منوعات

لغز المتاهة الدنماركية: تشكيلات هائلة تعود للعصر الحجري الحديث، يقف العلماء عاجزين عن كشف أسرارها

استيقظ الدنماركيون في أحد أيام عام 2017 على خبر مذهل مفاده الكشف عن متاهة عملاقة في ستيفينز الدنماركية، وتحديداً على بعد 40 ميلاً من العاصمة الدنماركية كوبنهاغن. تمتدّ هذه المتاهة وفقاً للعلماء على مساحة تفوق 18 ألف متر مربع، ما يجعلها أكبر متاهة أثرية مكتشفة في التاريخ الأوروبي، وتعود لفترة العصر الحجري الحديث، حيث يؤكّد علماء الآثار أنّ عمرها يزيد على 5000 آلاف عام. تأخذ هذه المتاهة شكلاً بيضوياً منحرفاً بشكل بسيط عن التصميم الدائري المعتاد، ويعتقد العلماء أن هذا الانحراف مقصود من قبل صانعي المتاهة، حيث أنّه يتمتع بنسب عالية الدقة تجعل من المستبعد أن يكون الشكل عشوائياً.

“نحن لا نعرف شيئاً عن سبب بناء هذه المتاهة”

يقول عالم الآثار الدنماركي بيرنيل سلوث؛ المسؤول عن حملة التنقيب التي توصلت للكشف عن المتاهة الدنماركية، أنّ هذا الاكتشاف يعد واحداً من الأكبر في تاريخ الدنمارك وأوروبا عموماً، وذلك بسبب الحجم الهائل الذي تمتّعت به المتاهة، والعصر المميّز الذي تعود له، “هناك العديد من الاقتراحات التي من الممكن أن تفسر السبب الكامن خلف بناء هذه المتاهة، لكنّنا حتى اللحظة لا نعرف يقيناً أيّ شيء.”

المنطقة المنقّطة باللون الأخضر الغامق في الصورة هي الأماكن التي قام علماء الآثار بالحفر فيها والكشف عن بقايا السياج الأثري.

المثير للاهتمام في هذا الاكتشاف، أنّ أبواب صفوف الأسيجة المحيطة بالقاعة الرئيسية التي تتوسط المتاهة ليست متوازية مع بعضها البعض، وذلك بغية حجب ما كان يحدث داخل هذه القاعة عمن هو خارج المتاهة، وهو الأمر الذي يزيد الغموض، ويدفع بالعلماء في حيرة أكبر بغية معرفة السبب الذي دفع بالدنماركيين القدماء لإقامة هذا الإنجاز الهندسي.

لعلّ السبب الأكبر الذي يجعل العلماء عاجزين عن تحديد الهدف الذي كانت هذه المتاهة تستخدم من أجله هو عجزهم عن إيجاد أي دلائل إضافية داخل البناء تساعدهم إلى الوصول إلى النشاط الذي كان يمارس داخله، إذ لم يعثروا إلا على بعض القطع الحجرية العشوائية، بالإضافة إلى بعض الخزف المكسر الذي لم يحمل أي دلالة واضحة تشير إلى الهدف الرئيسي من بناء هذه المتاهة.

المتاهة الأكبر، ولكنّها ليست الوحيدة!

في الواقع، يجنح علماء الآثار الدنماركيون إلى اعتبار المتاهة الحديثة المكتشفة مكاناً للعبادة رغم عدم كفاية الأدلة على ذلك، والسبب في ذلك يعود لعاملين، الأول هو أنّ أسوار هذه المتاهة كانت لا تعلو على مترين، وبالتالي فلم يكن الغرض منها حتماً الحماية، وإنّما الحفاظ على سريّة ما يجري ضمنها، وأمّا السبب الثاني، فهو الاكتشاف الذي يعود لعام 1988 في جزيرة بورنهولم الدانماركية، والتي عثر فيها العلماء على متاهة أخرى مشابهة للمتاهة حديثة الاكتشاف، إلّا أنّها كانت مبنية من الخشب بدلاً عن الحجارة، بالإضافة إلى أنّ حجمها كان أصغر بشكل كبير من متاهة ستيفنز. عثر العلماء حينها داخل متاهة بورنهولم على الكثير من الرموز الدالة على عبادة إله الشمس، ما دفعهم لعتبارها معبداً لإله الشمس، وقد دعمت تلك النتيجة حقيقة أنّ عدداً من المعابد الأخرى لإله الشمس كان قد تمّ العثور عليها في الجزيرة الدنماركية الصغيرة، وهذا ما يرجح احتمالية كون المتاهة الحديثة معبداً للديانات الدنماركية القديمة هي الأخرى.

Mostafa Musto

طالب طبّ وكاتب محتوى، مهتمّ بالمجالات العلمية والثقافية والفنّية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى