منوعات

تعرف على قصة “لينا مدينا” … أصغر أم في العالم

في سابقة من نوعها...طفلة من البيرو تضع مولودها وهي ذات الخمس سنوات

في أوائل ربيع عام 1939، لاحظ أحد الوالدين في قرية نائية بالبيرو أن ابنتهم البالغة من العمر 5 سنوات تعاني من تضخم في البطن، وخوفًا من أن يكون الانتفاخ ورمًا، اصطحب “تيبوريلو ميدينا” و”فيكتوريا لوسيا” ابنتهما الصغيرة من لرؤية الطبيب، لكن ما سيعرفونه فيما شكل لهم صدمة عنيفة، حيث اكتشف الطبيب أن ابنتهما “لينا” حامل في شهرها السابع، وفي 14 مايو 1939، أنجبت بالفعل طفلا سليما معافا وهي تبلغ من العمر 5 سنوات وسبعة أشهر فقط، ما جعلها تحصل على لقب أصغر أم في العالم.

شكلت حالة “لينا” الغريبة موضع تساؤل وحيرة في صفوف أطباء الأطفال، وجذبت الاهتمام الدولي الذي لم تكن تريده هي وعائلتها أبدًا، حيث ما زالت هي وعائلتها يتجنبون الحديث مع المنابر الإعلامية وإجراء المقابلات إلى يومنا هذا، وعلى الرغم من الغموض الذي لا يزال يحيط بهذه الظاهرة الشاذة، إلى أنه ظهرت المزيد من التفاصيل حول كيفية حمل “لينا” ومن قد يكون الأب. فماهي التفاصيل؟ تابع معنا القراءة لكتشفها.

حالة البلوغ المبكر

 ولدت “لينا ميدينا” في 23 سبتمبر 1933 في إحدى أفقر القرى في بيرو، وكانت طفلة من تسعة أطفال آخرين في الأسرة، وقد شكل حملها في مثل هذه السن المبكرة بمثابة صدمة مزعجة لعائلتها ولباقي الناس، لكن بالنسبة لأخصائي الغدد الصماء لدى الأطفال، فإن فكرة أن طفل يبلغ من العمر 5 سنوات يمكن أن يحمل لم تكن فكرة مستحيلة تمامًا، حيث يُعتقد أن “لينا” كانت تعاني من حالة وراثية نادرة تسمى البلوغ المبكر، والتي تتسبب في تحول جسم الطفل إلى جسد شخص بالغ في وقت جد مبكر (قبل سن الثامنة للفتيات وقبل سن التاسعة للفتيان). غالبًا ما يعاني الأولاد المصابون بهذه الحالة من عمق الصوت وتضخم الأعضاء التناسلية وشعر الوجه. أما الفتيات المصابات بهذه الحالة عادة ما يكون لديهن أول دورة لهن ويكبر ثديهن في فترة قياسية. وتشير الدراسات إلى أن هذه الحالة تصيب حوالي شخص واحد من بين كل 10000 طفل. وغالبا لا يمكن تحديد سبب البلوغ المبكر. بيد أنه وجدت الدراسات الحديثة أن الفتيات الصغيرات اللاتي تعرضن للاعتداء الجنسي قد يمرون بمرحلة بلوغ أسرع من أقرانهم، لذلك هناك شكوك في أن البلوغ المبكر قد يتسارع عن طريق الاتصال الجنسي في سن مبكرة.

في حالة “لينا”، صرحت الدكتورة “إدموندو إيسكوميل” لإحدى المجلات الطبية أنها مرت بفترة الحيض الأولى عندما كان عمرها ثمانية أشهر فقط، ومع ذلك زعمت منشورات أخرى أنها كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات عندما بدأت في الحيض. في كلتا الحالتين، كانت بداية مبكرة بشكل صادم. أظهر الفحص الإضافي للطفلة البالغة من العمر 5 سنوات أنها قد طورت بالفعل ثديين وأرداف أعرض من المعتاد ونمو عظمي متقدم، لكن بالطبع على الرغم من أن جسدها كان ينمو مبكرًا، إلا أنها كانت لا تزال طفلة صغيرة من الناحية الذهنية والعقلية.

لم تخبر “لينا” أطبائها أو السلطات قط عن والدها أو بظروف الاعتداء الذي أدى إلى حملها، لكن نظرًا لصغر سنها، ربما لم تكن تعرف بدورها عن الأمر. قالت الدكتورة “إيسكوميل” إنها “لا تستطيع إعطاء إجابات دقيقة” عندما سئلت عن الأب.  والغريب في الأمر أن والد الطفلة الذي كان يعمل صائغًا محليًا للفضة، تم اعتقاله لفترة وجيزة للاشتباه في اغتصاب ابنته. ومع ذلك، تم الإفراج عنه وإسقاط التهم الموجهة إليه عندما لم يتم العثور على أدلة أو شهادات تفيد إدانته بالجرم. من جانبه، نفى الأب بشدة تهمة اغتصاب ابنته. والجدير بالذكر كذلك أنه أثناء السنوات التي أعقبت الولادة، تكهنت بعض وكالات الأنباء بأن “لينا” قد تكون ضحية للاعتداء خلال احتفالات غير محددة أقيمت بالقرب من قريتها. ومع ذلك، لم يتم إثبات صحة هذه الرواية.

ماذا حدث “للينا”؟

حظيت “لينا” برعاية طبية جيدة، خاصة في الوقت والمكان اللذين عاشت فيهما، وأنجبت طفلاً يتمتع بصحة جيدة، وتمت الولادة بعملية قيصرية لأنه على الرغم من اتساع الوركين للطفلة قبل الأوان، فمن المحتمل أنها كانت ستواجه صعوبة في وضع طفل كامل الحجم عبر قناة الولادة. أطلق على الطفل “جيراردو”، تيمنا باسم الطبيب الذي فحص لينا لأول مرة ثم عاد الرضيع إلى منزله الجديد بعد خروجه من المستشفى رفقة أفراد أسرته.

بعد عامين من الولادة، حصل اختصاصي تربية الأطفال في جامعة كولومبيا “بول كواسك” على إذن لزيارة منزل العائلة، ووجد أن أصغر أم في العالم كانت “فوق مستوى الذكاء الطبيعي” وأن طفلها “طبيعي تمامًا”. وقال “كواسك” معلقا: “إنها تعتبر الطفل أخًا صغيرًا وكذلك يفعل باقي أفراد الأسرة”. وفي خضم ذلك صرح طبيب التوليد “خوسيه ساندوفال”، الذي ألف كتابًا عن حالة لينا، إن الطفلة غالبًا ما تفضل اللعب بالدمى بدلاً من طفلها، أما بالنسبة “لجيراردو” نفسه، فقد نشأ معتقدًا أن لينا كانت أخته الكبرى، حيث اكتشف الحقيقة حتى بلوغه العاشرة من عمره.

في سن الرشد، اشتغلت “لينا” كسكرتيرة للطبيب الذي حضر الولادة، كما أرسلت “جيراردو” ليتلقى تعليمه في المدرسة أيضًا. بينما كان جيراردو يتمتع بصحة جيدة طوال حياته، انتهى به الأمر للأسف بالموت وهو في س صغيرة، حيث كان نسبيًا في سن الأربعين في عام 1979، وكان سبب الوفاة مرض العظام. أما بالنسبة للينا، فمن غير الواضح ما إذا كانت لا تزال على قيد الحياة اليوم أم لا. فبعد حملها الصادم، عاشت حياة هادئة في بيرو، تزوجت لاحقًا من رجل يُدعى “خورادو” في أوائل السبعينيات وأنجبت ابنها الثاني عندما كانت في الثلاثينيات من عمرها، ومنذ عام 2002 ، كانت “لينا” و”خورادو” لا يزالان متزوجين ويعيشان في حي فقير في ليما، ونظرًا لموقفها المستمر تجاه الدعاية والأعين المتطفلة للغرباء الفضوليين، فقد فقد اختارت “لينا” الاختباء من الأضواء وتوارت عن الأنظار ولم يعرف عنها بعد ذلك، وإذا افترضنا أنها لا تزال على قيد الحياة، فستكون في أواخر الثمانينيات من عمرها اليوم.

حفصة المخلص

خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال وطالبة في الماجستير، شغوفة بكل ما له علاقة بالسينما والفنون، ومتعطشة للمعرفة بكل أصنافها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى