قد تقوم بعلكها، تمطيطها، أو نفخ الفقاعات بواسطتها، بل وقد تلصقها على أسطح المقاعد في الحدائق والمرافق العامة إذا لم يكن أحد يراك؛ إنّها العلكة! واحدةٌ من أكثر وسائل الترفيه الغذائية انتشاراً حول العالم، ولكنّ استهلاكها يرتبط دائماً بواحدة من التحذيرات المتكررة، خاصة حين الحديث مع الأطفال، ألا وهو “لا تبتلع العلكة!”
في مقالنا لليوم سنرى وجهة نظر العلم بخصوص هذا الادعاء الهامّ، ونعرف إذا ما كان ابتلاع العلكة بالفعل قادراً على إلحاق أذى بجسمك، أذىً قد يصل بك إلى الموت حتى! فلنتابع
عالم العلكة أكبر مما تتخيل
لا تجعل كون العلكة أمراً ترفيهياً ينسيك حقيقة أنّها واحدة من أكبر الصناعات الغذائية عالمياً، حيث يقدّر حجم صناعة العلكة حول العالم للعام الماضي بحوالي 29 مليار دولار؛ مبلغ هائل من المقدّر أنّه سيتضاعف بحلول العام 2025. بالإضافة إلى أثر العلكة الاقتصادي الهائل، فهي أيضاً تملك عدّة آثار نافعة على الصحة إذا ما تمّ استهلاكها بالشكل الصحيح، فوفق عدد من الدراسات التي أجريت مطلع القرن الحالي، يمكن لاستهلاك العلكة بشكل معتدل أن يخفض مستويات التوتّر بشكل واضح، كما يمكن لتناول قطعة من العلكة الخالية من السكّر أن يحسن من الذاكرة والوظائف الذهنية أيضاً.
ماذا سيحدث إذا ابتلعت العلك مرة واحدة
رغم فوائد العلكة العديدة السابقة التي تمّ ذكرها، إلّا أنّه بالنظر في التركيب الكيميائي للعلكة سنجد أنّها كانت تصنع في الأساس من مطاط مستخرج بشكل مباشر من لحاء الأشجار، ولكن مع نهاية الحرب العالمية الثانية، نجح العلماء في اصطناع العلكة بشكل مخبري، الأمر الذي خفض بشكل كبير من كلفة إنتاج العلكة، وزاد انتشارها، ولكنّ هذه العملية أضافت مواد كيميائية تدخل في العادة في صناعة بعض أنواع الدهان والغراء الأبيض والأكياس البلاستيكية. على العموم، لننفي أولاً الشائعة الأشهر بخصوص العلكة، والتي تقول أنّ العلكة ستبقى في جسمك 7 سنوات بعد أن تبتلعها. الادعاء السابق ادعاء خاطئ تماماً، فالجسم السليم قادر على التخلص من العلكة عبر الجهاز الهضمي في زمن لا يتجاوز عدّة أيام. لكنّ الخطر كامن في الابتلاع المستمرّ والمتكرر.
ابتلاع العلك بشكل مستمرّ
بسبب التركيب الكيميائي المعقّد للعلكة –الذي ذكرناه سابقاً-، فإنّها تعدّ واحداً من المواد التي لا يقدر الجسم على هضمها (رفقة بعض أنواع البذور الأخرى)، وبالتالي فإن الكميات الكبيرة منها قادرة على التراكم سويّة وتشكيل سدادة داخل الجهاز الهضمي، تكون هذه السدادة في العادة قادرة على تسبيب مشاكل جمّة وذلك حسب موضعها، ودرجة انسداد الجهاز الهضمي بها، وهنا نحن نقف أمام حالتين:
إذا سدّت السدادة المكونة من العلكة الجهاز الهضمي بشكل جزئي:
في هذه الحالة سيصعب على الأغذية المهضومة ضمن الجهاز الهضمي العبور في طريقها بشكل طبيعي، الأمر الذي سيؤدي إلى تراكمها جزئياً رفقة العصارات الهاضمة والغازات خلف الانسداد. هذا التراكم سيسبب لصاحبه الألم البطني بكلّ تأكيد، ويترافق الألم مع الإسهال، الغثيان، الإقياء، والإمساك حتى. في هذه الحالة يكون الإجراء الطبي في المشفى لا يحتاج إلى عمل جراحي، بل يقتصر على تعويض السوائل باستخدام التغذية الوريدية، وقد يحتاج الأمر إلى إدخال أنبوب أنفي معدي لإخراج جزء من المواد المتراكمة في المعدة.
أمّا إذا سدّت السدادة الجهاز الهضمي بشكل كلّي:
نحن هنا أمام حالة خطيرة مهددة للحياة، فمن الممكن أن تتسبب السدادة بتراكم شديد للمواد الغذائية خلفها، ما قد يسبب تمزّق الأمعاء، وبالتالي انتقال الجراثيم المعوية (النافعة حينما تكون في الحالة السليمة) إلى جوف البطن، وإصابة الجسم بالتهاب إنتاني شديد قد يؤدي للوفاة. من الممكن أن يسبب الانسداد الشديد أيضاً حالة تدعى (الاحتشاء المعوي)؛ أي انقطاع الدم بسبب ضغط المواد المتراكمة عن جزء من الجهاز الهضمي، وبالتالي موت خلايا هذا الجزء، والإصابة بالتهابات وتنخرات شديدة ستؤدّي بالنهاية إلى الوفاة المحتومة إذا لم يتمّ إسعافها في المشفى.
يبدو أنّ أمّهاتنا كنّ دوماً على حقّ حينما أخبرننا أن لا نقوم بابتلاع العلكة، فالموضوع قد تصل آثاره إلى الوفاة!