من أولى المباريات الدولية في التاريخ، وصولاً إلى ولادة المنتخب الألماني بشكله الحديث، وانتهاء بانتصار فلسفة الكرة الشاملة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. سنلقي اليوم نظرة على 3 من أهم المباريات في تاريخ كرة القدم؛ مباريات كانت قادرة على تغيير مجرى تاريخ اللعبة إلى الأبد! فلنباشر:
إنجلترا وإسكوتلندا (1872)
تم تأسيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم عام 1863 لينظّم قواعد اللعبة ومجرياتها في مهد الكرة الأول، لكنّ السنوات التسعة التي تلت تأسيس هذا الاتحاد تصنف كسنوات عقيمة من الناحية التكتيكية في إنجلترا؛ سنوات انتهت بالمواجهة الرسمية الأولى بين منتخبين وفقاً للفيفا، ألا وهي المواجهة بين إنجلترا وإسكوتلندا عام 1872. كان نمط اللعب الإنجليزي معتمداً بالكامل على احتفاظ اللاعب بالكرة، ومحاولته مراوغة لاعبي الخصم، حيث يكون التمرير خياراً أخيراً بالنسبة له، ولكنّ اللاعبين الإنجليز تفاجؤوا بالمنتخب الإسكوتلندي الذي كان قد سبق له التعامل مع التمريرات بين اللاعبين بشكل أسلس، حيث كانت جزءاً أساسياً من أسلوب لعبهم.
رغم أنّ المباراة انتهت بالتعادل السلبي، إلا أن الإسكوتلنديين أثبتوا علوّ كعب أسلوبهم على أسلوب أصحاب اللعبة، رغم أن الأخيرين كانوا أقوى منهم بشكل كبير من الناحية البدنية، ليتطور من بعد هذه المباراة أسلوب اللعب الإنجليزي بالكامل، ومعه أسلوب لعب كرة القدم عالمياً.
ألمانيا الغربية وهنغاريا (1954)
كانت كرة القدم في الخمسينيات أمراً مختلفاً بالمطلق عما هي عليه اليوم، فالبرازيل حينها كانت تسعى للتويج بأول لقب كأس عالم لها، والأندية الأوروبية لم تكن قد بدأت منافساتها القارية بالشكل الذي نعرفه اليوم. في ذلك العالم، كانت هنغاريا تحظى بالمنتخب الأقوى بلا منازع مع امتلاكها لنجم الكرة العالمية آنذاك بوشكاش، ومحافظتها على سلسلة لا هزيمة مستمرة لـ 32 مباراة، منها هزيمة المنتخب الإنجليزي بنتيجة 6-3، وهزيمة ألمانيا الغربية نفسها في دور المجموعات بشكل ساحق بنتيجة 8-3.
عندما تقابل الطرفان في النهائي، كان الأمر محسوماً من البداية في نظر العالم، ولكنّ الألمان تمكّنوا من قلب النتيجة بعد تأخرهم بهدفين في دقائق المباراة العشرين الأولى، لتنتهي المباراة بنتيجة 3-2 للألمان، فيفوزوا بكأس العالم الأول في مسيرتهم، وتنطلق نهضة كروية في ألمانيا الغربية جعلت من منتخبها واحداً من أقوى منتخبات العالم، في حين لم تتمكن هنغاريا من تحقيق هذا الإنجاز أبداً.
أياكس وإنتر ميلان (1972)
شهد عام 1972 مواجهة محورية بين مدرستين كرويتين متناقضتين بشكل كبير، الأولى هي الكاتيناتشو الإيطالية المعتمدة اعتماداً مطلقاً على الدفاع والمهام الثابتة للاعبين، والثانية هي الكرة الشاملة الثورية في ذلك الحين، والتي يتسنّى فيها للاعب أن يقوم بأي مهمّة من المهام في الملعب، ما يتيح له تغطية موقع زميله في حال فراغه، الأمر الذي يمنح لهجوم الفريق الذي يعتمد هذا الأسلوب انسيابية منقطعة النظير. بدأ ظهور أسلوب الكرة الشاملة على يد المدربين الإنجليزيين جاك رينولدز وجيمي هوغان، وتمّ تطبيقه وإتقانه لاحقاً في أياكس على يد رينس ميشيل، حيث نجح الأسلوب في النادي الهولندي نجاحاً منقطع النظير، خصوصاً مع وجود نجم الفريق الأهم في تلك المرحلة؛ الهولندي الطائر يوهان كرويف، والذي كان يعيش أفضل أيامه.
التقى أياكس في نهائي كأس أوروبا عام 1972 مع إنتر ميلان، فتشهد المباراة سحق أياكس للفريق الإيطالي بشكل تام بهدفين من توقيع يوهان كرويف. انتشرت فلسفة الكرة الشاملة من بعد هذه المباراة، وحازت شعبية كبيرة، حيث تمّ تطبيقها في عدد من الفرق والمنتخبات أهمّها المنتخب الهولندي، وميلان الثمانينيات أيام ساكي، وبرشلونة في السنوات الثلاثين الأخيرة.