على الرغم من أنّ منغوليا اليوم لا تشكل لاعباً كبيراً على ساحة السياسة الدولية، إلّا أنّ سلَف هذه البلاد البسيطة اليوم -الإمبراطورية المغولية- كانت إمبراطورية تعدّ ثاني أكبر الإمبراطوريات عبر التاريخ –بعد البريطانية- وأكبر إمبراطورية ممتدة برّياً. تأسست الإمبراطورية المغولية الشاسعة من وسط آسيا بعد أن قام جينكيز خان بتوحيد القبائل المغولية المتناحرة، وجمع فيما بينها بجيش واحد ليبدأ من بعدها حملته العسكرية الواسعة التي امتدّت لسنوات في بدايات القرن الثالث عشر، واستمرّت من بعده لتصل في أوج قوتها اتساعاً من أوروبا الوسطى إلى الصين، ومن بغداد ودمشق إلى سيبيريا. في مقالنا اليوم سنتحدث عن عدد من الحقائق التي تخصّ هذه الإمبراطورية المهيبة، فلنباشر:
غزو الإمبراطورية المغولية لليابان:
أمر قوبلاي خان بإرسال حملتين إلى اليابان لغزوها في العامين 1274 و1281، إلّا أنّ كلّاً من الحملتين فشلتا فشلاً ذريعاً، حيث اصطدم الأسطول المغولي في كل من الحملتين بالأعاصير القاسية التي تسبّبت في دمار 60 إلى 90 في المئة من القوات المغولية، وهو ما كسر الرهبة الكاسحة التي تمتّع بها الجيش المغولي كونه الجيش الذي لا يقهر، أمّا على الجانب الآخر من القصّة –الجانب الياباني-، فقد شكّل هذا الفشل الذريع لدى اليابانيين حدثاً هاماً في الحفاظ على أراضيهم من الغزو المغولي، فأطلقوا عليه اسم “كاميكازي”، أو الرياح المقدّسة، وهو مفهوم عاد إلى ذاكرتهم مرة أخرى بعد سبع قرون خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن هذه المرة بشكل مختلف!
عزّز جنكيز خان حكمه من خلال المصاهرة:
وفقاً لجاك ويذرفورد –الباحث التاريخي ومؤلف كتاب التاريخ السرّي لملكات المغول-فإنّ جنكيز خان في سياق إحكام سيطرته على المناطق التي بسط نفوذه عليها خلال غزواته، قام بتزويج بناته لأمراء القبائل الأخرى التي منحها حكم هذه المناطق، فعلى سبيل المثال لا الحصر: قام جنكيز بتزويج ابنته آلاكاي لأمير من قبيلة أونجود، كما قام بتدبير زواج ابنته آل-آتون لأمير من الإيجور، حيث كان يشترط في هذه الزيجات الاستراتيجية أن تكون بناته هنّ الزوجات الأساسيات لأزواجهنّ، لضمان تأثيرهنّ على مركز القرار.
الإمبراطورية المغولية تسيطر على الصين:
شكّلت معركة شيانجاينغ عام 1273 فصلاً هاماً في عملية سيطرة الإمبراطورية المغولية –قوبلاي خان تحديداً- على الصين بأكملها، حيث منحته القدرة على التعمّق في المناطق الجنوبية من الصين التي كانت عصيّة عليه بعد سيطرته على الشمالية منها لسنوات. تابع المغول غزوهم للأراضي الصينية حتى استسلمت سلالة سونغ التي كانت تحكم الصين بشكل رسمي عام 1276، ليعلن بذلك قوبلاي خان تأسيس سلالة أباطرة يوان الحاكمة للصين، والتي كانت أول سلالة تحكم الصين دون أن تنتمي لعرق الهان الصيني، كما قام بنقل عاصمة دولته من عصمة الإمبراطورية المغولية السابقة قراقورم التي تقع اليوم في أراضي منغوليا إلى خان بليق، والتي تقع في الموقع الحالي لمدينة بيجين الصينية عاصمة الصين. أسهم اندماج المغول في المجتمع الصيني بنقل جزء كبير من الحضارة الصينية إليهم، من أزياء وتقاليد، حتى أنّ بعض الأباطرة من هذه السلالة تحدثوا اللغة الصينية عوضاً عن لغتهم الأصلية.