نصادف في يوليو الجاري الذكرى الثالثة والخمسين للجرائم التسعة سيئة السمعة، والتي ارتكبها تشارلز مانسون و”طائفته” التي جمعها، حيث كان تشارلز السبب الأساسي في وفاة 9 أشخاص خلال شهرين، قبل أن يقبض عليه وعلى أفراد عصابته جميعا. شكّلت قصّة مانسون عبر السنوات الماضية أرضية خصبة للعديد من الأفلام والمسلسلات التي تناولتها، ولعلّ أهمّها فيلم كوينتن تارانتينو الأخير؛ “Once Upon a Time in Hollywood” والذي تصدّر بطولته كلّ من ليوناردو ديكابريو وبراد بيت، بالإضافة إلى ورود قصته في مسلسل الجرائم الشهير “Mindhunter”، فمن هو تشارلز مانسون، وما هي قصّة عصابة التابعات التي جمعها، والتي نفذت جرائمه بالنيابة عنه؟ هذا ما سنرويه في مقالنا لليوم.
بدايات صعبة، وطفولة قاسية
لم يحظَ تشارلز مانسون بطفولة مثالية على الإطلاق، إذ ولدته أمّه بعمر السادسة عشر بعد أن تخلّى عنه أبوه البيولوجي، ليحمل اسم “مانسون” على اسم زوج أمّه الذي تزوجته قبل أن تنجب تشارلز.
أودعت والدة تشارلز في السجن عندما كان في سنّ الرابعة، وذلك بعد أن قامت بعملية سطوٍ مسلّح كلّفتها خمس سنوات غالية من الحريّة، لتعود وترى ابنها في سنّ التاسعة، ولكنّه لم يكن ابنها اللطيف الذي عرفته قبلاً، إذ تهرّب مانسون أثناء طفولته من المدرسة، وألقي القبض عليه مراراً وهو يسرق، الأمر الذي أودى به للالتحاق بمدراس ومؤسسات إصلاحية متعددة أثناء طفولته، لكنّها لم تجدِ نفعاً على الإطلاق كما سيتبين معنا تباعاً.
تحصّل تشارلز مانسون على أولى أحكامه الفيدرالية بعد تورطه في عملية تهريب سيارات مسروقة بين الولايات الأمريكية، ليدخل السجن، ويمضي الأعوام الـ 11 التالية يتنقل ما بين الحرية والسجن مع تكرار جرائمه.
تشكيل العائلة، وأوامر القتل:
ركّز مانسون عام 1968 نشاطه في سان فرانسيسكو الأمريكية، ونجح من خلال شخصيته القيادية في جمع عدد من الفتيات (اللواتي كنّ يحملن أفكار الهيبي) ليكنّ تابعات له، ويشكّل معهنّ جماعة أشبه ما تكون بالجماعات الدينية حلّ هو محلّ مرشدها، حيث كان اعتقاد هذه الجماعة مبنياً على نبوءة مفادها قيام حرب عرقية في المستقبل بين البيض والسود، وأنّ جماعته ستكون من القلة الناجية بعد هذه الحرب.
خلال العام الأول من تشكيل طائفته، كثّف مانسون نشاطات طائفته الترفيهية، حيث اقتصر روتينهم اليوميّ على تقوية الروابط بين أعضاء الجماعة، والاستمتاع وتدخين الحشيش والتنقل بين مدن ولاية كاليفورنيا، قبل أن يأتي صيف عام 1969 حاملاً معه نقلة نوعية في نشاطات مانسون وجماعته.
بدأت الجماعة جرائمها باستهداف جاري هينمان؛ وهو موسيقي لم تشفع له صداقته مع الجماعة بعد رفضه منحهم الأموال، ليلقى حتفه على يد فتاتين من الجماعة بناء على أوامر مانسون نفسه. تلت تلك الحادثة الجريمة التي اكتسبت أكبر ضجة بين جرائم طائفة مانسون، ألا وهي استهداف منزل المخرج الشهير رومان بولانسكي بغية قتل كلّ من فيه. نجى بولانسكي من الهجوم إذ لم يكن في المنزل، إلّا أن زوجته الحامل في الشهر السابع؛ الممثلة الشهيرة شارون تايت لقيت حتفها رفقة 3 من صديقاتها، بالإضافة إلى زوج مدبرة المنزل الذي كان حاضراً حينها. تبعت تلك الجريمة 3 جرائم قتل مماثلة نفّذتها عصابة مانسون بإشرافه وتنفيذاً لما أمر أفراد الجماعة به.
عصابة تشارلز مانسون في قبضة العدالة
ألقي القبض على أفراد جماعة تشارلز مانسون بعد أن اشتبه بإحدى أفراد الجماعة في قضية سرقة سيارة، لتفصح الفتاة لزميلة لها في السجن عن القصة، وتقع الجماعة كاملة في أيدي الشرطة الأمريكية لتبدأ محاكمتهم.
أدين تشارلز رفقة معظم أعضاء الجماعة بقتل الضحايا التسعة، وحكم عليهم بالإعدام، قبل أن يخفف الحكم إلى السجن المؤبد بعد إلغاء ولاية كاليفورنيا لحكم الإعدام عام 1972.
بقي تشارلز في السجن حتى عامه الثالث والثمانين، حيث لقي مصرعه فيه لأسباب طبيعية عام 2017، وبقي منكراً حتى يومه الأخير رواية “الحرب العنصرية” التي أشيعت عنه.