نجح العلماء في عام 2019 في تحقيق إنجاز طمحوا لسنوات في الوصول إليه، ألا وهو تصوير ثقب أسود عملاق يدعى M87، وذلك بعد عمل حثيث من قبل مشروع تيليسكوب أفق الحدث ليكون هذا الإنجاز برهانا على معادلات ونظريات كتبها آينشتاين قبل زهاء قرن من الآن. رغم كل هذا التطور الذي وصل إليه علماء الفضاء والفيزياء، إلا أنّ الثقوب السوداء لا تزال في معظمها لغزاً كبيراً يستعصي عليهم حلّه بشكل دقيق. سنحاول في مقالنا اليوم أن نعرض لكم المعلومات التي تمكّن علماء الفضاء من الوصول إليها حتى وقتنا الحالي بخصوص ما يحدث داخل الثقوب السوداء، تابعوا معنا.
ما هو الثقب الأسود أساساً؟
يعرّف الثقب الأسود بشكل بسيط بأنّه كثافة مطلقة، حيث ينشأ الثقب الأسود في الأساس عن تجمّع كمّية هائلة من المادة في مساحة محدودة تتناهى إلى الصفر، والنتيجة في ذلك قوّة جذب هائلة تفوق قوة جذب أي جسم آخر في الكون، فجاذبية الثقب الأسود لا يستطيع الضوء حتى الإفلات منها، لذلك فنحن لا نزال جاهلين بشكل عام بخصوص ماهيّة الحال داخله.
ما الذي يحدث في حال دخولك للثقب الأسود؟
عندما تسحب الأجسام داخل الثقب الأسود، فإنّها تتعرض لعملية تدعى عملية التحول إلى شكل السباجيتي (Spaghettification)، وذلك لأنّ الجاذبية في الثقب الأسود كبيرة جداً وتتزايد بشكل مرعب كلّما اقترب من مركزه، ما يعني أنّ قدميك ستخضعان لتأثير جاذبية أقوى بكثير من الجاذبية التي سيتعرض لها القسم العلوي من جسمك، الأمر الذي سيؤدّي بك إلى التمطط بشكل يشبه قطع السباجيتي، كما أنّ إحساسك بالوقت سيتباطأ بشكل كبير مع اقترابك من مركز الثقب الأسود، وقبل وصولك إلى ما يسمّى “نقطة التفرّد”. هذا الأمر المؤكّد لدى العلماء حتى الآن، ولكنّ ذلك لا يزال يعدّ خارج الثقب الأسود بحكم أنّنا لم نصل بعد إلى المركز (نقطة التفرّد).
كل ما نعرفه عن نقطة التفرّد لا يزال نظريات!
بمجرّد دخولك نقطة التفرد، فإن العلماء عاجزون فعلياً عن معرفة ما سيحدث لك، لكنّ القوى الفيزيائية المفترض وجودها في الثقب الأسود ستجعلك تنكمش إلى مستويات بالغة في الصغر؛ مستويات أصغر حتى من مستويات الخلايا أو مستويات الذرات، ما يجعلك فعلياً تتحول إلى طاقة! ستتغير حالتك التي كنت عليها بالمطلق، كما أنّ كتلتك ستضاف إلى كتلة الثقب الأسود، ليختفي كيانك الأساسي بالكامل.
وفقاً لعلم الرياضيات، فمن الممكن أن تكون الثقوب السوداء ثقوباً دودية من نوع ما، أي أن تكون قادرة على نقلك بشكل آني إلى مكان وزمان آخرين، بل وحتى إلى أبعاد أخرى، ولكنّ هذه التنبؤات تبقى وفقاً للكثير العلماء حبراً على ورق، وذلك لأنّ الكون “فوضوي وغير مستقرّ بدرجة كبيرة ليدعم فرضية الثقوب الدودية” وفقاً لقولهم.
يبقى الأمر بذلك حتى اللحظة سرّاً كامناً يعتريه الغموض، ويصعب على علماء الفلك والفيزياء حلّه حتى اللحظة، ولكن من يدري، فربما يكون اكتشاف حلّ هذا اللغز أقرب مما نعتقد، إذ سبق للجنس البشري مراراً الاعتقاد باستحالة أشياء قبل أن يتمكّن العلم من سبر أغوارها.