منوعات

سرقة بنك نيهون الائتماني: 50 عاماً دون معرفة الفاعل، أكبر لغز في تاريخ اليابان

احتلت اليابان خلال السنوات الماضية مراكز متقدمة في تصانيف الدول الأكثر أماناً في العالم، ولكنّ هذا الأمر لم يمنع على الإطلاق من حصول عدد من أكبر السرقات في العالم فيها لعلّ أشهرها سرقة بنك نيهون الائتماني. في مقالنا اليوم، سنروي قصّة سرقة لم يميّزها المبلغ الكبير الذي تضمّنته، إذ لم يتعدّ المبلغ المسروق فيها 300 مليون ين، أو ما يعادل حينها 6 ملايين دولار، ولكنّ عملية السرقة هذه تميّزت بالدهاء الكبير لمنفّذها، والذي تمكّن من خلاله من سرقة المبلغ كاملاً دون أي تخريب أو إراقة للدم، وهرب منذ تنفيذ العملية ولم تتمكن الشرطة من التوصل له أبداً!

رسائل تهديد تصل مدير بنك نيهون الائتماني

في العاشر من ديسمبر من عام 1968، بدأت رسائل تهديد تصل لمدير بنك نيهون الائتماني وموظفيه في العاصمة الياباينة طوكيو. كانت رسائل التهديد هذه تتسم بالغموض بشكل كبير، إذ كانت مؤلّفة من قصاصات ورقية من الجرائد ملصقة بالصمغ حتى لا يتمّ تحديد خطّ مرسلها، وكانت تحتوي طلباً لمبلغ 300 مليون ين ياباني، وإلا سيقوم المرسل بتفجير منزل مدير البنك وموظفيه. تمّ تبليغ الشرطة اليابانية بالحادثة، فسارعت بدورها إلى فرض مراقبة حثيثية على كلّ من البنك ومنزل المدير والموظفين الذين تلقوا التهديدات، ولكنّ ذلك لم يساعد كثيراً في التخفيف من التوتر الذي أصاب العاملين في البنك، خصوصاً مع استمرار رسائل التهديد بالوصول لعدة أشهر.

لحظة تنفيذ العملية

كما هو معروف عن اليابان، فالعمل عمل، ولا يمكن له أن يتوقف تحت أي ظرف، لذا فقد استمرّ البنك في معاملاته بشكل روتيني مرسلاً دفعات من الأموال إلى زبائنه من الشركات والمكاتب، ومستقبلاً كميات أخرى منهم. خلال إحدى هذه الرحلات الروتينية التي كان موظفو البنك فيها ينقلون كمية من الأموال تقدّر بـ 300 مليون ين إلى شركة توشيبا، وهي عبارة عن رواتب موظفيها الـ 532، تمّ إيقاف السيارة في منتصف الرحلة من قبل شرطي يقود دراجة نارية، ليعلمهم ذلك الشرطي بأنّ انفجاراً ضرب منزل مدير البنك، وأن الأضرار كانت محدودة، ولكنّ الشرطة تنفّذ بحثاً دقيقاً عن المتفجّرات في البنك والآليات التابعة له، فيستجيب الموظفان بالخروج من السيارة للسماح للضابط بتفتيشها بحثاً عن متفجرات.

نزل الشرطي تحت السيارة، وبدأت أدخنة تتصاعد منها مع أصوات فرقعة أثارت الرعب في قلبي السائقين، ودفعتهما إلى الفرار بعيدا والاحتماء بإحدى المباني القريبة خشية الانفجار.

انتظر السائقان الانفجار ثوانٍ، ثمّ دقائق، لكنّ شيئاً لم يحدث، فعادا إلى مكان السيارة ولم يجدا لها أو للضابط أثراً، حيث كان الضابط هو اللص الذي أرسل رسائل التهديد على مدى الشهور الماضية، واستخدم في خدعته عدداً من المشاعل لإصدار الدخان وأصوات الفرقعة ليرعب السائقين.

رحلة البحث عن سارق بنك نيهون تنتهي بخيبة الأمل

ترك لص بنك نيهون في مسرح الجريمة عدداً كبيراً من الدلائل، وذلك بغية تضليل الشرطة وحرفها عن مسار التحقيق الصحيح، حيث لم تجد الشرطة أي خيط في الدلائل التي تركها يشير إلى الفاعل الحقيقي للجريمة.

استمرّت تحقيقات الشرطة اليابانية في قضية سرقة بنك نيهون لأكثر من 7 أعوام، قبل أن تعلن عام 1975 إغلاق التحقيق، وتسجيل القضية ضد مجهول، وتسقط بعدها التهم بالتقادم عام 1988، أي أنّ الفاعل يحق له الحديث عن جريمته دون أن تلحق به أي تبعات قانونية، ولكنّ أحداً لم يتقدّم ويعلن عن نفسه، لتبقى حادثة سرقة بنك نيهون إحدى أكثر الحوادث غموضاً في تاريخ اليابان، ولغزاً عصياً على الحل يعود لأكثر من 54 عاماً.

Mostafa Musto

طالب طبّ وكاتب محتوى، مهتمّ بالمجالات العلمية والثقافية والفنّية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى