تقنية وعلوم

ماذا تعرف عن سراديب الموتى في باريس؟ المرقد الأخير لعظام 6 ملايين إنسان

باريس؛ مدينة النور والعطور والرومانسية، المقصد السياحي لملايين الزوّار سنوياً لما تحتويه من معالم جمالية، ولما تمثّله من قيمة شاعرية للناس من حول العالم، لكن تحت هذه المعالم الأخّاذة والشوارع الأنيقة، على عمق 20 متراً و243 درجة يقبع عالم مختلف تماماً عمّا فوقه، إذ ترقد عظام 6 ملايين إنسان في سراديب ممتدة على مدى 11 ألف متر مربّع تحت شوارع المدينة الفرنسية، هي سراديب الموتى في باريس. في مقالنا اليوم سنتقصّى في تاريخ هذه السراديب المرعبة، وننظر في بعض الحقائق المثيرة الرعشة المتعلّقة بها.

تعود سراديب الموتى في باريس للقرن الثامن عشر:

بالعودة إلى مدينة باريس في القرن الثامن عشر، لم تكن المدينة في ذلك الوقت بالرومانسية التي نعرفها اليوم، حيث شهد القرن الثامن عشر انتشار العديد من الأوبئة نتيجة اكتظاظ المقابر، إذ كان عدد السكان آخذاً في النموّ بشكل كبير، وكحلّ عمليّ لهذه المأساة قرر المسؤولون نقل بقايا عظام المدفونين في المقابر الباريسية إلى سراديب أعمق تحت المدينة لإتاحة المجال لدفن الموتى الجدد.

اعتاد بعض الناس السباحة في سراديب الموتى الباريسية!

من المعروف أنّ الحكومة الفرنسية تسمح بزيارة جزء محدود من سراديب الموتى، فهي تشكل جزءاً من المعالم السياحية الهامة لمدينة باريس، لكنّ بعض الناس لم يكتفوا على ما يبدو بمجرد المشي في هذه السراديب، بل فضّلوا السباحة في القسم المغمور من الماء فيها! حيث تقوم مجموعة من محبي هذه السراديب تدعو نفسها بـ “CataPhiles” بالسباحة في هذه السراديب على نحو منتظم كلّ حين.

لقي بعض الأشخاص حتفهم داخل سراديب الموتى:

كأنّ مجرّد أشكال الجماجم لا تكفي وحدها لإثار الرعب في القلوب، لتأتي قصّة فيليب أسبايرت وتكمل المهمّة. عمل فيليب بوّاباً لمشفى فال دو غريس خلال الثورة الفرنسية، حيث دخل السراديب عام 1793، ولم يعد منها أبداً، حتى تمّ العثور على جثّته بعد اختفائه بـ 11 عاماً، لكنّ الأطباء الشرعيين وقفوا عاجزين عن تحديد سبب الوفاة. بالتأكيد لم يتمّ تسجيل عدد كبير من الوفيّات في السراديب، لكنّ لحالات الضياع شأن آخر في هذا الخصوص، آخرها ضياع مراهقين اثنين في السراديب لمدّة 3 أيام!

تمّ استخدام سراديب الموتى في باريس أثناء الحرب العالمية الثانية:

لعلّ إحدى أكثر المعلومات غرابة بخصوص سراديب الموتى في باريس ليس استخدامها أثناء الحرب العالمية الثانية فحسب، بل قيام كلّ من طرفي الحرب باستخدامها في أوقات متقاربة! عمدت المقاومة الفرنسية للاحتلال النازيّ أثناء الحرب العالمية الثانية لاستخدام هذه السراديب للهروب من القوات النّازية وجواسيسها، كما قامت القوّات النازية في وقت لاحق بإنشاء عدد من المخابئ والتحصينات ضمن هذه السراديب أيضاً للهروب من هجمات المقاومة الفرنسية.

تم ترتيب عظام الموتى ضمن السراديب بشكل فنّي:

في بداية إنشائها، كان العمّال الذين يقومون بنقل العظام يكتفون برميها في السراديب دون أيّ ترتيب، لكنّهم مع الوقت قرروا تنظيمها بأشكال منظّمة ومزيّنة، لربّما اعتقدوا أنّ ذلك سيخفف رهبة المكان بعض الشيء ويجعله أقل رتابة ومللاً. هذه التصاميم هي ما جعلت من المكان في النهاية مقصداً للسيّاح من كل حدبٍ وصوب.

Mostafa Musto

طالب طبّ وكاتب محتوى، مهتمّ بالمجالات العلمية والثقافية والفنّية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى