هل شاهدت مسبقاً فيلم Avengers: End Game؟ إن كنت قد فعلت فستدري أنّ خطّة ثانوس (الشخصية الشريرة في الفيلم) تقتضي القضاء على نصف الكائنات الحية دون تمييز، وذلك حتى يتسنى للنصف الآخر العيش بشكل أفضل، وضمان مستقبل واستمرار الكائنات الحية وفقاً لنظرته. على الرغم من غرابة هذه الفلسفة التي اقترحها ثانوس، إلّا أنّ تجربة علمية تمّ إجراؤها في أواخر الستينيات من القرن الماضي من قبل العالم جون كالون، حملت اسم تجربة الكون 25 قد تؤكّد على خطورة التكاثر الهائل الذي طرأ على أعداد البشر خلال القرن الأخير تحديداً، فما هي تجربة الكون 25، وما هي النتائح التي توصّل إليها كالون فيها؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في مقالنا لليوم.
الكون 25: وفرة الموارد ربما هي ليست كل شيء!
بدأ عالم الصحة العقلية جون كالون عام 1968 تجربة فريدة من نوعها، قام فيها ببناء مساحة عيش للفئران التي ستخضع للتجربة، وفّر لهم فيها مجموعة من المساكن الصغيرة، وزوّدها بكل ما قد يحتاجه الفأر من غذاء غير محدود وماء، ووضع فيها 4 أزواج من الفئران، لتبدأ بذلك تجربته.
أخذت الفئرات بالتكاثر شيئاً فشيئاً مستفيدة من الظروف المثالية التي وفّرها كالون لها، حتى وصلت إلى عدد 2200 فأر، ليتباطأ نموّها بشكل سريع، ويتسطح رسم التكاثر البياني، وتبدأ الظواهر الغريبة بالتكشف.
أظهرت الفئران عند هذه المرحلة سلوكاً عدوانياً تجاه بعضها البعض، كما طورت سلوكاً جنسياً غير طبيعي، حتى أنّها بدأت تتجاهل وتهاجم أبناءها! أطلق كالون على هذا الانهيار التي أبدته الفئران في تجربته “الغرق السلوكي”.
انتقلت المشاكل السلوكية لدى هذه الفئران التي تم إشراكها في التجربة إلى الأجيال التالية، فالذكور الوليدة في هذا المجتمع انكفأت على نفسها مبتعدة عن الإناث، وبالتالي فالإناث لم تعد تنجب، حتى عندما أخرجت هذه الأفراد الصغيرة من التجربة، وأدخلت في مجتمعات طبيعية من الفئران، لم تكن قادرة على الاختلاط معها وإبداء سلوك طبيعي.
كانت النتيجة النهائية لتجربة الكون 25 هي موت جميع أفراد المستعمرة، رغم تشتت السبب الأساسي الذي أودى إلى هذا الغرق السلوكي، إلا وهو الازدحام (بعد أن ماتت أعداد كبيرة منها)، إلّا أنّ الموت الجماعي كان نتيجة لا مفرّ منها في نهاية المطاف.
إسقاطات خطيرة على مستقبل البشرية
تعاني البشرية في وقتنا الحالي من مشكلة شبيهة بالمشكلة التي تعرضّت لها فئران الكون 25، فعلى الرغم من قدرة البشر على توفير المواد الأساسية الغذائية والمائية (والتي يعاني البشر فيها أصلاً) إلّا أنّ الازدحام الكبير الذي يتزايد مع الوقت على كوكب الأرض، بدأ يشكل معضلة جديّة بالنسبة لمستقبل الجنس البشري.
لم يكبح كالون نفسه من إسقاط نتائج تجربته على حالة البشر، خصوصاً بمصطلحات كـ “اليانعين الفاشلين”، أو “الفاشلون اجتماعياً”، والتي شكلت نواتج نهائية للتجربة.
في الواقع، فقد حفّزت تجربة الكون 25 العديد من الحكومات على اتّخاذ خطوات جدّية ومتسارعة في سياق الحدّ من النموّ السكاني الكبير، ودعم برامج تنظيم الأسرة، كما ألهمت التجربة العديد من الأفلام خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي أهمّها “Soylent Green”، ولا تزال إلى يومنا مصدراً لأفكار العديد من الأفلام والمسلسلات الأخرى التي تحذّر من عواقب النمو السكاني غير المدروس.
بالنظر إلى الجانب الأكثر تفاؤلاً، فقد أكّد كالون في مقابلة صحفية أجراها عام 1978 أنّ هدف دراسته كان بشكل أساسي تحسين وضع السجون ومؤسسات الإصلاح النفسية، والتي يتمّ ملؤها في كثير من الأحيان بأعداد من النزلاء أكبر من قدرتها الاستيعابية الأساسية، الأمر الذي يترك أثراً كارثياً عليهم، وفقاً لكالون.