أسقطت الكبار وأحرقت “جنة كرة القدم” عن بكرة أبيها، “الكالتشيو بولي”؛ الفضيحة الأكبر في تاريخ الدوري الإيطالي

يحظى الدوري الإنجليزي ومن بعده الدوري الإسباني في أيامنا هذه بالشعبية الكبرى بين أوساط متابعي كرة القدم الشغوفين بها، لكنّ الأمر لم يكن على هذا الحال دوماً، فحتى بدايات الألفية الجديدة، كان الدوري الإيطالي يتمتّع بالشعبية الكبرى عالمياً، بوجود أندية كـ ميلان ويوفنتوس وإنتر ميلان في حالة صراع مستمرّ لحيازة لقب الكالتشيو، رفقة أندية وسط خطيرة ومتنافسة بشكل دائم، ولكنّ الحال انقلب بحادثة مفاجئة ضربت الدوري الإيطالي في صيف عام 2006، حادثة أسقطت مصداقية التحكيم فيه ونزاهته، وهوت بكبار أندية الدوري إلى أسفل سافلين، فما هي فضيحة الكالتشيو بولي، ومن وقف وراءها، وما هي التبعات التي ترتبت عليها؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا اليوم.

شخصيات بارزة وأندية كبيرة

ضربت عاصفة الكالتشيو بولي كرة القدم الإيطالية في وقت حرج، بالتحديد قبل شهر من كأس العالم 2006 المقام في ألمانيا (والذي حققته إيطاليا في وقت لاحق)، حيث كشفت صحيفة “لا جازيتا ديلو سبورت” الرياضية الإيطالية عن محادثات سريّة بين عدد من رؤساء الأندية، ومسؤولين في الاتحاد الإيطالي لكرة القدم بغية التلاعب في تعيين الحكّام لصالح الفرق المتواطئة.

كانت أكبر الأندية متورطة في الفضيحة، وبالتحديد نادي يوفنتوس (متمثلاً برئيسه حينها لوسيانو موجي) إضافة إلى كلّ من أندية لاتسيو وفيورينتينا وريجينا، وميلان بدرجة أقلّ، حيث استخدم موجي؛ المحرك الأساسي للتلاعب أرقام هواتف سويسرية لتجنّب مراقبة السلطات الإيطالية للمكالمات التي دارت بينه وبين مسؤولي الاتحاد الإيطالي الفاسدين، والتي كان فحواها اختيار الحكّام الذين يفضّلون الأندية المتواطئة للإشراف على المباريات، بحيث كانت الأندية تختار الحكّام المفضلين من قبلها.

ظهرت التسجيلات في وقت لاحق للعلن، لتثبت الإدانة القطعية لموجي والأندية الأخرى، الأمر الذي دعا المدّعي العام للاتحاد الرياضي الإيطالي للمطالبة بإنزال عقوبات شديدة الصرامة بحقّ الأندية الأربعة التي ثبت تورّطها، تتمثل في طردها جميعاً من السيريا A، وإرسالها إلى دوري الدرجة الثانية، بالإضافة إلى فرض غرامات باهظة وحرمان من الجمهور.

تبعات الكالتشيو بولي

اعتبرت فضيحة الكالتشيو بولي صفعة في وجه إيطاليا كلّها، حيث كشفت كمية الفساد المتغلغلة في الجهاز الرياضي الخاصّ بها، لتردّ المحاكم الإيطالية على الفضيحة بشكل حازم، حيث عاقبت موجي؛ رئيس نادي يوفنتوس حينها بالحرمان من الانخراط في الرياضة الإيطالية بشكل مطلق، كما قررت خفض نادي يوفنتوس إلى الدرجة الثانية مع حسم 9 نقاط، وسحب الاعتراف بلقبي الدوري السابقين للحادثة (موسمي 2004/2005 و2005/2006)، وحرمانه بالتالي من المشاركة أيضاً في دوري أبطال أوروبا. أما ميلان فقد اقتصرت عقوبته على حسم 8 نقاط، إضافة إلى 30 نقطة من دوري الموسم الذي سبق الفضيحة (ليتغير بذلك موقعه في ترتيب الدوري السابق)، مع حرمانه من الجمهور لمباراة في ملعبه، بينما عوقب ريجينا بحسم 9 نقاط وغرامة 20 ألف يورو، وفيورينتينا بحسم 15 نقطة ومباراتين دون جمهور، والحرمان من المشاركة في دوري أبطال أوروبا، أمّا لاتسيو فقد تمّ حسم 3 نقاط منه، وحرمانه من جمهوره لمباراتين ومن المشاركة في الدوري الأوروبي.

أثّرت الحادثة بشكل كبير على الدوري الإيطالي، ليس من ناحية المنافسة فحسب، بل من الناحية الاقتصادية أيضاً، فطرد نادي يوفنتوس من دوري الدرجة الأولى الإيطالية فتح الباب أمام لاعبيه للخروج المجاني إلى أندية أخرى، كزلاتان إبراهيموفيتش الذي انتقل إلى إنتر ميلان، وتورام الذي اختار برشلونة، بالإضافة إلى زامبروتا وكانافارو وإيمرسون، في حين فضّل الآخرون البقاء مع السيدة العجوز في محنتها، كبوفون ونيدفيد وديل بييرو وتريزيجيه.

أثّر هذا الهروب الجماعي للنجوم بشكل كبير على شعبية الدوري الإيطالي، إضافة إلى تراجع الثقة في نزاهة مبارياته، ليستغلّ الدوري الإسباني والإنجليزي الفرصة ويسيطرا على شعبية المشاهدين بشكل تامّ، بما قدّمه كلّ منهما من منافسة شديدة على اللقب، واستقطاب أكبر نجوم الكرة إلى صفوفهم.

Exit mobile version