أخبارتقنية وعلوم

جدري القرود: هل نحن أمام كارثة صحيّة عالمية جديدة؟

لم يكد العالم يفيق من صدمة جائحة كورونا التي ضربت الكوكب بأجمعه خلال العاميين الماضين، لتخرج علينا منظمة الصحة العالمية بأخبار جديدة غير سارّة، مفادها انتشار مرض جدري القرود في 12 دولة من العالم، منها المملكة المتحدة والنمسا والبرتغال وألمانيا وهولندا، بعدد إصابات وصل إلى 120 إصابة، لتتعالى أصوات التحذير من انتشار المرض بشكل أكبر من ذلك، فما هو مرض جدري القرود، وما سببه، وما الذي يجعل العالم في حالة خوف منه؟

جدري القرود: الأسباب والأعراض

مرض جدري القرود هو مرض فيروسي المنشأ، ولا يعدّ مرضاً جديداً، فقد تمّ الكشف عن أول حالة منه في إفريقيا في عام 1970، ورغم القضاء على داء الجدري في العالم أجمع عام 1980، إلّا أن جدري القرود بقي يضرب بشكل حالات متفرّقة في عدد من دول العالم كالولايات المتحدة ودول غرب إفريقيا ووسطها. يستوطن فيروس جدري القرود في الوقت الحاليّ بشكل أساسي في غرب إفريقيا، ويتظاهر في الحالات الخفيفة والمتوسّطة بوهن عامّ، حمّى، قشعريرة، آلام متفرّقة في الجسد، أمّا الحالات الشديدة فيظهر فيها طفح جلدي وبثور في الوجه واليدين في البداية، ثم تنتشر منهما لباقي الجسم، لتزول الأعراض من تلقاء نفسها خلال أسبوعين لثلاثة أسابيع.

تتظاهر أعراض جدري القرود بشكل أقل خطورة من الجدري العادي، لكنّه ما يزال يحمل احتمالية تسبب بالوفاة تتراوح بين 1% إلى 15%، وهو رقم لا ينبغي التساهل بخصوصه.

كيف ينتقل مرض جدري القرود؟ وما هي العلاجات المتوفّرة؟

ينتقل جدري القرود من المرضى إلى الأشخاص السليمين بوسائل عدة، منها دخول الفيروس عبر تشققات الجلد، أو عبر الجهاز التنفسي، أو العينين والفمّ. من الممكن أن ينتقل المرض من الحيوانات المصابة بالفيروس إلى الإنسان بشكل مباشر، كالقرود والجرذان والسناجب والكلاب (وهو ما حدث حينما انتشر الفيروس في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003، حيث تم تسجيل الإصابات لمخالطين بشكل حميم لكلاب ضالّة).

لاحظ العلماء خلال هذا الانتشار الأخير للفيروس أنّ عدداً كبيراً من الإصابات التي تمّ تسجيلها كانت لمرضى مثليي الجنس أو ثنائيي الجنس من الرجال في معظم الأحيان.

لا يوجد حتى الآن علاج لمرض جدري القرود، لكنّ الدراسات أثبتت نجاح لقاحات الجدري في إنشاء مناعة ضد المرض في 85% من الحالات.

لماذا يشعر العالم بالخوف من جدري القرود هذه المرة بالتحديد؟

يقف العلماء عاجزين في الوقت الحالي عن تحديد سبب هذا الانتشار، فالخطير في الأمر أنّ الإصابات التي تمّ تسجيلها كانت لمرضى لم يسافروا إلى إفريقيا (وتحديداً المنطقة الغربية منها حيث ينتشر الفيروس).

تجعل هذه المعطيات العلماء في حالة خوف من احتمالية كون فيروس جدري القرود قد تطوّر وخضع لعدد من التبدلات التي غيّرت في صفاته.

مع كل ما سبق ووفق المعطيات الحالية، يبقى احتمال أن يتحول فيروس جدري القرود إلى جائحة عالمية كما حصل مع فيروس كورونا احتمالاً ضعيفاً، خصوصاً مع أخذ نسبة كبيرة من البشر للقاح الجدري أثناء طفولتهم، وهو ما يمنح نسبة مناعة مقبولة ضد الفيروس.

Mostafa Musto

طالب طبّ وكاتب محتوى، مهتمّ بالمجالات العلمية والثقافية والفنّية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى