الكرة الذهبية هي جائزة رياضية تُوزع كل عام وتُمنح لأفضل لاعب كرة قدم في العالم. لسوء الحظ، لا تذهب دائمًا إلى اللاعب الأكثر استحقاقًا. على غرار الانتخابات والتصويتات واستطلاعات الرأي، غالبًا ما تذهب الكرة الذهبية إلى الشخص الأكثر شعبية في ذلك الوقت، وتتغير معايير الاستحقاق بشكل كبير في العديد من الأوقات وترتبط بأمور أخرى بخلاف أداء المُرشحين داخل الملعب.
كما أظهرت سجلات التاريخ، من المرجح أن يفوز اللاعبون المهاجمون والهدافون بالكرة الذهبية أكثر من أولئك الذين يبقون الكرة خارج الشباك. لم تُمنح الجائزة، التي تم توزيعها منذ عام 1956، للاعبين المهاجمين فحسب، بل ذهبت في بعض الأوقات إلى لاعبين من أندية معينة.
حصد لاعبون من ريال مدريد وبرشلونة الجائزة في 23 مناسبة مختلفة. على الرغم من أنه يمكن الجدل بأن الدوري الإسباني يحتوي على قدر ضئيل من المنافسة الموسمية ولا يُعد الدوري الأقوى على الساحة، إلا أن المختصين بالتصويت غالبًا ما يتأثرون بلاعبي القطبين.
وبالحديث عن عدم الأحقية، سنقوم بتسليط الضوء في تلك المقالة على المناسبات التي تُوّج فيها بالكرة الذهبية من لا يستحق، إنه أمر مُحبط أن يتم هدر جميع مجهودات المرشحين الأحق بالفوز بالجائزة من أجل إهداءها للاعب غير جدير بنيل ذلك الشرف.
إيغور بيلانوف (1986)
هل تتذكرون “يد الرب”؟ الهدف المُخلّد الذي سجله الأسطورة الراحلة دييجو أرماندو مارادونا بيده في كأس العالم 1986، والذي كان بلا شك أفضل لاعبي العالم في ذلك الوقت ولكنه للأسف لم ينجح في التتويج بالكرة الذهبية حينها نظرًا لأنها كانت تُمنح للاعبين المتواجدين داخل القارة الأوروبية فقط. معيار ظالم أهدى الجائزة إلى مهاجم دينامو كييف الأوكراني، إيغور بيلانوف الذي قاد فريقه للتتويج بكأس الكؤوس الأوروبية في ذلك العام، وهي بطولة أوروبية لُعبت خلال القرن الماضي وتُعادل دوري أبطال أوروبا في الوقت الحالي.
بافيل نيدفيد (2003)
قبل عصر ميسي ورونالدو، كان تسجيل 42 هدفًا وتقديم 26 تمريرة حاسمة يُعد أداءً خارقًا بالتأكيد. هذه كانت إحصائيات المهاجم الفرنسي تيري هنري لاعب أرسنال حينها الذي مثّل دورًا رئيسيًا في موسم أرسنال التاريخي الذي تُوج في النهاية بحصوله على دوري اللاهزيمة الأشهر في التاريخ، واعتقد الجميع بعد ذلك أن مسألة حصوله على الكرة الذهبية هي مجرد وقت، أو إذا كان هناك مرشح آخر أحق بالفوز فيجب أن يكون باولو مالديني الذي قاد الميلان للتتويج بدوري الأبطال. ولكن ذهبت الجائزة في النهاية إلى اليوفي وصيف الميلان حيث تُوج بها التشيكي بافيل نيدفيد في مفاجأة كبيرة صدمت مجتمع كرة القدم وأحقية تعد موضع شك حتى وقتنا هذا.
فابيو كانافارو (2006)
غالبًا ما يتم اعتبار الإيطالي استثناءً للقاعدة عندما يدّعي الناس أن المدافعين لا يمكنهم الفوز بالكرة الذهبية. أثبت الصخرة الإيطالية أنه يمكنهم ذلك، لذا فهذه أخبار جيدة لمدافع ليفربول فيرجيل فان ديك بالتأكيد. كان تتويج كانافارو بكأس العالم مع منتخب بلاده في عام 2006 هو المعيار الرئيسي الذي ساهم في تحقيقه الجائزة، وهو نفس ما ينطبق على زميله حارس المرمى جانلويجي بوفون، الذي شعر الكثيرون حينها أنه كان أكثر استحقاقًا بالتتويج بالبالون دور نظرًا لأدائه الفردي المتميز طوال مراحل البطولة.
أندري شيفتشينكو (2004)
لا يُمكن إنكار حقيقة أن المهاجم الأوكراني كان رائعًا للغاية ذلك العام مع فريقه ميلان الإيطالي، حيث قاده للتتويج بلقب الدوري ونجح في الحصول على لقب الهداف كذلك، ولكن لا يُمكن مقارنة إنجازاته بلاعب الوسط البرتغالي ديكو الذي نجح بالتتويج بأربعة بطولات مع فريقه بورتو في ذلك العام: الدوري البرتغالي، كأس السوبر البرتغالي، دوري أبطال أوروبا، كأس الانتركونتيننتال (بطولة سوبر كانت تجمع بين بطلي أوروبا وأمريكا الجنوبية).
كريستيانو رونالدو (2013)
كان مهاجم ريال مدريد استثنائياً في عام 2013، لكنه أثار الجدل بشدة عندما فتح بيليه الظرف وتلا اسمه مُتوجًا بالكرة الذهبية. لم تكن أهدافه الـ 66 في 56 مباراة كافية لإقناع بعض الناس بأن الجائزة لا ينبغي أن تذهب إلى الجناح الفرنسي فرانك ريبيري، الذي لعب دورًا رئيسيًا في فريقه بايرن ميونيخ بالثلاثية التاريخية (الدوري الألماني – كأس ألمانيا – دوري أبطال أوروبا). جاء الفرنسي في المركز الثالث في النهاية، وحل ميسي في المركز الثاني في عام تُوّج فيه من لا يستحق بالكرة الذهبية.
ليونيل ميسي (2010)
اسأل أي مشجع عن ذكرياته الكروية لعام 2010 ومن المؤكد أنه لن يتجاهل فوز إسبانيا بكأس العالم. بعد أن أصبحت أول دولة تفوز بالبطولة خارج قارتها، كان يُعتقد أن أحد ثنائي المنتخب أندريس إنييستا وتشافي سينجح في الظفر بـ الكرة الذهبية. بدلا من ذلك، كان زميلهم في برشلونة ميسي هو الفائز في النهاية والذي – لكي نكون منصفين – لم يكن سيئًا على الإطلاق في هذا العام حيث تُوج بلقب الدوري والهداف هذا العام.
ومع ذلك، كان تتويج تشافي أو انييستا بالكرة الذهبية سيبدو أكثر أحقية وذلك بسبب نجاحهم في الظفر بأغلى الكؤوس على الإطلاق وتحديدًا انييستا الذي سجل هدف الفوز القاتل في المباراة النهائية، لم يُخفي البعض كذلك أحقية لاعب الوسط الهولندي ويسلي شنايدر أيضًا في الظفر بالبالون دور والذي خاض موسمًا مثيرًا للإعجاب بشكل كبير في ذلك العام حيث قاد منتخب بلاده لوصافة المونديال، ولكن في المقابل حقق ثلاثية تاريخية مع إنتر ميلان الإيطالي كانت كفيلة بتتويجه بالكرة الذهبية.
لويس فيجو (2000)
حسنًا، لم يكن هذا هو الشيء الأكثر إثارة للجدل الذي فعله فيغو في عام 2000. الانتقال من برشلونة إلى ريال مدريد يُمثل خيانة تاريخية لم ولن ينساها مُشجعي البلاوجرانا حتى قيام الساعة. تسبب فوز البرتغالي المفاجئ بـ الكرة الذهبية في مزيد من الضجة بعد أن تفوق على زين الدين زيدان في سباق الفوز في مطلع القرن. ومن المثير للاهتمام أن فيجو نفسه قال لاحقًا إن فرانشيسكو توتي لاعب روما كان الأجدر في الفوز بالجائزة، حيث قال في رسالة إلى الإيطالي:
“آسف لسرقة الكرة الذهبية في عام 2000، لقد استحقتها أنت بلا شك”.
لوكا مودريتش (2018)
لقد كانت قصة إنسانية مُلهمة حقًا في ذلك العام عندما قاد لاجئ سابق موطنه كرواتيا إلى نهائي كأس العالم. شعر الكثير أيضًا أنه لسنوات، لم يحصل لاعب خط وسط ريال مدريد على التقدير الكافي الذي يستحقه لأنه لم يكن من لاعبي الوسط الهدافين. تأرجح البندول في الاتجاه الآخر في عام 2018 عندما تم الإشادة به كأفضل لاعب في العالم بينما تأجل حصول ميسي على الكرة الذهبية السادسة – والذي كان يرى الكثير أنه الأحق بالفوز بهذه الجائزة – حتى العام التالي.
مايكل أوين (2001)
يظل أوين آخر لاعب إنجليزي يفوز بهذه الجائزة المرموقة. سجل مهاجم ليفربول آنذاك 24 هدفًا في 46 مباراة حيث فاز الريدز بكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس رابطة الأندية المحترفة وكأس الاتحاد الأوروبي، كما مثّل دورًا محوريًا في مشوار منتخب إنجلترا في تصفيات كأس العالم 2002. احتل حارس المرمى الألماني أوليفر كان المركز الثالث ولكن جاء راؤول في المركز الثاني حيث كان الظلم الحقيقي يكمن. بينما كان أبدع مايكل أوين في كأس الاتحاد الأوروبي، نجح مهاجم ريال مدريد في الحصول على لقب هدافي الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا كذلك.
ماتياس زامر (1996)
من الصعب تخيل فوز لاعب وسط دفاعي بـ الكرة الذهبية الآن بالتأكيد، أليس كذلك؟ ضع في اعتبارك أنه كان أمرًا مُفاجئًا تمامًا أيضًا في 1996 عندما فاز ماتياس زامر بفضل أدائه الرائع مع بوروسيا دورتموند وألمانيا في ذلك العام. لقد كان لاعبًا قويًا وصلبًا بلا شك، لكنه لم يأسر الخيال تمامًا مثل الظاهرة رونالدو نازاريو الذي بدأ بريقه في اللمعان مع برشلونة في تلك الفترة وكان الأحق بالتتويج بكل تأكيد.
هؤلاء اللاعبون لم يستحقوا الفوز بالكرة الذهبية وكان هناك من هم أجدر منهم بالتتويج، يبدو أن معايير الاختيار الخاصة بالجائزة تنحاز أحيانًا لبعض العوامل الأخرى الغير رياضية مثل شعبية اللاعب / الفريق، المكاسب الاقتصادية والتسويقية من تفضيل لاعب ما على غيره وأيضًا نفوذ وسُلطات رؤساء الأندية داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، كل تلك العوامل تعود لأن تطفو على السطح كل عام عند إقامة حفل الإعلان. بالتأكيد هناك سنوات تُوّج فيها من يستحق ولكن هناك مرات أخرى كثيرة خسرها الأفضل ولا شيء يستطيع تعويضه عن ذلك سوى عرفان وتقدير الجماهير له الذي لن يُنسى أبدًا والذي يُعد أفضل من خزانة كبيرة ممتلئة بالكرات الذهبية.