من ظل كرستيانو إلى منصات التتويج: رحلة كريم بنزيما

تخيل أنك لاعب كرة قدم ناشيء تخطو أول خطواتك نحو مسيرتك الإحترافية في الأندية الأوروبية، وكالعديد من اللاعبين فإن حلمك الأبرز هو اللعب في نادي القرن ريال مدريد ومن ثم تحقيق الكرة الذهبية، وهذا هو الحلم الذي لطالما راود كريم بنزيما كثيرًا في صغره فهو كان يعلم أنه لتحقيق هذا الحلم سيحتاج إلى الكثير من العمل والجهد، حيث أن النادي الذي يرغب في الذهاب إليه لا يكف مشجعوه عن المطالبة بتحقيق البطولات الكبرى وجلب أفضل اللاعبين والمهاجمين حول العالم.

كريم بنزيما

بعدما تمنى المهاجم الفرنسي كريم بنزيما اللعب لصالح نادي القرن ريال مدريد لسنوات هاهو قد لعب مع الفريق لأكثر من 8 سنوات وأصبح ثاني هدافي ريال مدريد التاريخيين الذي يتصدرها كريستيانو رونالدو، بل وحتى أنه هو القائد الأول لفريق ريال مدريد بعد رحيل راموس ومارسيلو مؤخرًا، وبعد سنوات من الكفاح ها هو قد حقق جائزة كرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم عن جدارة واستحقاق، لذلك فبعد تحقيق كريم بنزيما لهدفه الأكبر فقد حان الوقت للحديث عن المهاجم الفرنسي من بدايته وحتى تحقيقه للذهب ووصوله إلى منصات التتويج، في رحلة لا تُنسى، لذا هيا بنا.

أصول جزائرية ومسيرة كادت أن تنتهي قبل أن تبدأ!

ولد كريم بنزيما في ديسمبر من عام 1987 بمدينة ليون الفرنسية من والدين ذا أصول جزائرية كانا قد هاجرا مؤخرًا من الجزائر لينتقلا إلى ليون الفرنسية لتكون هناك حياة الاستقرار. بالنظر إلى أصوله العربية الجزائرية فقد واجه بنزيما صعوبات كثيرة من بينها التأقلم مع الاطفال في مثل سنه في مدرسته فهو لم يلقى ترحيبًا كبيرًا وعانى أحياناً من التمميز، وما زاد الأمر سوئًا أنه كان سمينًا بعض الشيء وهو ما عرضه للتنمر أيضًا.

وما لا تعرفونه أن بنزيما كان عرضة للإنحراف والإتجاه إلى طريق العصابات وطريق سيفسد حياته كثيرًا وينهي مسيرته قبل حتى أن تبدأ، وربما يصل به إلى طريق مسدود؛ حيث نعلم جميعًا أن العديد من أحياء ليون هي مناطق مليئة بالعصابات ونتيجة لهذا كان كريم بنزيما سيتجه إلى هذا الطريق لكن والده أنقذه من الإتجاه لهذا الطريق وأنقذ مسيرته التي ستكون حافلة بالنجاح.

امتلاك بنزيما لموهبة بالفطرة وأحلامه الكبيرة هي السبب فيما وصل له

بجانب عمل كريم بنزيما على نفسه من صغره فلقد كان يمتلك موهبة لعب كرة القدم بالفطرة وهو ما لاحظه مدربه الخاص عندما كان في الثامنة من عمره، حيث لاحظ أن هناك فارق شاسع بين موهبة بنزيما وبين موهبة باقي الأطفال في مثل سنه، كما أن بنزيما كان يتدرب بمفرده بعد التدريبات. تلك الموهبة وعمل بنزيما الشاق كان سببًا في وصوله إلى أكاديمية نادي ليون في التاسعة من عمره، واستمر في الصعود حتى وصل لفريق ليون تحت 16 عامًا وسجل معه 38 هدف كما وشارك في بطولة أمم أوروبا تحت 17 عامًا وحقق اللقب أيضًا.

مع تألقه المستمر استمر بنزيما في الصعود بين فئات فريق ليون العمرية المختلفة حتى وصل إلى الفريق الأول وشارك في أول مباراة له في يناير من عام 2005، وبالرغم من تواجد العديد من اللاعبين الكبار بالفريق إلا أنه استطاع أن يرتدي الرقم 10 وأصبح أحد أعمدة فريق ليون في ذلك الوقت.

كان بنزيما يمتلك ثلاثة أحلام يود تحقيقهم في حياته ومسيرته الكروية، وهم لعبه مع فريق ريال مدريد نادي القرن وتحقيق الكرة الذهبية وأخيرًا شراء منزل لوالدته وهو ما كشف عنه بنفسه.

البقاء في ظل كريستيانو رونالدو والسخرية المتواصلة منه

تألق بنزيما المستمر جعل أبرز أندية أوروبا تتهافت على ضمه والظفر بخدماته أبرزهم فريق ريال مدريد نادي القرن الذي لطالما كان يحلم كريم بنزيما بالإنضمام إليه، وبالفعل وصل عرض لبنزيما وضمه نادي ريال مدريد مقابل 35 مليون يورو في عام 2009 -العام الذي انضم فيه كريستيانو رونالدو للفريق- وبعد التعاقد معه ظل جوزيه مورينيو يعتمد على هيجواين كمهاجم أساسي أكثر من بنزيما، وأصبحت الجماهير تسخر منه بسبب إهداره للكثير من الفرص، وبجانب ذلك فمهما فعل بنزيما الفضل كله يذهب إلى كريستيانو رونالدو وهو المتوقع لأنه نجم الفريق لذلك ظل بنزيما في ظل كريستيانو رونالدو.

وإذا كنت من مشجعي الفريق الملكي فإنك تذكر موسم 2017-18 وكيف كان واحد من اسوأ مواسم كريم بنزيما في مسيرته الكروية حيث أصبح يهدر الكثير من الفرص فخلال 47 مباراة سجل 12 هدف فقط، ومن هنا زادت مطالبات الجماهير برحيل كريم بنزيما لكن زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد أنذاك تمسك به، كما ووصل الأمر بالجماهير إلى إطلاق صافرات الاستهجان على كريم بنزيما ومن كان يقف بوجههم دائمًا هو كريستيانو رونالدو.

رحيل أهم أعمدة الفريق وبنزيما يقف وحيدًا فهل تكون الريمونتادا ؟

بعد نهاية موسم 2017-18 بدأ موسم جديد ومع بداية هذا الموسم أصبحت أعمدة فريق ريال مدريد تتداعى شيئًا فشيئًا بداية من رحيل كريستيانو ورحيل راموس ورحيل جاريث بيل وفاران؛ بعد سقوط أهم أعمدة الفريق ظل بنزيما وحيدًا مع اللاعبين الشباب وهو من كان يجب أن يقود هؤلاء الشباب فهو من أصبح نائب قائد الفريق الأول ومن هنا بدأت الريمونتادا.

بداية الريمونتادا لكريم بنزيما بدأت من الموسم المنصرم 2021-22 فخلال هذا الموسم قاد الفريق أولاً للفور بكأس السوبر الاسباني بعد التغلب على برشلونة في نصف النهائي واتلتيكو بيلباو في النهائي، ومع بداية دوري أبطال أوروبا وبالتحديد في إياب دور الـ 16 أمام باريس حيث سجل هاتريك وعاد بالفريق بعدما كان على مشارف توديع البطولة، ثم في ربع النهائي أمام تشيلسي سجل 4 أهداف منهم هاتريك في الذهاب، وفي نصف النهائي أمام مانشستر سيتي سجل 3 اهداف ليذهب بنزيما بريال مدريد للنهائي أمام ليفربول.

وفي الدوري الاسباني قاد الفريق لتصدر الدوري الاسباني بأكثر من 80 نقطة ليحصد ريال مدريد الدوري رقم 36 في النهاية، وفوق كل هذا تصدر قائمة هدافي الدوري الاسباني بـ 27 بفارق 10 أهداف عن المركز الثاني، وكان ثاني أكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف في الدوريات الخمس الكبرى خلف كليان مبابي بتسجيل 44 هدف وصناعة 15 هدف في 46 مباراة في جميع البطولات.

ساهم كريم بنزيما في هذا العدد من الأهداف لأول مرة في مسيرته الكروية وربما هذا يفسر اجتهاده وعمله ليحقق حلمه الأكبر ألا وهو الكرة الذهبية وبالفعل وبعد اجتهاد وتفاني حقق كريم بنزيما الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم، ووقف على منصة التتويج ليصفق له الجميع بعدما صفق لهم كثيرًا في بداية الأمر، وفي الحقيقة قصة كريم بنزيما هي قصة للكفاح والعمل الدؤوب، ففي النهاية تجاهل انتقاد الجميع له ووصل إلى القمة وإلى منصات التتويج وأجبرهم على التصفيق له، وكل هذا ناتج عن أيمانه بنفسه وقدراته.

Exit mobile version