمامًا وإسبانيا لم تكن نضجت بعد والأرجنتين كانت تترنح بقيادة باتيستوتا وكريسبو وباقي المنتخبات لا تُضاهي نصف قوة منتخب الديوك الذي كان يزخر بالنجوم في ذلك الوقت.

إذًا ما هي البطولة القادمة التي نعرف جميعًا من سيكون بطلها بدون حرق للأحداث؟ مونديال 2002 الذي أقيم في الأراضي الآسيوية لأول مرة وتحديدًا في كوريا واليابان. هل تردد على مسامعك مُصطلح لعنة البطل أليس كذلك؟ ربما وُلد هذا المصطلح من رحم معاناة منتخب فرنسا في تلك البطولة، التي تذيل مجموعتها الأولى خلف منتخبات متواضعة للغاية وهي الدنمارك، السنغال، وأوروغواي، لا مشكلة قد تكون مُجرد كبوة حصان تصحبها استفاقة سريعة.

المحطة التالية بعد تصحيح الأوضاع وإقالة المدرب روجيه لومير والتعاقد مع جاك سانتيني كانت كأس الأمم الأوروبية 2004 في البرتغال حيث وقعت فرنسا في مجموعة الموت بصحبة إنجلترا وكرواتيا وسويسرا، ونجحت في تصدرها بجدارة ورفع سقف التوقعات مجددًا ووضع اسمها بقوة على طاولة المُرشحين بالتتويج باللقب ولكن القصة الخيالية انتهت بخروج مُفاجئ في الدور الثُمن النهائي أمام البطل المُعجزة الذي سيُتوج باللقب لاحقًا، اليونان.

بدأ الكثير في التشكيك بقدرات الديوك بعد أن كان ذلك المشروع يُتنبأ له بالسطوة المُطلقة على البطولات أو المنافسة فيها بقوة على الأقل، فمن بعد التتويج بثلاثة ألقاب في ثلاث سنوات، تبع ذلك خروج مهين توازيًا مع استفاقة البرازيل وعودتها لمنصات التتويج عبر بوابة كأس العالم 2002، استفاقة المانشافت الألماني من سُباته العميق، ظهور منتخب صاعد جديد في سماء الكرة العالمية وهو البرتغال والعديد من المنتخبات الأخرى التي قلصّت الفجوة بينها وبين فرنسا.

مشوار عظيم في مونديال ألمانيا 2006 لم يُكلل بالنجاح

كان لدى زيدان ورفقائه مهمة صعبة تتمثل في تصحيح الأوضاع وتقديم صورة مُشرفة في المحفل الدولي القادم وهو كأس العالم 2006. بقيادة المدرب الجديد ريمون دومينيك، كانت بداية الديوك متذبذبة حيث حلت ثانية خلف سويسرا المغمورة وتحتم عليها خوض مشوار مميت في الأدوار الإقصائية إذا أرادت أن تحقق شيئًا ما.

الإطاحة بإسبانيا ومن ثمّ البرازيل وأخيرًا البرتغال، كان حلمًا بالتأكيد لم يستفق منه زيدان ورفقائه سوى بعد إعلان وصولهم للمباراة النهائية لمقابلة الأزوري منتخب إيطاليا في مواجهة كلاسيكية بعد نهائي يورو 2000 المثير الذي حُسم بالهدف الذهبي.

حُبست الأنفاس واصطفت فرنسا بأكملها أمام شاشات التلفاز أملًا في تحقيق لقب كأس عالم ثاني أمام خصم عنيد نجح في هزيمة ألمانيا المضيفة في عقر دارها في نصف النهائي. البداية مثيرة للغاية، ركلة جزاء ينبري لها زين الدين زيدان الذي أسكنها في مرمى بوفون بنجاح، لتعدّل بعدها إيطاليا النتيجة عن طريق رأسية ماتيرازي الذي يُعد الشخصية الرئيسية الثانية في مقالتنا اليوم، وأعتقد أنكم عرفتم الآن عن ماذا سنتحدث.

سرق النجم جزائري الأصل الأضواء في الشوط الإضافي الثاني، ليس لتسجيله هدف الفوز لمنتخب بلاده أو حتى لتقديمه تمريرة حاسمة أو تعرضه لإصابة قوية تصحبها بعض الدراما والحزن، بل لنطحه لمدافع منتخب إيطاليا ماركو ماتيرازي في لقطة هي الأشهر في تاريخ بطولات كأس العالم بالتأكيد، فما الذي حدث بالتحديد؟

اللحظة الأكثر سوداوية في تاريخ الفرنسي

زيدان

حصل زين الدين زيدان على بطاقة حمراء في ظهوره الأخير كلاعب كرة قدم محترف، لكن ما الذي جعله يفقد أعصابه؟ لا شك أنه سيُذكر إلى الأبد باعتباره أحد عظماء اللعبة، لكن آخر ظهور له في أكثر البطولات عراقة شوهته بطاقة حمراء متهورة في المباراة النهائية لكأس العالم 2006 بين فرنسا وإيطاليا. الرجل الذي حصل على ثلاث جوائز من الفيفا لأفضل لاعب في العالم وجائزة الكرة الذهبية، إلى جانب إلهام بلاده لتحقيق المجد العالمي في عام 1998، انحنى تحت سقف الملعب الأولمبي في برلين.

في نهاية حزينة، اعتزل أسطورة يوفنتوس وريال مدريد عن عمر يناهز 34 عامًا، لكن ما سبب الانهيار الذي أدى إلى تصرفه سئ السمعة ضد الأزوري ولماذا حدثت هذه الواقعة؟ دعونا نلقي نظرة …

بعد أن تألق الرجلان وسجلا هدفي منتخب بلادهما اللذان قادا المباراة إلى وقتين إضافيين، زيدان لم يتمكن من إكمال المباراة حيث تلقى أوامر بالسير إلى خارج الملعب مطرودًا في الدقيقة 110 بعد تشابك مع ماتيراتزي في منتصف الشوط الثاني الإضافي.

زيدان

لم يرصد حكم المباراة هوراسيو إليزوندو أي حادثة مُتعلقة بالكرة، وبالتأكيد نعلم جميعًا أن هذه الواقعة حدثت في عصر ما قبل تقنية حكم الفيديو المساعد، لكن التشاور مع الحكم الرابع أدى إلى اتخاذ القرار الأصعب في تاريخ نهائيات كأس العالم. أظهرت الإعادة التلفزيونية أن زيدان دخل في نقاش مع ماتيرازي بينما شق كلاهما طريقهما إلى الميدان، حيث انتقد الأول الأخير بعدما قام بنطحه بضربة رأس وتركه يسقط متألمًا على العشب.

ما الذي فعله ماتيرازي واستفزّ زيزو كثيرًا؟

زيدان

كانت هناك تقارير صحفية في ذلك الوقت تشير بأن ماتيراتزي قد أدلى بتعليق سئ حول والدة زيدان، لكنه دائمًا ما دحض تلك الاتهامات وفاز بقضية تشهير ضد وسائل الإعلام البريطانية في عام 2009 في محاولة لتبرئة اسمه.

ولكن بالتأكيد لم يكن تصرف زيدان مُفتعلًا من لا شيء أو بدون دافع، يروي ماتيرازي ما قام به في السطور التالية:

“كان هناك القليل من الاحتكاك بيننا طوال أحداث المباراة. لقد سجل هدف فرنسا في الشوط الأول وطلب مني مدربنا (مارسيلو ليبي) مراقبته. حدثت مشاجرة أولى بيننا قبل الواقعة بلحظات، اعتذرت لكن رد فعله كان سيئًا”.

“بعد لحظات، عبست وأجاب: سأعطيك قميصي لاحقًا. أجبته أنني أفضل أن أظفر بأخته بدلًا من قميصه”.

“كانت كلماتي غبية لكنها لا تستحق رد الفعل هذا. في أي حي من أحياء روما ونابولي وتورينو وميلانو باريس، أسمع أشياءً أكثر جدية”.

“تحدثت عن أخته وليست والدته، كما قرأت في بعض الصحف. ماتت والدتي عندما كنت مراهقًا، وبالتالي لم أكن لأهينه أبدًا “.

هل يشعر زيدان بأي ندم؟

زيدان

خسرت فرنسا 5-3 بركلات الترجيح، حيث قام ديفيد تريزيجيه بإضاعة الركلة الترجيحية الحاسمة، وسارع زيدان بالاعتذار عن اندفاعه المكلف بالدم عندما عاد زملائه المحبطين إلى غرفة الملابس مع الميداليات الفضية على أعناقهم.

“لقد كان انطوائيًا للغاية ولكن عليك أن تدرك قبل تلك الحادثة أنه كان قد حصل بالفعل على 10 بطاقات حمراء في حياته المهنية. كانت هناك أوقات كاد يخسر فيها رباطة جأشه فيها، ولكن في وقت ما يفقد الكثير من العباقرة عقولهم “.

ميكائيل سيلفيستر – لاعب مانشستر يونايتد وزميله في المنتخب

ظل زيدان شديد الصمت بشأن الحادث على مر السنين، مفضلاً بدلاً من ذلك التركيز على الحاضر والمستقبل، حيث أخبر صحيفة Telefoot في العالم الحالي عندما سئل عما إذا كان يشعر بأي ندم: “أنا لست فخوراً على الإطلاق بما فعلته ولكنه جزء منه من ماضيّ. “

Mohamed Hamed

كاتب شغوف بالسينما والدراما، مُحب لعالم الغموض والألغاز والجرائم وأمتلك قدر لا بأس من المعرفة في عالم الرياضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى