منوعات

الجانب المظلم لعالم الطبّ: تجارة الأعضاء.

كثيراً ما يتم طرح قضايا الاتجار بالبشر من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أنهم غالباً يركزون على نوعين أساسيين هما الاتجار بالجنس والاتجار بالعمالة، ويولون اهتماماً أقل للنوع الثالث الذي لا يقلّ عنهما خطورة، ألا وهو تجارة الأعضاء. منذ بدء عمليات زرع الأعضاء منتصف القرن الماضي شهد عالم الطب نقلة نوعية على صعيد تحسين صحة الأفراد الذين كانوا سابقاً ميؤوساً من شفائهم، ألا أن هذه العمليات فتحت باباً شديد الخطورة من أبواب التجارة المحرّمة، ألا وهي تجارة الأعضاء البشرية، الأمر الذي يجرّ معه عدداً من الجرائم الأخرى المتعلقة به كتبييض الأموال والاختطاف والقتل. في مقالنا اليوم سنتحدث عن عدد من الجوانب الخفية لهذه التجارة المظلمة، فلنبدأ:

الطلب مرتفع، بينما العرض قليل:

توضح البيانات الصادرة عن مؤسسة النزاهة المالية العالمية (GFI) أن حوالي 10% من عمليات زراعة الأعضاء تتم بواسطة أعضاء تم الحصول عليها بشكل غير شرعي من خلال تجّار الأعضاء، قد تبدو هذه النسبة صغيرة، لكن بالنظر إلى الأرقام، فقد بلغ عدد الكلى التي تمت زراعتها بشكل غير شرعي العام الماضي حوالي 10000 كلية حول العالم، أي حوالي كلية واحدة تقريبا كل ساعة. على الرغم من ذلك فهذه الأرقام بعيدة كل البعد عن سدّ احتياجات المرضى في قوائم الانتظار، إذ إنه من المتوقع أن تنتظر حوالي 4 سنوات قبل أن تستطيع الحصول على كلية بشكل شرعي دون وجود متبرع مباشر في كندا، 3.6 سنوات في أمريكا، 2-3 سنوات في المملكة المتحدة، وهذه الأرقام من الممكن أن تكون أكبر، الأمر الذي يجعل الطلب على الكلى والأعضاء بشكل عام يزداد بشكل كبير في هذه السوق غير الشرعية ويحفّز نموّها.

العمل تحت الطاولة:

على الرغم من أن الأعضاء التي يتم الحصول عليها من سوق التجارة غير الشرعي من الممكن أن تزرع في المشافي ذات السمعة الأفضل في العالم، إلا أن غالب هذه العمليات تجرى في عيادات سرية بعيدة عن عيون السلطات خوفاً من تتبعها للتجار. من الأمور السيئة الأخرى المرافقة لهذه السوق السرية أن المانح للعضو لا يتم التأكد من قدرته الصحية على الاستغناء عن العضو، مما يشكل خطراً على حياته في كثير من الأحيان، كما أن بعض جرائم الاتجار بالبشر الأخرى قد تتداخل مع تجارة الأعضاء إذ قد يتم أخذ الأعضاء من بعض الذين يتم الاتجار بهم بالجنس أو بالعمالة عنوةً (يتم سرقة أعضائهم) لتزيد فوق مأساتهم مأساة. في بعض الأحيان تحدث عمليات اختطاف بغية الحصول على الأعضاء الثمينة كالكلية والكبد، في كثير من الأحيان تقتل الضحية أو تترك لتواجه مصيرها بشق جراحي مفتوح دون أي عقامة أو إغلاق للجرح.

تعقّب عمليات تجارة الأعضاء:

على الرغم من اتباع تجار الأعضاء للعديد من التقنيات لإخفاء أثر عملياتهم، إلا أن السلطات البنكية تمكنت خصوصاً في السنوات الأخيرة من تحديد عدد من الآليات المتبعة عادة من قبل التجار، والتي في حال ملاحظتها تتم إجراء مراجعات شاملة للحسابات البنكية التي تستقبل هذه الحوالات، من هذه السيناريوهات:

حوالات بنكية إلى مناطق مصنفة على أنها عالية الخطورة فيما يتعلق بتجارة الأعضاء بأسماء مشتقة من كلمة طب.

الحوالات البنكية أو الإلكترونية والتي تحوي مبالغ ضخمة (بسبب السعر المرتفع للأعضاء).

التحويلات المتبادلة فيما بين الجمعيات الخيرية أو شركات السياحة الطبية.

ملاحظة موظفي البنك لإجراء أفراد يبدو عليهم المرض عمليات تحويل بمبالغ كبيرة لجهة واحدة أو عدة جهات قبل أن يقوموا بالسفر. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى