نهاية حقبة، هل تخسر نتفليكس سيطرتها على سوق خدمات البثّ عالمياً؟

خرج تقرير نتفليكس للربع الأول من عام 2022 منذ شهرين بنتائج صدمت سوق الأسهم، حيث أظهرت المؤشّرات انخفاض عدد مشتركي نتفليكس بمقدار 200 ألف مشترك، وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ تأسيس الشركة، ورغم أن هذا الرقم لا يشكّل حتى 0.1% من المشتركين في الموقع، إلّا أنّ هذا الخبر خسف بأسهم شركة نتفليكس في البورصة بشكل كبير، مما أدّى لانخفاض حادّ في قيمتها السوقية، فما هي دلالات هذا الانخفاض، وما هي الإجراءات التي ستكون نتفلكس قادرة على اتخاذها في هذا السياق لكبح التدهور؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في مقالنا لليوم.

نتفليكس تقع ضحية نجاحها

يشابه هذا التدهور الذي أصاب شركة نتفليكس نتيجة انخفاض المستهلكين نموذجاً أصاب عدداً من الشركات التي صعدت بقوة وبشكل مفاجئ، لتلقى انخفاضاً مشابهاً، فبالنظر إلى الإحصائيات الحالية، اكتسبت نتفليكس شعبية هائلة في السنتين الماضيتين نتيجة الحجر الصحي وسياسات التباعد الاجتماعي اللذين ترافقا مع جائحة كورونا، وبدأ الاهتمام يقلّ من قبل المستخدمين في الشركة شيئاً فشيئاً مع عودة الحياة إلى طبيعتها وخروج الناس من منازلهم.

إضافة لذلك، فمشاركة الناس حساباتهم مع أفراد العائلة والأصدقاء المقيمين في منازل أخرى يصعب على شركة نتفليكس النمو والتوسّع، فبدلاً من شراء حساب جديد، يقوم العديد من المستخدمين بمشاركة حساباتهم.

برز أيضاً في السنوات القليلة الماضية على الساحة عدد من المنافسين الشرسين الذي يسعون إلى تثبيت موطئ قدم لهم في سوق منصات البثّ، كخدمتي Disney+، و Apple TV، واللتين لحقتا بركب المنافسة التي كانت كلّ من Amazon Prime وHulu وHBO Max حاضرين فيها بقوة من الأساس، ما زاد صعوبة الاستئثار بالمحتوى غير الأصلي لنتفليكس نتيجة مضاربة المنافسين عليها، والذين يقومون بتقديم عروض أكثر إغراءً لأصحاب المحتوى الأصليين.

رغم كلّ ما سبق، فما تزال نتفليكس تستحوذ على الحصة الأكبر بمفردها من سوق البثّ، بعدد مشتركين يفوق 221 مليون مشترك، الأمر الذي يدفع المحللين الاقتصاديين للابتعاد عن أي توقعات بمنحى هابطٍ بشكل مستمرّ للشركة الأمريكية “أنا لا أتوقع أن يكون هذا الانخفاض نقطة تحول بالنسبة لـ نتفليكس”، بل هو أقرب ما يكون “لمستقبل ذو نموّ أبطأ” وفقاً لسكوت زاري؛ المحلل الاقتصادي العامل لصالح شركة S&P العالمية المعنية بتقييم مستويات الشركات والدول الاقتصادية، وتصنيفها الائتماني.

الحلول التي في جعبة نتفليكس لن تكون محبّبة للمستخدمين

يبدو أنّ الحلول التي تضعها نتفليكس في حسبانها لن تكون بمثابة أخبارٍ سارّة للمستهلكين، حيث تخطّط نتفليكس لإضافة الإعلانات إلى محتواها خلال العامين المقبلين، وذلك عبر حسابات ذات اشتراكات أقل ثمناً من الاشتراكات الأصلية، وهو أمر كانت تصرّ الشركة لسنوات على رفضه، وتؤكّد على أنّه خيار مستبعد بالنسبة لها، رغم ميل الكثير من المنافسين للجنوح إليه بشكل تلقائي، كـ Disney+، HBO Max، و Apple TV.

من الخيارات الأخرى التي بدأت نتفليكس بالفعل بتطبيقها في عدد من الدول، هو حظر مشاركة الحسابات بين المستخدمين الموجودين في منازل مختلفة، وهو أمر أثار حفظية الكثير من المستخدمين من حول العالم، لتردّ عليهم نتفليكس بوجود خطط تعمل عليها، تعتزم من خلالها السماح للمستخدمين بمشاركة حساباتهم ولكن مقابل اشتراك أعلى من الاشتراك العادي، فهل تنجح نتفليكس بالخروج من ورطتها التي وقعت فيها بأقل الأضرار، والعودة إلى منحى النمو الممتاز الذي حظيت به خلال السنوات الماضية، أمّ أنّنا سنشهد زوال عملاق تكنولوجي آخر عن الساحة؟

Exit mobile version