في تجربة مثيرة للاهتمام، تم وضع ذرتين وتضخيمهما ومن ثم تجميدهما عند درجة حرارة مقاربة للصفر المطلق؛ أي أعلى بقليل من 237.15- درجة مئوية لصنع بوابة كمومية قوية فائقة السرعة مكونة من وحدتي Qubit، هذه التجربة قد تحل مشاكل الحوسبة الكمومية للأبد!
تُعد بوابة الـQubit وحدة بناء أساسية لأي حاسوب كمومي يعمل بكفاءة، ولهذا فإن التجربة السابقة قد يترتب عليها نتائج هامة، أهمها ابتكار معمارية جديدة للحواسيب الكمومية تفتح آفاقاً جديدة للحوسبة الكمومية، وتتخطى الحدود التي تحول دون تطور هذه التقنية، بحيث تصبح معالجة الحواسيب الكمومية أكثر سرعة وأقل استهلاكاً الطاقة وأعلى دقة.
مهلاً.. ما هو الـQubit وما أهميته للحوسبة الكمومية؟
ذكرنا في مقالة سابقة أن الـQubit مكون من كلمة Quantum أي كمومي وكلمة Bit أي وحدة البت، والـQubit مكافئ للـBit لأن كلاهما وحدة قياس البيانات الرقمية مع اختلاف الخصائص والأداء بالطبع. لحل أي مشكلة منطقية، يتعامل الحاسوب مع البيانات بنظام العد الثنائي المكون من الرقمين 1 و 0، وهو نظام أشبه بمفتاح الضوء بمنازلنا، ويتم ترتيب الرقمين بطرق لا متناهية مختلفة من حيث العدد والطول والتصنيف لتحقيق نتائج مختلفة.
ما يجعل الحوسبة الكمومية خارقة القدرات إلى هذا الحد، هو أن كل وحدتين من الـQubit يمكنهما الارتباط في حالة تُعرف باسم التراكب الكمومي لتكوين بوابة كمومية. كل Qubit يُعد بمثابة حاسوب متناهي الصغر، ومع ذلك عندما ترتبط كل بوابة مع الأخرى تكون الخوارزميات أقوى بكثير. للعلم، فإن الحواسيب الكمومية نوع من الحواسيب الخارقة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات أسرع بملايين المرات من الحواسيب العادية، لهذا فإن نجاح التجربة يُعد شوطاً جديداً لانتشار هذه الحواسيب.
مشكلة أزلية للبوابات الكمومية.. وما الحل إذاً؟
البوابات الكمومية ما هي إلا عملية منطقية ناتجة عن ارتباط اثنين من الـQubits، وهي أبسط مكون بالحاسوب الكمومي، كما أنها تسمح بربط أكبر عدد من الـQubits معاً مما يمكن الحاسوب من التعامل مع البيانات المُخزنة بهذه الوحدات. حاول العلماء بتجربة عدة مواد في تصنيع البوابات الكمومية، وحققوا إنجازات هائلة في هذا الصدد.
المشكلة أن البوابات الكمومية تتحلل بسرعة وبسهولة مع العوامل الخارجية. لكن يمكن التغلب على هذه المشكلة عبر تسريع البوابات، فإن كانت أسرع من جزء من مليون جزء من الثانية، ستتجاوز أي عوامل مسببة للضوضاء، وهذا يعني قراءات بيانات أكثر دقة. حاول مجموعة من الفيزيائيين بالمعاهد الوطنية للعلوم الطبيعية في اليابان التغلب على هذه المشكلة بتجربة استثنائية نستعرضها تالياً.
هكذا يتم طهو بوابة كمومية باستخدام الليزر!
استخدم الفيزيائيون ذرات معدن الروبيديوم في حالته الغازية كـQubits بهدف تحويلها إلى بوابات كمومية، وقاموا بتبريد هذه الذرات باستخدام الليزر لدرجة حرارة مقاربة للصفر المطلق كما ذكرنا في بداية المقالة، ثم قاموا بترتيب هذه الذرات بحيث تفصل بين كل ذرة والأخرى مسافة متناهية الصغر بدقة ميكرومترية باستخدام أشعة ليزر كملاقط بصرية.
بعد ذلك قاموا بتوجيه نبضات الليزر نحو الذرات مما نتج عنه اندفاع الإلكترونات بعيداً عن أنوية الذرات، عندها ازداد حجم الذرات لتتحول إلى ما هو معروف بذرات ريدبيرغ. مع توجيه المزيد من نبضات الليزر، استطاع الفيزيائيون تكوين بوابة كمومية خلال 6.5 نانوثانية أي أسرع بـ100 مرة من أي تجربة سابقة بذرات ريدبيرغ.
رغم أن البوابة الكمومية المكونة من ذرات الفوسفور استغرقت 0.8 نانوثانية فقط، إلا أن التجربة الأخيرة تُعد إنجاز غير مسبوق وقد تقودنا لاستخدام مواد جديدة تتجنب أوجه قصور غيرها من المواد. وما هي الخطوة التالية إذاً؟ قال فريق الفيزيائيين أنهم بحاجة لاستبدال الليزر التجاري بليزر مخصص لتضخيم الذرات بهدف زيادة الدقة وتقليل معدل الضوضاء، وهذا مؤشر إيجابي لمستقبل الحوسبة الكوميمة، لذا سنوافيكم بكل جديد في أوانه.