إذا نظرت إلى عائلة فيتشي (التي ينتمي لها لص إيطاليا الأشهر فاليريو فيتشي) فلن تتوقع حتماً أنّ هذه العائلة الراقية من المحامين ستنجب ولداً سيرعب بنوك إيطاليا كلّها، ويصل أذاه حتى بريطانيا أيضاً فيما عرف بأكبر عملية سرقة في تاريخ البلاد!
ولد فاليريو فيتشي في إيطاليا، وبدأ في عامه السابع عشر في الانحراف تجاه السرقة والسطو المسلّح، كما انضمّ إلى حركة إرهابية من اليمينيين الإيطالييين المتطرفين، ليتركها ويترك السياسة لاحقاً، ويتفرّغ لشغفه الأكبر؛ السرقة والسطو.
حياة “الذئب”
أطلق أصدقاء فاليريو فيتشي عليه لقب “الذئب”، وذلك لما عرفوه منه من خطورة وحياة جامحة لا تأبه بالقوانين، حيث قضى الشاب الإيطالي حياته في سرقة البنوك، إذ أثبتت السلطات الإيطالية عليه سرقة أكثر من 50 بنكاً بشكلٍ ناجح في إيطاليا، ليستعمل أموال هذه السرقات للصرف على نمط حياته الباذخ، قبل أنّ يقرّر توسيع نشاطه إلى المستوى العالمي، والقيام بأكبر عملية سطو في تاريخه –وتاريخ بريطانيا أيضاً!-.
بنك “نايتس بريدج” والجريمة شبه الكاملة
خطط فاليريو فيتشي لأكبر عمليات عمره في بريطانيا، حيث حصل على شريك مدمن للمخدرات، واستغلّ حاجته الشديدة للمال ليقنعه بتنفيذ الخطة رفقته، ليذهب مع شريكه إلى البنك بغية “فتح حساب وديعة” في صندوق الودائع التابع للبنك، وفي اللحظة التي دخلوا فيها إلى غرفة الودائع، أخرج كلّ من فيتشي وشريكه أسلحتهم اليدوية، وتمكنوا من السيطرة على البنك، والتغلب على عناصر الحراسة المتمركزين فيه، ليفتحوا المجال للأفراد المتواطئين معهم للدخول إلى البنك، والسيطرة عليه بالكامل.
في هذه الأثناء، قام فاليريو فيتشي بإفراغ محتويات القسم الأكبر من صناديق الودائع الموجودة في البنك، والتي احتوت على أموال نقدية ومجوهرات وسبائك ذهبية وصل مجموع قيمتها إلى 97 مليون دولار.
أكملت العصابة عملها وخرجت من البنك، ولم يصل أمر الاقتحام إلى الشرطة إلا عند مجيء الوردية الثانية من العاملين في البنك، والذين سارعوا بالاتصال بالشرطة، لتقوم الشرطة البريطانية بواحدة من أكبر عمليات البحث في التاريخ، وتنجح في القبض على معظم المشاركين في العملية، دون أن يجدوا لـ فاليريو فيتشي أثراً.
الخطأ الذي أودى بـ فيتشي في أيدي الشرطة
بعد العملية، سارع فيتشي بالهروب إلى أمريكا اللاتينية، حاملاً معه جزءاً كبيراً من الغنائم التي سرقها في عمليته الأخيرة، لكنّه قرر العودة مرة أخرى إلى المملكة المتحدة حتى يستعيد سيّارته الفيراري الفارهة من طراز “تيستاروسا” التي تركها هناك، لتلقي الشرطة البريطانية القبض عليه بعد مطاردته في سيارته، وإغلاق الطريق عليه في النهاية، وكسر زجاج سيارته الأمامي وسحبه منها.
أودع فيتشي في السجون البريطانية لخمس سنوات بعد قيامه بأكبر عملية سرقة في تاريخ البلاد. خلال سنوات سجنه، سئل فاليريو عن السبب الذي دفعه للقيام بسرقة بنك نايتسبريدج، ليكون جوابه: “لقد كان ذلك أفضل عمل أقوم به في حياتي، لقد كان سحرياً، مذهلاً، عندما أفكر بكمية المال والمجوهرات التي سرقتها في ذلك الحين، لكنت سأفعل الأمر مرة أخرى.”
الغريب في الأمر، أنّ ثلث أصحاب الودائع المسروقة من البنك لم يأتوا لتحصيل ما سرق منهم، والسبب في ذلك يعود لأنّ جزءاً من هذه الودائع احتوى على كميات من الكوكايين، الأمر الذي منعهم من طلب استردادها من الشرطة، وفقاً لرأي فيتشي.
نقل فاليريو إلى إيطاليا بعد انقضاء السنوات الخمس، ليعيش فيها تحت نظام شبه الحرية الإيطالي، والذي يسمح له بالخروج يومياً من السجن من السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءً، وافتتح خارج السجن مكتب ترجمة أداره.
انتبهت الشرطة إلى أنّ فاليريو فيتشي كان يلتقي بأعضاء من المافيا الإيطالية، وحين داهمته بالجرم المشهود أخرج مسدساً يدوياً وبدأ بتبادل إطلاق النار مع الشرطة، ليقع ضحية لذلك، وينجو عناصر الشرطة بإصابات طفيفة، ويكون ذلك الفصل الأخير في حياة هذا اللص الإيطالي الذي رفض التنازل عن أسلوب حياته الذميم حتى آخر أيامه.