ترفيه

القصة المؤسفة لـ الفتى البرّي بيتر؛ “الحيوان الأليف” الخاص بالملك جورج الأول

إذا ما نظرنا في التاريخ (حتى القريب منه الذي لا يتجاوز 300 عام)، سنجد العجب العجاب من تصرّفات البشر تجاه بعضهم البعض، كالمجازر والاستعباد وغيرها، لكنّ مقالنا اليوم سيتكلّم عن نوع مختلف تماماً من المعاملة السيئة، معاملة تلقّاها بيتر؛ طفل عثر عليه في الغابات دون أهل أو إخوة أو أقارب، أو أيّ شيء يدل على انتمائه لمكان معيّن، ليحوّله ملك بريطانيا جورج الأول لاحقاً إلى “حيوانه الأليف البشري”، فمن هو بيتر، وما هي القصة الكامنة خلفه؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا اليوم.

بيتر طفل الغابة

في أحد أيام العام 1725، تمّ العثور على طفلٍ عارٍ ووحيد في براري ألمانيا الموحشة بالقرب من مدينة هانوفر، حيث قدّر الأهالي الذين عثروا عليه بأنّ عمره حوالي 11 عاماً، وأطلقوا عليه لقب “بيتر الطفل البريّ”. كانت النظرية الأكثر شيوعاً بخصوص بيتر هو أنّ أهله قاموا بالتخلي عنه لعدم قدرتهم على الإنفاق عليه.

على الرغم من إطلاق اسم بيتر على الطفل، إلا أنّه لم يكن أحد يعرف في الواقع اسم الفتى الأصلي، فهو كحال الكثير من الأطفال الذين يتمّ العثور عليهم في البرية منعزلين عن البشر، لم يكن قادراً على الكلام، كما أنّه كره بشكل كبير ارتداء الملابس.

بيتر في بلاط الملك جورج الأول

بعد عام من العثور على بيتر في البراري، وبالتحديد في عامه الثاني عشر، تمّ نقل الفتى إلى بريطانيا، وبالتحديد إلى القصر الملكي في لندن، حيث قرر الملك جورج الأول أن يحتفظ به كـ “حيوان أليف بشري”. أثناء إقامة بيتر في القصر الملكي، ركض بشكل دائم في حديقة القصر وأروقته على أربع أطراف، كما اعتاد أن يسرق جياب العاملين والمقيمين في القصر الملكي، ويقبل كل من يراه أمامه منهم.

اعتقد الكثيرون بالنظر إلى تصرفات بيتر أنّه كان قد تربّى رفقة الذئاب أو الدببة البرية، حيث بدا ظاهراً عليه أنّه لم يكن قد تعامل بشكل كبير مع البشر من قبل. أثار بيتر -بحالته الغريبة هذه- في هذه الفترة جدالات فلسفية واسعة بين طبقة المثقفين والنبلاء البريطانية؛ تساؤلات تتعلق بتعريف الإنسان، والفرق ما بينه وبين الكائنات الأخرى.

العودة إلى الأرياف

مع مرور الأيام، أخذ سكان قصر الملك جورج الأول يضيقون ذرعاً بتصرفات بيتر المزعجة والمتكررة، فقد كان يتمتع بآداب مائدة سيئة، كما كان ينام بشكل مستمرّ على الأرض، لذا فقد أصبح وجوده أمراً غير مرغوب به شيئاً فشيئاً، ليقرر البلاط الملكي إحالة بيتر إلى التقاعد، ودفع كامل نفقاته واحتياجاته، وإرساله إلى مزرعة في هيرتفوردشاير.

أمضى بيتر باقي حياته محاطاً بمزارعين لطيفين، لكنّه اضطر لارتداء طوق حمل العبارة التالية: “بيتر الرجل البريّ من هانوفر، من يقوم بإحضاره إلى السيد فين في بيرهامستد سيتم دفع المال إليه أجراً له على أتعابه.”

ماذا يقول العلم في بيتر؟

توفي بيتر لاحقاً عام 1785، ودفن في مقبرة القديسة ماري في نورثتشيرش. يعتقد العلماء في وقتنا الحالي أنّ أعراض بيتر تشابه بشكل كبير أعراض متلازمة بيت-هوبكنز، وهي اضطراب جيني نادر يسبب مظهراً وجهياً مميزاً مترافقاً بصعوبات على صعيد القدرات الذهنية. يبدو أنّ هذا يفسر للأسف السبب الذي جعل من أهل بيتر يقومون بتركه ليلقى حتفه وحيداً في البرية.

Mostafa Musto

طالب طبّ وكاتب محتوى، مهتمّ بالمجالات العلمية والثقافية والفنّية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى