لا يمكن أن ننكر أن الكثير منّا –كمشجعي كرة قدم- يحلم بأن يكون لاعب كرة قدم محترف، ويعيش حياة الرفاهية والشهرة التي يعيشها نجوم الملاعب، ولكنّ حواجز كثيرة تقف في وجه تحقيق هذا الحلم، لعلّ أهمها حاجز الموهبة.
في الواقع، بالنسبة لـ كارلوس كايزر على الأقل، لم يكن هذا الحاجز كافياً ليمنع الشاب البرازيلي من الالتحاق بأبناء جيله من الأساطير، والدخول في عالم الشهرة والأضواء، ليكون مهاجماً شهيراً في قارة أمريكا الجنوبية دون أن يسجّل هدفاً واحداً حتى في مسيرته الطويلة! فمن هو كارلوس كايزر، وكيف تمكن من الوصول إلى ما وصل إليه من الشهرة و”المجد”؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا لليوم.
أحلام الشباب لا تنتهي
ولد البرازيلي كارلوس إينريكي رابوسو في إبريل من عام 1963، وعاصر الأجيال الذهبية التي لعبت لمنتخب البرازيل، وقمة مستويات الأندية البرازيلية في سبعينيات القرن الماضي، ليقرر توجيه مسار حياته -حاله كحال العديد من الشباب البرازيلي الطموح- تجاه كرة القدم، علّه يصل يوماً إلى النجومية.
رافق لقب “كايزر” كارلوس منذ طفولته، حيث أجاب حينما سئل عن سبب تلقيبه بهذا اللقب، بأنّه يعود لتشبيهه في صغره بأسطورة الكرة الألمانية فرانز بيكنباور، ليخرج أصدقاؤه لاحقاً ويكذبوا ادّعاءه، مؤكّدين على أن اللقب تم استلهامه من اسم شركة تصنع زجاجات البيرا!
خلال طفولته وشبابه الباكر، لم يكن كايزر يملك من مواصفات لاعب كرة القدم سوى اللياقة العالية، إذ كانت مهاراته في التعامل مع الكرة محدودة بشكل كبير، إلّا أنّ الحظ ابتسم في وجهه، حيث رآه كشافون من نادي بويبلا المكسيكي في تمارين اللياقة، فقرروا التعاقد معه على الفور بعقد قصير يمتدّ لثلاثة أشهر، وهنا بدأت مسيرة كايزر الوهمية.
كارلوس كايزر: سيد الحيل والخداع
خلال الأشهر الثلاثة التي قضاها كارلوس كايزر في المكسيك، لم يلعب أيّ مباراة رسمية، فحين وصوله إلى البلاد أكّد للمدرب أنّه يمتلك اللياقة، ولكنّه بحاجة للتدريب بعض الوقت للدخول في جوّ كرة القدم، الأمر الذي منحه خمسة أسابيع من التدريب المنفرد بعيداً عن زملائه، ليدعي بعد انتهاء الأسابيع الخمسة أنّه قد أصيب إصابة في أوتار قدمه (علماً أنّ أجهزة الرنين المغناطيسي المستخدمة في تشخيص إصابات الأوتار لم تكن شائعة في ذلك الحين، ولذا فقد كان المدرب والطاقم الطبّي يعتمد على كلمة اللاعب لتأكيد الإصابة)، ليجلس باقي الأشهر الثلاثة حبيس الدكة لإصابته، ويعود بعدها إلى البرازيل ليشرع في خدعته الجديدة.
خلق كايزر لنفسه في البرازيل شبكة واسعة من المعارف تضمّ لاعبين كباراً أهمّهم بيبيتو، ريناتو غاوتشو، وزيكو، إضافة إلى عددٍ من الصحفيين الناشطين في المجال الرياضي في البرازيل، وذلك من خلال الانخراط في جوّ الحياة الليلية والملاهي البرازيلية، واستخدام مهاراته الاجتماعية الممتازة.
كانت المقالات الرياضية الكاذبة التي أقنع معارفه من الصحفيين بكتابتها أحد أهمّ الوسائل التي استخدمها لبناء مجده الزائف، فعلى سبيل المثال، كتب أحد الصحفيين مقالاً عنه يؤكّد فيه أنّ كايزر قدم أداء مرعباً في المكسيك جعل من السلطات المكسيكية تسارع لعرض الجنسية المكسيكية عليه، في حين أنّ أحد المقالات الأخرى التي نشرت لاحقاً أشارت لاحترافه لسنوات تسع في نادي جازاليك أجاتشيو الفرنسي، ليتّضح لاحقاً أنّ كارلوس كايزر لم تطأ قدمه أصلا جزيرة كورسيكا الفرنسية؛ موطن النادي المذكور!
إحدى الخدع الهامة الأخرى التي استخدمها كانت استقبال مكالمات هاتفية وهمية تحوي عروض تعاقد مزيفة بلغات أجنبية أمام معارفه، ليقنعهم بأهميته المزعومة.
خلاصة مسيرة كارلوس كايزر
خلال مسيرته الطويلة، مثل كايزر عدداً من كبار الأندية البرازيلية منها فاسكو دي غاما، إنديبيديانتي، فلومينزي، وفلامينغو، ولكنّه لم يلعب فعلياً أية مباريات لأي من الأندية السابقة!
في الواقع، لم يتعدّ عدد المباريات الفعلية التي اشترك فيها كايزر 30 مباراة –جميعها مباريات ودّية- خلال مسيرة امتدّت لـ 20 عاماً، وكما أسلفنا، فلم يسجّل “المهاجم النجم” خلال هذه المباريات حتى هدفاً واحداً.
في وقتنا الحالي، يقيم النجم المحتال في بلده البرازيل، حيث فرّغ حياته لإدارة ناديه الخاص الذي يعمل فيه مدرّباً بدنياً.