اقترن في السنوات الماضية لقب فخر العرب باللاعب المصري في صفوف ليفربول “محمد صلاح” ولكنه في الحقيقة لقب يستحقه كل من يقوم بعمله على أكمل وجه، رافعًا اسم بلاده ومجتمعه الذي خرج من صلبه عاليًا.
محمد دياب المخرج المصري بسبب قدراته وطموحه استطاع أن يغير مفاهيم هوليوود ومجتمع الفنانين ومحبي الفن نهائيًا، كيف لا وهو يقوم بتغيير ثوري لصورة مصر والمصريين من خلال مسلسل مارفل الجديد فارس القمر (Moon Knight).
مخرج مصري يصل إلى العالمية، والجميع يتسائل كيف ومتى ولماذا؟ في مقال اليوم نستعرض معًا مشوار محمد دياب من وظيفة نمطية كالمحاسبة للعالمية.
بصمة مميزة لأفلام مصرية خالدة
لقد درس محمد دياب وتخرج من كلية التجارة وإدارة الأعمال، عمل في بنك بالقاهرة، ولكن في وقت ما أدرك صعوبة استمراره في تلك المهنة، حيث أنه كان هاوً للكتابة وعاشق لها، ترك عمله عام 2005 وأراد أن يلاحق حلمه وهوايته فاتجه إلى دراسة فن كتابة السيناريو في أكاديمية نيويورك للسينما.
تميز محمد دياب ككاتب فقدم لنا تحفة فنية من الأفلام المصرية التي بقيت كثيراً في الأذهان وظلت أفلامه ذات طابع خاص في قلوب المصريين، فقد كانت أفلام مميزة ومختلفة للغاية ومثيرة للجدل، ومن اعماله:
– فيلم “الجزيرة” بطولة أحمد السقا.
– فيلم “ألف مبروك” بطولة أحمد حلمي.
– فيلم “بدل فاقد” بطولة أحمد عز.
– فيلم “678” بطولة نيللي كريم
– فيلم “أحلام حقيقية” بطولة حنان ترك.
لم يكتفي محمد دياب بكتابة سيناريوهات فقط، ولكن اتجه إلى الإخراج، حيث قام بإخراج فيلم له طابع خاص جداً وهو فيلم “اشتباك” الذي كان أولى خطواته تجاه العالمية حيث تم عرض الفيلم في الخارج ونال نجاح كبير عالمياً.
مجازفة كبيرة أدت لتحقيق حلم أكبر
قبل ثلاث سنوات، قرر دياب أن ينتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، حزم أمتعته ورحل ليواجه الكثير من الصعوبات والعقبات أمامه، وحينما بدأت مارفل في البحث عن مخرج لمسلسل فارس القمر، خاض كل الاختبارات وقرر أن ينافس الجميع من أجل أن يحصل عليه لأن مصر المعاصرة تلعب دوراً رئيسياً في هذا المسلسل، ليقع الاختيار عليه، ويصبح أول عربي مصري ينال هذا الأمر.
من السينما المصرية للسينما العالمية
منذ بدايته الفنية، كان يحلم بالعمل في هوليوود، وقد كان كثيراً ما يبحث عن أعمال مناسبة له في الخارج ورفض العديد من الأعمال، إلى أن جاء أمامه مشروع مسلسل “فارس القمر” ولأن مصر كان يتم تمثيلها في أعمال هوليوود بشكل خاطيء أراد أن يعبر عن حقيقتها للجميع.
حيث سابقاً، قام بانتقاد فيلم Wonder Woman 1984 لأنه مثال غير واقعي لتجسيد مصر قائلاً: “على مدار السنين، جسدت هوليوود مصر بشكل غير واقعي يظهر المصريين عاريين ومثيرين، وهذا يقلل من شأننا.”
وقد صرح مؤخراً بأنه سيبذل أقصى جهد أثناء تصوير “فارس القمر” ليظهر مصر على حقيقتها، وحصوله على مسلسل فارس القمر كان الفرصة لتغيير صورة مصر في أعمال هوليوود وقد حقق ذلك على أكمل وجه.
إبداع بلمسة مصرية في عالم مارفل السينمائي
استطاع دياب أن يضيف لمسته الخاصة التي أذهلت الجميع وقدم لنا صورة مثالية وإخراج عالمي وإبداع على أعلى مستوى، يقول محمد دياب بعد عرض المسلسل:
“جزء مما كنت أطمح إليه كان أن يرى المشاهدون مصر على حقيقتها، بلد معاصر، ليست صحراء العصور الوسطى التي تظهر في الأفلام الأمريكية ،فهي أكبر من ذلك وبها العديد من مواقع التصوير المميزة التي يجب أن يراها العالم، وكنت واثقا من أنني سأحصل على فرصة إخراج العمل لأنني فهمت الموضوع جيدا وقدمته بشكل جيد”.
أمنية للتصوير في مصر: فرصة ثمينة ضائعة
واجه محمد دياب صعوبات في الإجراءات بمصر إذ كان من المقرر تصوير مسلسل فارس القمر في مصر، ولكن بسبب حدوث تأخير في الحصول على التراخيص تم تصوير المسلسل في المجر، وخسرت مصر الكثير من الأموال، حيث تم إنفاق 3 مليار جنية مصري أثناء التصوير في المجر!
كيف قدم محمد دياب تجربة مختلفة لمسلسلات مارفل؟
استطاع المخرج محمد دياب إثارة جدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي منذ بداية عرض مسلسل فارس القمر خصوصاً في الأوساط العربية حيث فوجئ الجميع بالموسيقى التصويرية للمسلسل من انتاج المبدع هشام نزيه والمفاجئة الأخرى كانت أغنية “خسارة” لعبدالحليم حافظ، واستطاع المخرج لمس قلوب المصريين بإختياره لأغنية “بحلم معاك” لنجاة الصغيرة، الأغاني جاءت متنوعة من حيث الطابع الكلاسيكي والطابع الشعبي كأغنية “الملوك” لأحمد سعد، وجميعها أضافت إلى المسلسل نكهة خاصة، وجعلتنا نشعر بروح وبصمة مصر في عالم مارفل.
ولم يتوقف الأمر على الموسيقى التصويرية والأغاني بل حرص المخرج على إبراز بعض الفنانين المصريين، حيث أن هدفه الأول هو تمثيل مصر وإظهار مواهبها، فكانت في النسخة الأولية للمسلسل كانت البطلة المسلسل ستمثلها فتاة إنجليزية ولكن قام المخرج بتعديل النسخة واختيار “مي القلماوي” لدور البطلة الرئيسية “ليلى الفولي”، والتي أضافت للمسلسل طابع كوميدي وأداء تمثيلي أعجب المشاهدين في العالم أجمع.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فبجانب الفنانين المصريين أضافت مصممة الأزياء ريم العدل لمسة خاصة باختيارها للملابس في المشاهد المصرية بالتعاون مع مصممة أزياء المسلسل ميجان كازبرليك.
وعلق محمد دياب عن مشاركة المواهب المصرية المختلفة في المسلسل: “مصر مليئة بالمواهب وأتمنى أن يعمل العديد من المصريين في مشاريع مثل Moon Knight، وأن شركة مارفل سعدت بالعمل مع مصريين، وتود العمل معهم مجددًا.”
الخلاصة:
حياة محمد دياب ملهمة وتؤكد للجميع أن من يسعى وراء حلمه بالتأكيد سيصل إليه يوماً ما، مهما كانت الصعوبات والتحديات عليك السعي وتذكر أن كل عقبة في طريقك ليست هي النهاية مادام هناك أمل وإرادة.
نحن سعداء بمحمد دياب تمامًا كما نحن سعداء بالنجم المصري الآخر محمد صلاح لأن دياب خرج من بيئة مشابهة لأي مواطن مصري مكافح يملؤه الطموح ويمتلك الرؤية لتغيير الأوضاع التي لا تعجبه. دياب أيضًا حرص على أن يظهر ما قد يتردد المخرجون المصريون في إظهاره بالخارج، الثقافة المصرية الحديثة متمثلة في الموسيقى العربية الراقية، من “بتونس بيك” لوردة إلى “شغلوني” للعندليب، و “سالكة” لويجز ، وصولًا إلى الملوك لتظهر التنوعية الموسيقية المصرية في أبهى صورها. يكفينا أن نشاهد ردود الأفعال التي تملأ اليوتيوب من المشاهدين غير العرب وهم يستمتعون بتلك الأغاني ويشعرون بقوة بالهوية المصرية فيها. لم ير الكثير من غير العرب هذه الجوانب من مصر سابقًا، وهكذا فتح دياب الأبواب على مصراعيها ليتعرف الجميع على مصر الحديثة بشكل أكبر.