ربما تكون أكاديمية برشلونة الشهيرة هي الأكثر شهرة في جميع أنحاء العالم. كانت La Masia أو “The Farmhouse” – جزءًا لا يتجزأ من نموذج برشلونة منذ أن تولى Laureano Ruiz زمام الأمور في أوائل السبعينيات. غالبًا ما يُنسب الفضل إلى يوهان كرويف باعتباره مهندس طريقة لعب برشلونة التي نراها اليوم، وإصراره على أن تلعب جميع فرق برشلونة بالطريقة نفسها، من الفريق الأصغر إلى الفريق الأول، وهو ما ساهم في صنع هوية لبرشلونة وفلسفة فريدة بصبغة كتالونية.
تم نسخ “تيكي تاكا”، كما أصبح أسلوب كرويف معروفًا، في جميع أنحاء العالم، ولكن لم يتم تطبيقه كما رأينا في برشلونة أبدًا، وبفضله، تأثر به بعض الشباب الواعدين خريجي مدرسة لا ماسيا وأظهروا إمكانيات واعدة.
ليونيل ميسي وأندريس إنييستا وتشافي هيرنانديز وكارليس بويول وجيرارد بيكيه وسيسك فابريجاس. هؤلاء هم بعض أفضل اللاعبين في العالم ومن خريجي تلك المدرسة الفذّة. ولكن ماذا عن أولئك الذين تم التنبؤ بأشياء عظيمة لهم ولكنها لم تتحقق تمامًا؟ دعونا نلقي نظرة على 5 مواهب واعدة لم تتمكن من النجاح في كامب نو على الرغم من الحفاوة الجماهيرية.
منير الحدادي
كان ينظر إلى الحدادي على أنه أحد ألمع المواهب في النادي عندما ظهر لأول مرة في La Masia وشق طريقه وصولًا إلى الفريق الأول. ترك المهاجم الإسباني الشاب انطباعًا جيدًا خلال أول موسم له في دوري أبطال أوروبا للشباب حيث سجل 11 هدفًا لفريق برشلونة تحت 19 عامًا في 10 مباريات فقط.
هذا الأداء المثير للإعجاب كفل للحدادي استدعاء مستحقًا لفريق برشلونة الأول في صيف 2014 وبدا مُنير مُستحقًا تمامًا لتلك الخطوة نظرًا لتطوره الملحوظ. بدأ المهاجم الإسباني أول مباراة له أساسيًا وتمكن من هز الشباك في أول ظهور له مما أكسبه تقييمات رائعة.
في سن 18 عامًا فقط، أطلق الكثير من الناس على منير لقب The Next Big Thing. لقد أصبح للتو ثالث أصغر من يُسجل بقميص برشلونة بعد زميله بويان كيركيتش والأسطوري ليونيل ميسي.
لسوء الحظ ، فشل الحدادي في الوفاء بكم الطموحات المعقودة عليه بكل هذا الوعد وكافح من أجل إحداث فارق في خط هجوم رائع للغاية يضم نيمار وسواريز وميسي، وبالتالي كان من المستحيل تقريبًا أن يضمن المهاجم الإسباني – المغربي فرصة أساسية في ظل وجود خط هجوم MSN المرعب.
فترتان على سبيل الإعارة في وقت لاحق في فالنسيا وألافيس، وكلتاهما كانتا ناجحتين إلى حد ما ولكن لا يوجد أي مؤشرات إيجابية على أداء استثنائي يُمكنّه من العودة للفريق، غادر الحدادي برشلونة في 2019 بصفة نهائية للتوقيع مع إشبيلية حيث سجل بقميص الفريق 25 هدفًا في 113 مباراة، ولم يتمكن في المقابل من حجز مكان في صفوف منتخب لاروخا مما دفعه لقبول تمثيل منتخب المغرب في النهاية.
جيوفاني دوس سانتوس
كان المهاجم المكسيكي مُلفتًا للأنظار لدرجة أن الأنصار رشحوه لأن يكون ليونيل ميسي التالي بعد بعض العروض الرائعة والملفتة للنظر في الفريق الرديف الذي سرعان ما جعله يترقى بسرعة وصولًا لفريق برشلونة الأول. سجل الشاب الصغير هدفًا مذهلًا لا يُنسى في مباراة ودية خلال صيف عام 2006 لفريق برشلونة الأول عندما كان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط ضد فريق إيه جي إف آرهوس جعل سقف طموحات الجماهير يرتفع.
بعد عام تقريبًا وعندما كان يبلغ من العمر 18 عامًا و 114 يومًا، ظهر دوس سانتوس لأول مرة في مباراة برشلونة ضد أتليتيك بيلباو. تألق المهاجم المكسيكي خلال سلسلة من المباريات مع الفريق الأول وسيتبع ذلك الأداء الرائع بتسجيله لهاتريك مثير ضد ريال مورسيا.
الكثير من الجماهير تيقنوا أنهم أمام لاعب غير عادي وليس مجرد ناشئ من اللا ماسيا وتوقعوا بزوغ نجمه في أقرب فرصة، وقد تم تقديره كواحد من ألمع المواهب داخل جُدران النادي، لكن المهاجم المكسيكي كان يائسًا للحصول على المزيد من الفرص للفريق الأول وضمان فرصة اللعب بانتظام. لم يتمكن برشلونة من الوفاء بمثل هذه الوعود وانقض توتنهام هوتسبير الإنجليزي لجذب دوس سانتوس إلى إنجلترا.
للأسف لم يستغل دوس سانتوس تلك الخطوة بل كانت بداية دوامة الهبوط المروعة للمهاجم المكسيكي. لقد قضى وقتًا سيئًا في توتنهام وفشل في إحداث تأثير وإقناع المدربين بإشراكه أساسيًا. سينتهي الأمر بدوس سانتوس بالذهاب على سبيل الإعارة إلى إيبسويتش تاون وجلطة سراي وراسينغ سانتاندير قبل أن يغادر الفريق الإنجليزي بشكل دائم إلى ريال مايوركا.
منذ ذلك الحين، حقق دوس سانتوس بعض النجاح الخافت في فياريال ولوس أنجلوس جالاكسي قبل أن يعود إلى موطنه الأصلي المكسيك ويتعاقد مع فريق كلوب أمريكا قبل أن ينتهي تعاقده في يوليو من العام الماضي ليظل بدون نادٍ منذ ذلك الحين.
على الرغم من فشله على مستوى الأندية، كان دوس سانتوس خادمًا رائعًا لبلاده على المستوى الدولي حيث خاض أكثر من مائة مباراة دولية وسجل تسعة عشر هدفًا. كان أيضًا جزءًا رئيسيًا من الفريق الذي حصل على الميدالية الذهبية في أولمبياد 2012 في لندن.
إسحاق كوينكا
عندما ظهر المراهق كوينكا ذو الأرجل الرفيعة صفوف لا ماسيا لأول مرة، كان يُنظر إليه كموهبة جبارة لها مستقبل واعد في عالم الساحرة المستديرة. بدت سرعته وأسلوبه الأنيق في اللعب وكأنها مناسبة تمامًا لأسلوب لعب برشلونة تيكي تاكا. بعد فترة إعارة ناجحة للغاية في فريق ساباديل، ظهر كوينكا لأول مرة مع النادي عندما كان يبلغ من العمر 20 عامًا كبديل في مباراة دوري أبطال أوروبا ضد نادي فيكتوريا بلزن التشيكي.
نظر بيب جوارديولا إلى إسحاق كوينكا باحترام كبير وأبقى الجناح داخل وحول الفريق الأول لـ برشلونة على أمل المساعدة تدريجياً في إدخاله ضمن التشكيلة الأساسية. أعطى جوارديولا كوينكا أول مباراة له في الدوري الإسباني بعد عشرة أيام فقط من ظهوره الأول في دوري أبطال أوروبا. بدأ كوينكا ضد مايوركا وسرق الأضواء بأداء مُبهر سجل فيه أول هدف كبير مع برشلونة وساعد الفريق الكتالوني على الفوز بخماسية نظيفة.
بعد أقل من شهرين، سجل كوينكا هدفه الثاني في فوز مماثل بخماسية على ليفانتي. بدت الأمور مشرقة بالنسبة للجناح الإسباني وتحت إشراف بيب جوارديولا، جعل كوينكا العالم تحت قدميه.
لسوء الحظ، ستُصاب أحلام وطموحات الشاب في مقتل حيث عانى كوينكا من إصابة خطيرة خلال الموسم التالي مما أدى إلى استبعاده لفترة طويلة. عند عودته، لم يكن كوينكا هو نفس اللاعب الموهوب الذي كان عليه من قبل.
غادر برشلونة في 2014 بعد فترة إعارة فاشلة في أياكس ولعب لعدة أندية منذ ذلك الحين في إسبانيا وتركيا وإسرائيل وأخيرًا اليابان حيث تم فسخ تعاقده مع نادي فيجالتا سنداي في أبريل 2021 ليظل بدون نادٍ حتى كتابة تلك السطور.
الإصابات المتكررة شابت مسيرة كوينكا الواعدة في برشلونة ويجب على المشجع الكتالوني أن يتساءل إلى أي مدى كان يمكن للجناح الإسباني أن يذهب إذا تمكن من تجنب تلك اللعنة. شارك كل من كوينكا في 30 مباراة مع برشلونة وسجل 4 مرات وقدم 12 تمريرة حاسمة.
ساندرو راميريز
المهاجم القوي والفعال، هكذا كان وضع ساندرو راميريز في فريق شباب برشلونة حيث ذكّرنا ببعضًا من لمحات البرازيلي رونالدو الشاب. لطالما جعلته عينه الممتازة على المرمى تهديدًا هائلاً للفرق المنافسة ولم تكن ترقيته إلى الفريق الأول من لا ماسيا مفاجأة.
في التاسعة عشرة من عمره فقط، ظهر ساندرو لأول مرة مع فريق برشلونة الأول في بداية موسم 2014/15 ضد فياريال. جاء ليحل محل بيدرو في الشوط الثاني وتألق خلال الفترة التي لعب بها. سجل المهاجم الإسباني هدفًا متأخرًا ليضمن فوز برشلونة ويحقق لنفسه انطلاقة رائعة في بداية مسيرته مع الفريق الأول.
بعد هدفه الأول الرائع، واصل ساندرو التدرب مع الفريق الأول لكن المنافسة كانت شرسة على الأماكن واضطر ساندرو للعب دور ثانوي خلف المواهب الرائعة في برشلونة حينها. ومع ذلك ، استمر ساندرو في إحداث تأثير محدود من على مقاعد البدلاء وسجل في دوري أبطال أوروبا ضد أياكس.
لكن للأسف، على الرغم من أهدافه، لم يكن ساندرو جيدًا بما يكفي لبرشلونة في صيف 2016 وغادر النادي للانضمام إلى نادي ملقا بحثًا عن المزيد من الفريق الأول لكرة القدم.
قدم ساندرو موسمًا ممتازًا مع النادي الأندلسي حيث سجل 14 هدفًا في الدوري الإسباني في 30 مباراة. كان هذا الأداء الرائع كافياً لإيفرتون لدفع الشرط الجزائي البالغ 5.2 مليون جنيه إسترليني.
كانت الفترة التي قضاها في إنجلترا مروعة للغاية حيث لم يشارك كثيرًا مع إيفرتون، وحاليا ساندرو في فترة إعارة مع فريق لاس بالماس في الدرجة الثانية بعد أن انضم لفريق هويسكا في 2020 بصفة نهائية.
شارك ساندرو بشكل عام في 32 مباراة مع فريق برشلونة الأول وسجل 7 أهداف بالإضافة إلى صناعته لهدفين.
بويان كركيتش
مسيرة بويان كركيتش هي واحدة من أغرب الحالات في قائمة برشلونة الطويلة من المواهب المُهدرة. كان المهاجم الإسباني الذي ينحدر من أصول صربية بلا شك أحد ألمع المواهب في جيله. كان مستواه المبكر في برشلونة على قدم المساواة مع ليونيل ميسي.
ظهر بويان لأول مرة مع برشلونة بعمر 17 عامًا و 19 يومًا فقط، وهو ما حطم الرقم القياسي لليونيل ميسي كأصغر لاعب يظهر مع برشلونة في الدوري الإسباني في ذلك الوقت. لقد أثار إعجاب الجميع في وقت قصير بأدائه المثير، وخلال موسم انفجاره، أصبح بويان تقريبًا من نجوم النادي الكتالوني حيث شارك في 30 مباراة في الدوري الإسباني وتمكن من هز الشباك 10 مرات.
كان بويان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط خلال الموسم بأكمله وكانت هذه الأرقام رائعة بشكل لا يصدق. في الموسم التالي، ارتدى بويان القميص رقم 11 لبرشلونة وكان يأمل في تقديم أداء بنفس المستوى. لسوء الحظ، فشل بويان في تكرار هذا العمل الفذ وأحرز هدفين فقط خلال موسم 2008/09. كان بويان لا يزال صغيراً وكان الوقت في صفه في الموسم التالي، فقد انتهى به الأمر برصيد 8 أهداف في الدوري، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت المنافسة على المهاجم شرسة في برشلونة حيث كان النادي يزخر بأفضل المهاجمين حينها أمثال إيتو وهنري وإبراهيموفيتش.
بقي بويان حبيسًا لدكة البدلاء ولم يكن قادرًا على النهوض بمستواه مرة أخرى. غادر النادي بعد وصول ديفيد فيا ووقع لروما الإيطالي. حقق بويان عودة جيدة إلى حد ما في روما ولكن غاب عنصر الإبهار، فقد سجل 7 مرات فقط في الدوري وتم إرساله على سبيل الإعارة إلى ميلان حيث هز الشباك 3 مرات فقط.
في الموسم التالي، فقد الكتالونيون الأمل في بويان تمامًا عند فشل إعارته إلى أياكس حيث لم تنجح الموهبة التي كان يُعقد عليها الكثير من الآمال في إثارة الإعجاب مرة أخرى، وترك اللاعب كتالونيا بشكل دائم للتعاقد مرة أخرى مع ستوك سيتي الإنجليزي في صيف 2014.
فترة غير ناجحة في إنجلترا تخللها إعارات إلى ماينز الألماني وألافيش الإسباني تبعها إنتقال مجاني إلى مونتريال الكندي ومن ثمّ إلى فيسيل كوبي الياباني بعد أن ظل أشهر طويلة بدون نادٍ، والنتيجة واحدة للأسف، لم يلمع بريق بويان ولم يتمكن اللاعب الشاب من استغلال موهبته التي أبهر العالم بها في بداية مسيرته.