يعرف عن البرازيل امتلاكها لشواطئ بيضاء جذابة للسياح، شعب شغوف بشكل كبير بكرة القدم والكرنفالات، وحدوث واحدة من أكبر سرقات البنوك في التاريخ فيها! سرقة البنك المركزي في فورتاليزا هي أحد أكبر عمليات السطو على البنوك في التاريخ، إذ حازت شهرة عالمية ليس فقط بسبب المبلغ المسروق الهائل، والذي بلغت قيمته 70 مليون دولار، بل أيضاً بسبب التخطيط العبقري الذي اعتمد على حفر نفق تحت الأرض بطول 60 متراً، وبعمق 4 أمتار ونصف يصل إلى خزنة البنك، فما هي تفاصيل العملية، وهل تمّ القبض على الجناة؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا لليوم.
تخطيط ماكر وعمل دؤوب
بدأت العصابة البرازيلية تحضيراتها لـ سرقة بنك فورتاليزا المركزي قبل أشهر من تنفيذ العملية، حيث قام الأعضاء البالغ عددهم 25 عضواً باستئجار منزل مجاور للبنك لا يبعد عنه سوى أمتار معدودة، وحتى لا يثيروا الشبهات، وينقلوا أطنان التراب التي سيستخرجونها بسلاسة أثناء عملية الحفر، قاموا بإقناع الجيران بأنّهم شركة تصميم حدائق، ليبدؤوا لاحقاً بحفر النفق الذي وصف على أنّه تحفة هندسية بالنسبة للإمكانات التي عمل بها السارقون.
حفر المشاركون في سرقة بنك فورتاليزا المركزي نفقاً بعمق 4 أمتار ونصف، وامتدادٍ يصل إلى أكثر من ستين متراً، ليصل النفق بين قبو المنزل الذي استأجروه والخزنة الخاصة بالبنك، واستعملوا أثناء عملهم المناشير الآلية ومعدات الحفر اليدوية لإتمام المهمّة. تميّز النفق الذي حفره اللصوص بامتلاكه نظام إنارة وتهوية ممتازين، حيث قدرت السلطات البرازيلية تكلفة تجهيزه بما يزيد على 200 ألف دولار!
بدأ تنفيذ عملية السرقة في السادس من أغسطس عام 2005، بعد انتهاء الدوام الرسمي في البنك يوم الجمعة، اقتحم اللصوص خزنة بنك فورتاليزا المركزي، وسارعوا بإفراغ كامل المبلغ النقدي الموجود في الخزنة، والبالغ 160 مليون ريال برازيلي، أو ما يعادل 70 مليون دولار حينها، والذي كان يزن 3 أطنان ونصف الطن من الأوراق النقدية، ويخرجوا بعدها عبر النفق كما دخلوا أول مرة.
لم يتمّ اكتشاف حدوث السرقة حتى صباح يوم الاثنين، حينما دخل موظفو البنك إلى الخزنة الفارغة، واكتشفوا الفاجعة التي أصابت البنك المركزي ومن فيه.
رحلة البحث عن السارقين
أثار خبر سرقة بنك فورتاليزا المركزي ذعر السلطات البرازيلية بشكل كبير، خصوصاً وأنّ الأموال المسروقة مستخدمة في السوق من قبل، أي أنّها غير قابلة للتتبع، لتطلق الشرطة البرازيلية حملة ضخمة للقبض على اللصوص.
كان من حسن حظ السلطات البرازيلية أنّ أحد السارقين استخدم حصّته من المال بشكل مفرط الغباء، إذ اشترى 10 سيارات من إحدى وكالات السيارات في المدينة، ودفع ثمنهم نقداً بالكامل، الأمر الذي دفع مالك الوكالة للاتصال بالشرطة وإعلامها، ليكون الرجل بداية الخيط للإمساك بباقي المتعاونين.
بدأ السارق الذي تمّ القبض عليه بالإدلاء بملابسات العملية، حيث كشف عن تورّط رجل من داخل البنك معهم بالمؤامرة، إضافة إلى تواطئ سياسيين كبار في المدينة بالسرقة.
نجحت الشرطة بالقبض على ما يزيد عن 30 شخصاً متورّطاً بالعملية، حيث تبين للشرطة أنّ عصابة السارقين كانت تطلق على أنفسها ألقاباً رمزية، كالـ “زعيم الكبير”، و”الألماني”، و”المدرّع”، وأودع 26 شخصاً من المقبوض عليهم السجن بتهم السرقة والتواطئ فيها.
رغم القبض على هذا العدد الكبير من المتهمين، إلا أنّ المبلغ المسترجع من الأموال لم يتعدّ 8 ملايين دولار من أصل الـ 70 التي سرقت بالأساس، لتكون هذه العملية صفعة للسلطات في البرازيل لما كشفته من فساد ضمن سياسيي مدينة فورتاليزا، وسوء حماية للبنك المركزي فيها.