منوعات

فضيحة ووترغيت، أكبر الكوارث السياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

تفاجأ العالم أجمع في ليلة الثامن من أغسطس عام 1974 بظهور الرئيس الأمريكي بخطاب متلفز يعلن فيه استقالته على خلفية فضيحة ووترغيت السياسية التي تمتدّ جذورها إلى ما قبل هذه الحادثة بعامين، ليكون بذلك الرئيس الأمريكي الوحيد في التاريخ الذي يعلن استقالته، فما هي هذه الحادثة، وما تفاصيلها؟

التجسس لصالح نيكسون:

مع بدايات عام 1972، كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يسعى بشكل حثيث لضمان إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، بعد نجاحه في انتخابات عام 1968، ولكنّ الوسائل القانونية لإقناع الناخبين بإعادة انتخابه لم تكن مقنعة بما فيه الكفاية بالنسبة له على ما يبدو، إذ قامت حملته الاتخابية بإرسال خمسة رجال ليلاً إلى مقر لجنة الانتخابات الخاصة بالحزب الديمقراطي في تجمع مباني ووترغيت في العاصمة الأمريكية واشنطن بهدف سرقة بعض المستندات بالغة السريّة الخاصة بحملة الحزب الديمقراطي، بالإضافة لتثبيت أجهزة تنصت على المكالمات الهاتفية.

نجحت المجموعة بالتسلسل والخروج في المرة الأولى، لكنّ أجهزة التنصت التي قاموا بتركيبها لم تكن تعمل بشكل سليم، الأمر الذي دفع بهم لاقتحام المركز مرّة أخرى، بيد أنّ الحارس لاحظ وجود شريط لاصق تم وضعه في قفل الباب حتى لا يغلق بشكل تامّ، فقام بالاتصال بالشرطة التي سرعان ما حضرت وألقت القبض على الفاعلين.

إثارة الشبهات:

عند القبض على الأفراد الخمسة، تمّ العثور بحوزتهم على رقم هاتف الحملة الانتخابية لنيكسون في البيت الأبيض، الأمر الذي أثار شكوكاً واسعاً تصدّى لها نيكسون في ساعتها بشكل مباشر، حيث أقسم في إحدى المقابلات التلفزيونية على أنّ طاقم عمل حملته بريء بشكل مطلق من أي علاقة بالمجموعة التي اقتحمت مركز الديمقراطيين في ووترغيت.

نجح نيكسون في ذلك العام بالفوز بولاية ثانية للبقاء في البيت الأبيض بفارق شاسع عن منافسه الديمقراطي، لكنّ القضية سرعان ما عادت لتطفو على السطح مجدداً، فمع بدايات عام 1973، أرسل أحد المتّهمين رسالة إلى قاضي المحكمة يؤكّد فيها توّرط جهات كبرى في العملية، لتبدأ بعدها أخطاء نيكسون الفادحة في محاولته للتستّر على الفضيحة.

كشف المستور:

قام بوب وودورد؛ وهو صحفي كان يعمل في جريدة الواشنطن بوست الأمريكية بتتبّع خيوط حادثة ووترغيت على مدى عامين، استطاع خلالهما كشف العديد من الكوارث والإجراءات غير القانونية التي قام نيكسون وحملته باتخاذها. كشفت تحقيقات وودورد عن قيام نيكسون بالمماطلة في الاستجابة لطلبات المحكمة، كرفضه في البداية لتسليم الأشرطة المسجلة بواسطة الأجهزة المزروعة في مكتب الديمقراطيين ووترغيت، وحذف أجزاء منها حين إرغامهه على تسليمها، بالإضافة إلى إقالة اثنين من المسؤولين في حملته كانوا في عين عاصفة الاتهام في القضية.

أمّا التصرّف الأخطر الذي قام به، والذي فاق عملية الاقتحام والسرقة سوءاً، فكان إصدار أوامر مباشرة لجهاز الاستخبارات المركزية (الـ CIA) لإعاقة التحقيق الذي كانت تجريه وكالة الاستخبارات الفيدرالية (الـ FBI) بخصوص الحادثة، والذي تمّ اعتباره إساءة استخدام مباشرة للسلطات الممنوحة للرئيس الأمريكي بغرض شخصي.

استقالة نيكسون عقب فضيحة ووترغيت:

بعد تفشي الحقائق المتعلّقة بالحادثة، بدأ الكونغرس في الإجراءات الرسمية لعزل نيكسون، الذي خرج وعبّر عن أسفه الشديد عن الحادثة، وأعلن استقالته في اليوم التالي في الثامن من أغسطس عام 1974، لتبدأ إجراءات محاكمته بشكل عاجل في سبتمبر من العام ذاته، قبل أن يعلن نائبه السابق الذي حلّ محلّه في منصب الرئاسة جيرالد فورد إصدار عفو رئاسي بحقّه، لظروف وصفها بالـ “الصحيّة”، مغلقاً بذلك الباب على أكبر فضيحة في تاريخ السياسة الأمريكية.

Mostafa Musto

طالب طبّ وكاتب محتوى، مهتمّ بالمجالات العلمية والثقافية والفنّية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى