ترفيه

حكاوي المونديال: عندما أذلّت ألمانيا البرازيل بسباعية في قلب المينيراو

شهدت نهائيات كأس العالم للرجال 2014 استضافة البرازيل للبطولة للمرة الثانية فقط، بعد خيبة الأمل الكبيرة في عام 1950. عانت البرازيل من عار لازمها لمدة طويلة بسبب هزيمة غير متوقعة أمام أوروجواي في المباراة الحاسمة للدور النهائي عندما احتاجت فقط إلى التعادل للفوز باللقب في ملعب ماراكانا. كانت هذه فرصة ذهبية لطرد شبح النكبة والحزن، بعد 64 عامًا على ذكرى سوداء ستظل عالقة في أذهان الشعب البرازيلي.

قبل عام 2014، من غير المرجح أن يكون هناك فريق آخر يتعرض لضغوط كبيرة مثلما يقع على كاهل السيليساو – إما أن يفوزوا بالذهب الخالص أو يوصموا بالعار للأبد. عشية البطولة، صرح المدرب لويس فيليبي سكولاري أنه “لا يوجد هدف آخر نحن مهتمون به”. لسوء حظ البرازيل وسكولاري، انتهت مهمتهما بفشل ذريع.

حشد شعبي هائل لتعويض إخفاق عام 1950

كان سكولاري قد فاز بالفعل بلقب كأس العالم مع البرازيل في 2002، قبل أن يعود في نوفمبر 2012. رأى الكثيرون عودته إلى السيليساو على أنها شعبوية خالصة، ولكن بعد بداية هشة، قاد المدرب المتمرس البرازيل للفوز بلقب كأس القارات 2013 على أرضه وبين جماهيره، في حين عانى فريقه من هزيمة واحدة فقط في 15 مباراة سبقت مباراة نصف النهائي أمام ألمانيا – والتي كانت مباراة ودية خارج أرضه قبل أقل من عام بقليل.

ستكون المباراة هي الرابعة على التوالي في نصف نهائي البطولة الأكبر في عالم كرة القدم للألمان، لكن المباراتين اللتين جاءتا في نهائيات كأس العالم (2006 و 2010) حملتا ذكرى سيئة لأن المانشافت خسر أمام إيطاليا وإسبانيا على التوالي.

وصل فريق يواكيم لوف إلى البرازيل كثاني أفضل منتخب في العالم خلف إسبانيا التي ستُودّع البطولة لاحقًا بطريقة محرجة، حيث احتلت المركز الثالث في مجموعتهم وتمكنت فقط من التغلب على أستراليا في المباراة الأخيرة في المجموعة. ربما كانت البرازيل تشعر بالضغط من جمهورها، لكن ألمانيا تعرضت لضغوط خاصة بها كأفضل فريق بقي في المسابقة على الورق.

لم تتعرض البرازيل لهزيمة رسمية على أرضها منذ 39 عامًا، منذ خسارتها 3-1 أمام بيرو في نسخة 1975 من كوبا أمريكا – حيث حظيت بسلسلة من 62 مباراة متتالية دون خسارة. كل هذا على وشك التغيير بأكثر طريقة مهينة ممكنة.

بدون نيمار وتياجو سيلفا، البرازيل أمام الطوفان الألماني

بدأت البرازيل بدون اثنين من أهم لاعبيها في مباراة نصف النهائي. اضطر تياجو سيلفا إلى مشاهدة المباراة من المدرجات بعد تلقي الإنذار الثالث في مباراة ربع النهائي، لعرقلة حارس مرمى كولومبيا ديفيد أوسبينا أثناء محاولته تسديد ركلة، لكن الغياب الأكثر آلمًا كان نيمار، نجم كرة القدم البرازيلية وقتها والذي تعرض لإصابة مؤلمة أمام كولومبيا في الجولة السابقة، حيث اصطدمت ركبة المدافع خوان كاميلو زونيغا بعموده الفقري، مما تسبب في كسر في فقرة من الفقرات.

عندما نزل الفريقان إلى أرض الملعب، تم تسليط الضوء على غياب نيمار من قبل اللاعبين الذين حملوا قميصًا عليه اسمه أثناء النشيد الوطني في مؤازرة لزميلهم المصاب في الفريق. في ذلك الوقت، بدا هذا وكأنه انتصار نفسي لخصمهم الألمان، حيث بدا أن البرازيل في حالة حداد غريبة على إصابة زميلهم المؤسفة. كان الحداد هو الشعور السائد فعلًا بعد ساعات قليلة، بعد أن دُمرّت البرازيل على أرض الملعب.

بالنسبة لألمانيا، ترددت شائعات بأن ميروسلاف كلوزه سوف يكون على مقاعد البدلاء بعد أداء متواضع في المباراة السابقة الوحيدة التي بدأ فيها أساسيًا في البطولة، والتي نجح فيها المانشافت في اقتناص فوز 1-0 على فريق فرنسي فقير في ربع النهائي.

كان كلوزه قد سجل هدفه الخامس عشر في كأس العالم في دور المجموعات ضد غانا وكان بحاجة إلى هدف آخر فقط ليتفوق على رونالدو ويصبح أفضل هداف في تاريخ كأس العالم. عندما تم الإعلان عن التشكيلة الأساسية وظهور كلوزه أساسيًا، كان يعلم أن هذه قد تكون فرصته الأخيرة للقيام بذلك – وأمام رونالدو نفسه، الذي كان يجلس في مدرجات ملعب المينيراو.

عندما بدأت المباراة ، خرجت المباراة من خطوطها الخلفية مُهاجمة رغبةً في إرضاء الجماهير المنتظرة، اندفعوا للأمام من البداية وفازوا بضربة ركنية في غضون 37 ثانية، مؤشر جيد ربما أليس كذلك؟

“اتقل تتكيف”: دُش ساخن بسبعة أهداف لمنتخب البرازيل

ومن الركنية الأولى لألمانيا في الدقيقة 11، تُرك توماس مولر بدون رقابة على الإطلاق لينجح في تسجيل الهدف الافتتاحي للمباراة من خارج منطقة الست ياردات. كان من المفترض أن يتم مراقبة الألماني متعدد الاستخدامات من قبل ديفيد لويز، لكن المدافع فقد مساره تمامًا – مع مساعدة إضافية من كلوزه – ولم ينجح في لم شتاته أبدًا في باقي أطوار المباراة حيث استمر هذا الحال خلال الدقائق الـ 79 المتبقية.

كان هذا هو الهدف العاشر لمولر، والهدف الأخير له في لكأس العالم، حيث فشل الألماني في التسجيل في المباراة النهائية أو المباريات الثلاث التي لعبتها بلاده في نسخة 2018. هناك فرصة جيدة لأنه سيشارك في نهائيات كأس العالم 2022 وسيتطلع إلى مطابقة رصيد يورغن كلينسمان من 11 هدفًا في كأس العالم لألمانيا – فقط جيرد مولر (14) وكلوزه (16) سجلا أكثر في تاريخ البطولة بقميص الماكينات.

كان هدف مولر أيضًا الهدف رقم 2000 لألمانيا في تاريخها – لقد استمروا في الاحتفال بهذا الإنجاز بستة أهداف أخرى عبر هذه المباراة، بما في ذلك أربعة في ثقب زمني أسود مدته ست دقائق و 41 ثانية – كل ذلك قبل نهاية الشوط الأول.

كان الهدف الثاني لألمانيا عن طريق ميروسلاف كلوزه حيث نجح في تحطيم الرقم القياسي الذي كان يشغل خاطره، متقدماً بفارق هدف واحد على رونالدو ليصل إلى 16 هدفاً في كأس العالم. كان هذا هو هدفه 71 والأخير لبلاده، حيث احتسبت أهدافه في كأس العالم نحو 22.5٪ من إجمالي أهدافه مع ألمانيا وأكثر مما سجله في مباريات التأهل للبطولة طوال مسيرته (13).

سجل توني كروس هدفين في غضون دقيقة واحدة وثماني ثوانٍ ليضع ألمانيا في المقدمة 3-0 ثم 4-0. بين الهدف الأول والثاني، تناقلت ألمانيا الكرة لمدة أربع ثوان فقط – حيث استولى كروس على الكرة من فرناندينيو، قبل أن يتبادل التمريرات مع سامي خضيرة ويسدد الكرة في مرمى جوليو سيزار لتسكن شباك منتخب البرازيل الجريح. كان خضيرة نفسه هو من أضاف الهدف الرابع بعد ثلاث دقائق و 43 ثانية فقط، الذي جاء بعد أداء دفاعي مروع بشكل مثير للإشمئزاز من البرازيل.

بين الدقيقتين 20 و 30 من المباراة، أكملت ألمانيا 25 تمريرة فقط لكنها سددت 6 مرات على المرمى وسجلت من أربعة منها. لقد كان عرضًا رائعًا عن كرة القدم الهجومية، مما ترك اللاعبين البرازيليين والمشجعين مصدومين تمامًا.

في تاريخ بطولة كأس العالم، كانت الفرق الأخرى الوحيدة التي وجدت نفسها متأخرة بخمسة أهداف في الشوط الأول هي زائير (أمام يوغوسلافيا في عام 1974) وهايتي (أمام بولندا في نفس العام)؛ ليس هذا هو نوع الأرقام القياسية التي اعتادت البرازيل على تحقيقه أبدًا.

البرازيل

أظهر الألمان مزيدًا من الرحمة للبرازيل في الشوط الثاني، حيث لم تكن الفترة الثانية أسوأ من الدقائق الـ 45 الافتتاحية التي شهدت صيحات استهجان صاخبة على أصحاب الأرض من قبل جماهيرهم في الشوط الأول. خفّ فريق المدرب يواكيم لوف حدّة موقفه الهجومي، ومع ذلك تمكن من زيادة النتيجة إلى 7-0 بفضل ثنائية من البديل أندريه شورله – اللاعب الألماني الأول والوحيد حتى الآن الذي سجل أكثر من مرة في مباراة واحدة في كأس العالم بعد مشاركته من على مقاعد البدلاء.

كان عزاء أوسكار عن طريق تسجيل هدف شرفي للبرازيل لم يُسمن ولم يُغني من جوع، حتى لو مثّل إفسادًا قليلًا ليوم مثالي للدفاع الألماني وكذلك حارسهم الأسطوري مانويل نوير.

مباراة الـ 7 أهداف أصبحت أسوأ كابوس للبرازيل، حيث تُعد هذه أكبر هزيمة لهم من أي نوع منذ ما يقرب من قرن، منذ أن تغلبت عليهم أوروغواي 6-0 في عام 1920، وجاء تلك الهزيمة المريرة في أكبر مرحلة على الإطلاق – في نهائيات كأس العالم على أرضهم ووسط جماهيريهم وأمام المليارات من المشاهدين. يا له من إذلال حقيقي!

توابع الهزيمة المُذلّة أمام المانشافت

البرازيل

“الإحراج والعار والإذلال” ، كانت هذه الكلمات عنوانًا للصفحة الأولى من جريدة O Globo البرازيلية – لقد منحوا كل لاعب برازيلي تصنيفًا صفرًا في اليوم التالي.

لسوء حظ اللاعبين البرازيليين، لم يتمكنوا من الاختباء من الغضب فقط. لقد تم إحراجهم مرة أخرى بعد أربعة أيام فقط للمباراة التي لا أحد يهتم بها: مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، ضد هولندا.

بعد كأس العالم 2014، 10 من لاعبي البرازيل في التشكيلة التي شاركت في البطولة لم يلعبوا دقيقة واحدة مع بلدهم مرة أخرى: جوليو سيزار، فيكتور، دانتي، ماكسويل، هنريكي، راميريس، هيرنانيس، برنارد، جو وفريد. كان مايكون محظوظًا لأنه لم يكن من بينهم، حيث لعب مرة أخرى ودية بعد البطولة، قبل ترك قميص منتخب البرازيل للأبد.

لم يكن المهاجم فريد على وجه التحديد، اسمًا يثير إعجاب الجماهير على عكس المهاجمين السابقين في المنتخب البرازيلي. شكله اللامبالي في البطولة لم يساعد على الإطلاق منتخب بلاده – حيث سجل مرة واحدة فقط من 12 تسديدة في 471 دقيقة في جميع مباريات منتخب بلاده في البطولة.

البرازيل

“عندما انتهت المباراة، أردت أن تبتلعني حفرة وألا أعود أبدًا”، مع العلم أن مستواه السيئ جعله هدفًا باعتباره كبش فداء. “تلقيت صيحات الاستهجان في مينيراو، منزلي. بعد كأس العالم كنت في حالة سيئة نفسيًا للغاية”.

جوليو سيزار – الرجل الذي استقبل الأهداف السبعة ، كافح من أجل التصالح مع دوره في الهزيمة. بعد اعتزاله كرة القدم الدولية، قال “حتى اليوم، عندما أستلقي نائمًا، من المحتم أن أفكر في الأمر. أتخيل بالفعل اليوم الذي أموت فيه، سنوات من الآن، عندما يعلنون في الأخبار: “جوليو سيزار، حارس المرمى الذي شارك في مباراة 7-1، قد مات”.

استمر الأداء المُحبط للمنتخب البرازيلي طوال بطولتي كوبا أمريكا 2015 و 2016، بعرض غير ملهم في دور المجموعات من نسخة 2015 حيث خرج أمام باراغواي بركلات الترجيح في ربع النهائي، تلاه توديع محرج من دور المجموعات في البطولة المئوية بعد ذلك بعام بعد الخسارة 1-0 أمام بيرو في آخر مباراة بالمجموعة.

تأهلت البرازيل لكأس العالم 2022 المقامة في قطر، وهي المشاركة رقم 22. نظرًا لكونهم الأمة الأكثر تتويجًا بالبطولة الأغلى (5 مرات)، فإنهم دائمًا ما يكونون في صدارة قائمة الترشيحات كمُتوجين محتملين للبطولة – وهذا يأتي من أدائهم القوي في كوبا أمريكا 2021 وظفرهم بميدالية ذهبية أولمبية لفريقهم تحت 23 عامًا الصيف الماضي.

بعد ثماني سنوات من “كارثة المينيراو”، يمكن أن يكون التتويج بالنسخة المقبلة فرصة ذهبية لطرد شبح مباراة 2014 ضد ألمانيا، لكن وصمة ذلك اليوم المؤسف ستظل عالقة في أذهانهم للأبد.

مقالات ذات صلة:

Mohamed Hamed

كاتب شغوف بالسينما والدراما، مُحب لعالم الغموض والألغاز والجرائم وأمتلك قدر لا بأس من المعرفة في عالم الرياضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى