أسماك القرش هي حيوانات مفترسة مميتة لا تصدق. يمكنهم الكشف عن أي مواد كيميائية من على بعد مئات الأمتار، والاستشعار بوجود أي كائنات حية مُحيطة، والفتك بها في النهاية بدون رحمة. لحسن الحظ، فإن هجمات سمك القرش غير شائعة جدًا. إنها تحدث بمُعدل يتراوح بين 50 و100 هجوم كل عام، ولكن 10 منها فقط أو نحو ذلك تكون قاتلة. ومع ذلك، فقد شهد أحد الهجمات التي وقعت في يوليو 1945 مقتل ما يصل إلى 150 شخصًا أو أكثر على يد أسماك القرش في غضون خمسة أيام تقريبًا. دعونا نلقي نظرة فاحصة على التاريخ الكئيب لهجوم القرش الأكثر دموية في تاريخ البشرية.
سنعرض لكم الأحداث التي أدت إلى الهجوم، وأنواع أسماك القرش التي كانت مسؤولة عن هذا الاعتداء الدموي، والأساطير المحيطة بذلك الحادث الأليم.
غرق سفينة USS Indianapolis في المياه التي تنتشر فيها أسماك القرش
في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، تم تكليف USS Indianapolis بمهمة سرية للغاية. كانت هذه المهمة هي تسليم أجزاء من القنبلة النووية “Little Boy”. سيتم إسقاط هذا السلاح في النهاية على مدينة هيروشيما اليابانية، وهو ما سيُساعد على إنهاء المرحلة الأخيرة من الحرب.
في 26 يوليو، أكملت السفينة مهمتها وأبحرت إلى جزيرة غوام لتقل بحارة آخرين وتُكمل طريقها إلى جزيرة ليتي في الفلبين. في 30 يوليو 1945، هاجمت غواصة يابانية USS Indianapolis. انفجرت طوربيدات في السفينة. غرق ما يقرب من 300 من أفراد الطاقم البالغ عددهم 1195 شخصًا مع السفينة، وبقي الناجون في المياه المفتوحة. تبقى معظمهم في الماء دون طعام أو مياه صالحة للشرب أو حتى سترات نجاة.
حدثت سلسلة من حالات فشل الاتصال في الأيام التالية. لم تدرك البحرية الأمريكية أنهم فقدوا سفينة، ولم تبدأ عمليات الإنقاذ إلا بعد أن رصدت طائرة دورية الناجين بعد أكثر من 3 أيام. في غضون ذلك، جذبت الانفجارات والنشاط البشري في المياه مئات أسماك القرش إلى المنطقة.
يُعتقد أن 890 شخصًا غرقوا في المياه في ذلك اليوم وتم إنقاذ 316 شخصًا فقط في النهاية.
تفاصيل هجوم القرش الأكثر دموية في تاريخ البشرية
واجه الناجون في المياه ظروفًا مروعة. تسببت آثار الجفاف والتسمم بالمياه المالحة والغرق وأمراض أخرى في مقتل الغالبية العظمى من الجنود في الماء.
خلال اليوم الأول لهم في الماء، اقتربت مجموعات من أسماك القرش من الكتلة العائمة للناجين في المحيط المفتوح. بحلول الليل، كانوا يلتهمون أولئك الذين ماتوا بالفعل نتيجة للإصابات التي لحقت بهم أثناء هجوم الطوربيد والتي ستستمر أسماك القرش في التغذي عليهم لأنهم في النهاية ليسوا أكثر من مجرد فريسة سهلة.
سرعان ما اكتشف البحارة الحقيقة المروعة المتمثلة في أن المصابين كانوا الأهداف التالية لأسماك القرش. كانت رائحة دمائهم في الماء تجذب المزيد من الأسماك الفتّاكة. حشد البحارة أكبر عدد ممكن من المصابين على قواربهم الضئيلة. كما تم فصل الجرحى والقتلى بجروح خطيرة عن الأصحاء لوقف الهجمات.
استمرت هجمات أسماك القرش في الأيام التالية. يعتقد أحد البحارة أن الهجمات كانت الأسوأ في اليوم الثالث حيث استمرت بين صفوف الناجين. وفي الوقت نفسه، استمر الإرهاق والهذيان الناجم عن الحرارة وابتلاع المياه المالحة في التسبب في المزيد من الوفيات.
حاول بعض البحارة تناول ما تبقى معهم من طعام أو زاد. ومع ذلك، سرعان ما اكتشفوا أن تناول الطعام سيجذب أسماك القرش إليهم، لذلك قاموا بالتخلص منه.
هاجمت أسماك القرش البحارة حتى اليوم الذي اكتشفت فيه طائرة دورية عابرة بالصدفة الرجال الذين كانوا يسبحون في المحيط. كان القائد Robert Marks وطاقمه على متن طائرة مائية أول من وصل إلى مكان الحادث في 2 أغسطس 1945. تحدى الطاقم الأوامر، وهبط في المحيط، وقاموا بانتشال وإنقاذ ما كان باستطاعتهم. بحلول الليل، وصلت السفن لإنقاذ الطاقم المتبقي، وأصبح البحارة المُتبقين أخيرًا في مأمن من أسماك القرش.
ما هي أنواع أسماك القرش التي هاجمت طاقم USS Indianapolis؟
هاجمت أسماك القرش ذات الرأس الأبيض وأسماك الببري أفراد طاقم يو إس إس إنديانابوليس. على الأقل، هم الجناة الأكثر احتمالًا. ومن الصعب تحديد بدقة أسماك القرش التي هاجمت طاقم السفينة حيث وقعت العديد من الهجمات في وقت متأخر من بعد الظهر والليل.
من المعروف أن أسماك القرش المحيطية ذات الأطراف البيضاء شديدة العدوانية وفتاكة للغاية مع فرائسها. الجدير بالذكر أن تلك الفئة من أسماك القرش المحيطية تعيش دومًا في البيئات البحرية الشبيهة بالمنطقة غرقت فيها يو إس إس إنديانابوليس. أسماك القرش هذه ليست ضخمة مثل الأسماك البيضاء الكبيرة، لكنها قوية للغاية ويُمكنها الفتك بالبشر بسهولة تامة.
تُعرف هذه الفصيلة بأنها أكثر أسماك القرش فتكًا بالبشر بسبب عادتها المتمثلة في التغذي على جثث وأشلاء ضحايا الطائرات المنهارة والسفن الغارقة. في الواقع، تم نسف سفينة RMS Nova Scotia البريطانية أيضًا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث فقدت 858 شخصًا من أصل 1052 شخصًا كانوا على متنها. يُعزى سبب وفاة الكثير منهم إلى أسماك القرش ذات الرأس الأبيض.
تعتبر أسماك قرش النمر أيضًا مخلوقات قوية لديها بعض التمويه مما يجعل من الصعب اكتشافها من الأعلى. كان من الممكن أن تكون أسماك القرش هذه قد شاركت أيضًا في الهجوم على طاقم يو إس إس إنديانابوليس.
مُحصلة الهجوم الدامي
من الصعب تحديد عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة لهجمات أسماك القرش بعد غرق السفينة. تزعم التقديرات أن ما بين بضع عشرات من الأشخاص وأكثر من 150 شخصًا لقوا حتفهم أثناء تلك الهجمات الدموية.
على أدنى تقدير، يُعتقد أن بضع عشرات من البحارة لقوا حتفهم من أسماك القرش ذات الأطراف البيضاء وأسماك القرش الببري. إذا كان هذا صحيحًا، فستظل هذه الحادثة هي الهجوم الأكثر دموية لأسماك القرش في التاريخ. الجدير بالذكر أن تلك الأرقام تُعادل محصلة ما يعادل حوالي 15 عامًا من هجمات أسماك القرش القاتلة في الوقت الحاضر.
بغض النظر عن طريقة مشاهدتك لتلك الواقعة، يُعد هذا أسوأ هجوم بحري من تلك الأسماك تم تسجيله على الإطلاق. دحض العلماء الأسطورة القائلة بأن عدة مئات من الناس ماتوا من أسماك القرش أثناء غرق USS Indianapolis. ومع ذلك، مات عدد كبير لا يُستهان به من البحارة في تلك الحادثة، وسيكون من الخطأ رفض الاعتراف بالظروف الوحشية التي أحاطت وفاة هؤلاء البحارة في النهاية.
لا يرتبط غرق يو إس إس إنديانابوليس فقط بهجوم القرش الأكثر دموية في التاريخ، ولكنه يُعد أيضًا أكبر خسارة بشرية في تاريخ البحرية الأمريكية بأكمله. للأسف، بقي أربعة فقط من الناجين من USS Indianapolis حتى وقت كتابة ذلك المقال وذلك وفقًا لموقع السفينة الرسمي.