ترفيهفن

مجموعة “فلايين كوليتاس” البوليفية…حينما تغدو المصارعة أسلوبا للاحتجاج

المصارعات البوليفيات ذوات التنانير الملونة اللواتي يناضلن من أجل حقوق المرأة

في بداية القرن الحادي والعشرين، دخلت نساء بوليفيا عالم المصارعة المحترفة البوليفية لأول مرة، وأصبحت المجموعة معروفة باسم Flying Cholitas ، وتتكون بالكامل من النساء الأصليات لمدينة  “El Alto إل ألطو” التي تعتبر أكبر مدينة في أمريكا اللاتينية ويقطنها سكان أصليون، كما اشتهرت طوال تاريخ بوليفيا بروحها الثورية. أما مصطلح “كوليتاس” الذي سميت عليه المجموعة فهو مشتق من “تشولا”، وهي عبارة تستخدم للإشارة إلى النساء من السكان الأصليين أو مختلطي الأعراق بطريقة ازدرائية وسلبية، غير أنها أصبحت تُستخدم الآن بطريقة إيجابية للإشارة إلى نساء الشعوب الأصلية في جميع أنحاء بوليفيا، وذلك بفضل المحاربات والمصارعات اللواتي اتخذن من رياضة المصارعة أسلوبا لإثبات قوة المرأة ودفاعا عن حقوقهن المهضومة وافتخارا بهويتهن كنساء بوليفيات أصليات. فلماذا مدينة “إل ألطو” بالضبط؟ وما هي مجموعة “فلايين كوليتاس”؟ وما أهدافها؟

مدينة “إل ألطو El Alto”

إل ألتو، الواقعة على جبل يطل على عاصمة بوليفيا، لاباز، والتي تمت محاصرتها مرتين في القرن الثامن عشر، ثم في عام 2003، وذلك خلال حرب الغاز البوليفية التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس “غونزالو سانشيز دي لوزادا”، بعد ذلك، دعم سكان المدينة بقوة أول رئيس من السكان الأصليين، “إيفو موراليس” ، في عام 2005. وتجدر الإشارة إلى أن السكان الأصليين في بوليفيا كانوا قد وقعوا ضحية لأشكال مختلفة من العنصرية المؤسسية عبر التاريخ، حيث حُرموا من مختلف الخدمات المدنية، مثل الحق في التصويت وتلقي التعليم العالي، ومع ذلك، خلال فترة وجوده في منصبه، فتح “إيفو موراليس” مناصب حكومية للكوليتاس، ونتيجة لذلك، تم تمكين نساء الشعوب الأصلية من لعب دور في صياغة الدستور الجديد، وهو ما تقوم به مجموعة “فلايين كوليتاس” حيث تعمل على تمكين النساء الأصليات من تجسيد هذه الروح الثورية اليومية، مما يجعلها تحظى بشعبية كبيرة.

ما هي مصارعة “كوليتاس”؟

عندما تشكلت مجموعة “فلايين كوليتاس” لأول مرة، ساهمت في زيادة مبيعات التذاكر لـمجموعة  “Titans of the Ring” التي يهيمن عليها الذكور، مع العلم أن كلاهما الذكور والإناث، يستلهمون القواعد والأساسيات بشكل كبير من مصارعة المكسيك المحترفة، والمعروفة باسم “lucha libre” ، حيث تم اعتماد الحركات الاستعراضية الخاصة بكل مصارع، وموسيقى الدخول، وديناميكية البطل مقابل الشرير – المعروفة باسم “técnicas”. لكن فيما يخص الأزياء، فإن ملابس المصارعات البوليفيات تختلف بشكل ملحوظ عن ملابس “lucha libre” وغيرها من أشكال المصارعة المحترفة. فبدلاً من البيكينيات والسباندكس، ترتدي المجموعة ملابس مشابهة لتلك التي يرتدونها في الشوارع والمنزل، ففي الحلبة عادة ما ترتدي المصارعات قبعات البولينج والضفائر الطويلة والشالات والتنانير ذات الثنيات من شتى الألوان الزاهية والمتنوعة، والغرض من ذلك هو إظهار الفخر بتراثهن وتمييزهن عن النساء اللواتي يرتدين البنطلونات من باقي السكان. ولكي تصبح المرأة البوليفية مصارعة، يجب أن تخضع لتدريب لمدة عام قبل استلام الشهادة التي تخول لها ممارسة المصارعة، بالإضافة إلى السماح لهن بالقتال، فإن الشهادة هي رمز للفخر ودليل على قدرتهم على كسب المال من خلال المهارة والعمل الجاد.

الفروقات الجنسية في بوليفيا

بوليفيا لديها أعلى معدل للاعتداء المنزلي والجنسي في أمريكا اللاتينية، ففي عام 2015، أبلغت 70٪ من النساء عن تعرضهن لشكل من أشكال الإيذاء الجسدي أو النفسي، حيث غالبًا ما يؤدي نقص الفرص المالية للمرأة إلى البقاء في هذه العلاقات الضارة، وللإشارة فقد كانت عضوات مجموعة “فلايين كوليتاس” أيضا ضحايا لسوء المعاملة، فارتأوا الانضمام إلى الرياضة كمتنفس لغضبهم، لتغدو الآن فضاء عاما لإدراك قوة المرأة، خاصة في المباريات المختلطة حيث تقاتل النساء الرجال. ومع ذلك، كان على المجموعة القتال خارج الحلبة أيضًا للحصول على مزيد من المساواة في الرياضة.

في البدايات الأولى ل”فلايين كوليتاس”، لم تحصل العضوات على أجر وتم منعهن من استخدام غرفة خلع الملابس، وتدريجيا مع انتشار شعبيتهن، اكتسبت المصارعات قدرًا أكبر من الاستقلالية، فقمن بتشكيل جمعية لمحاربة التمييز على أساس الجنس، وناضلن من أجل حق تنظيم معاركهن واستخدام المرافق، وفعلا حققوا مطالبهن وأصبحت عضوات المجموعة تتقاضين أجورًا مقابل عملهن، حوالي 20 إلى 25 دولارًا لكل مباراة، حيث يساعد هذا الدخل الإضافي المصارعات في تسجيل أطفالهن بالمدرسة ويمنحهم حرية أكبر واستقلالية من أزواجهن. بعد 20 عامًا، ذاع صيت المجموعة أكثر فأكثر، حيث أصبحت الفنادق تقدم باقات تتضمن تذاكر لعروضهن، فأصبحت المجموعة تسافر في جميع أنحاء بوليفيا لخوض معاركهن الصاخبة والترفيه عن الجمهور. وعموما أصبح لهذه المجموعة تأثير قوي في تغيير النظرة إلى نساء الشعوب الأصلية في بوليفيا، كما تامل في الاستمرار في إحداث تأثير كبير في السنوات القادمة.

حفصة المخلص

خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال وطالبة في الماجستير، شغوفة بكل ما له علاقة بالسينما والفنون، ومتعطشة للمعرفة بكل أصنافها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى