تعتبر البراكين واحدة من أخطر الظواهر الطبيعية المحيطة بنا، فهي تمتلك قوّة تدميرية هائلة بما تحتويه من حمم ذات حرارة بالغة الارتفاع، وغازات سامّة صادرة عنها لا تقلّ خطورة هي الأخرى في حال دراستنا لأثرها على الإنسان. لا شكّ أنّ العقل البشري يراوده بين الفينة والأخرى أفكار تهدف للاستفادة من هذه الطاقة الهائلة التي تتمتع بها البراكين في خدمة مصلحته كما استخدم قبلها كلّا من طاقتي الشمس والرياح، ولعل واحدة من الأفكار التي تتبادر بسرعة إلى أذهاننا هي استخدام الطاقة الحرارية الهائلة التي تتمتع بها البراكين في التخلص من النفايات التي ننتجها على نحو مستمرّ. في مقالنا هذا سنسلط الضوء على ما قد يحدث في حال استخدمنا البراكين للتخلص من نفاياتنا، مستعرضين أبرز الصعوبات التي قد تواجهنا في سبيل تحقيق ذلك.
تكاليف النقل الباهظة
رغم أن كوكبنا يعج بالبراكين، إلا أنّ البركان الذي سنستخدمه للقيام بالمهمّة ينبغي أن يكون بركاناً نشطاً، ما يحصر خياراتنا المتاحة في 1500 بركان فقط على كامل سطح الكوكب، وهذه البراكين بالطبع ستكون بعيدة عن المناطق السكنية في معظم الحالات لأسباب لا تتطلب شرحاً، لذا فتكاليف عمليات نقل أطنان النفايات يومياً إلى البراكين ستكون مرتفعة بشكل مرعب.
نوع البركان المستخدم
في الواقع، ليست كل البراكين قابلة للاستخدام في إحراق النفايات، فالموضوع سيتطلب نوعاً محدداً من البراكين النشطة التي تدعى بالبراكين الدرعية، وهي نوع نادر من البراكين يشبه شكلها شكل دروع العصور الوسطى، إذ إنّها براكين قليلة الانحدار، وواسعة الفوهة، وبالتالي فهي –نظرياً- الأسهل من ناحية قابلية إلقاء النفايات فيها، لكنّ هذا ليس كلّ شيء بالتأكيد.
الأثر البيئي الكبير
إذا لم يكن السبب الاقتصادي هو الذي سيدفعنا لرمي نفاياتنا في البراكين، فإنّه سيكون بلا شكّ السبب البيئي، ورغبتنا في تخفيف الأثر الضار الهائل الناتج عن الحرق الاعتيادي للنفايات، ولكنّ ذلك لن يساعد على الإطلاق في تخفيف كمية غازات الكربون المنبعثة من النفايات المحترقة، بل ستضيف إليها أيضاً تنشيط البراكين التي هي مسؤولة بالأساس عن جزء كبير من غازات الكربون الموجودة ضمن غلاف كوكبنا الجوي.
يبقى السؤال الأهم: هل نحن قادرون على التخلص من النفايات في البراكين؟
الجواب البسيط في الواقع سيكون لا، والسبب؟ إذا ما غضضنا النظر عن الصعوبات السابقة التي أوردناها في مقالنا، فسنلجأ إلى تجربة أجراها علماء أثيوبيون عام 2000، قاموا فيها بإلقاء حقيبة ذات وزن 30 كيلوغراماً في فوهة بركان، حيث أدى ذلك إلى تنشيط الحمم مكان إلقاء الحقيبة، وارتفاعها عدّة أمتار فوق مستواها المعتاد، كما تسبب في زيادة إطلاق الغازات السامة من البركان بشكل كبير.
لدعم فكرة المثال السابق، بإمكاننا النظر إلى حادثة جرت في هاواي، حينما سقطت مجموعة من الصخور من الحافة المحيطة بفوهة البركان داخل الحمم، الأمر الذي تسبب بسلسلة من التفاعلات الكيميائية السريعة التي سببت دفقاً للحمم بارتفاع وصل إلى 85 متراً، ما يجعل فكرة إلقاء كمّيات كبيرة من القمامة أمراً بالغ الخطورة بكل تأكيد!