يطلق الناس عموماً على العاملين في المجال الطبي من أطباء وممرضين لقب ملائكة الرحمة، لما يخففونه عن مرضاهم من آلام، ولكنّ الحالة في موضوعنا اليوم مختلفة اختلافاً كاملاً، فقد حاز هارولد شيبمان؛ وهو طبيب إنكليزي وقاتل متسلل لقّب بملاك الموت، أو طبيب الموت، إذ راح ضحية أفعاله الشنيعة ما يزيد على 250 ضحية جلّهم من مرضاه كبار السنّ الذين وضعوا كامل ثقتهم فيه، الأمر الذي يزيد فعلته شناعة وقبحاً، فمن هو هارولد شيببمان، وكيف أجهز على ضحاياه، وما الدوافع التي أغرته للقيام بذلك؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا لليوم.
طفولة صعبة، وشباب ضالّ
ولد هارولد شيبمان في مدينة نوتنغهام الإنكليزية عام 1946، لعائلة متوسطة الحال أقامت في مانشستر، وقد عرف عنه أثناء طفولته التميّز، وإعجابه الكبير بالمجال الطبي، خصوصاً بعد أن رأى الأثر السحري الذي كان يعطيه المورفين في تخفيف آلام والدته التي كانت تعاني من المراحل الأخيرة من سرطان الرئة.
كبر هارولد وشبّ، ومشى في طريق حلمه في الوصول إلى شهادة الطب التي حاز عليها عام 1970 من جامعة ليدز، ليبدأ بعدها بسنوات وجيزة مرحلة تدريبه السريريّ للاختصاص، قبل أن يتم اكتشاف وصفات غير نظامية صادرة عنه لعقار البيتيدين الأفيوني (المسبب للإدمان)، والذي كان مدمناً عليه، ليتمّ فصله من تدريبه السريري، وإرساله إلى مؤسسة خاصة للعلاج من الإدمان.
طبيب الموت
عاد هارولد شيبمان بعدها بسنوات إلى ممارس المهنة الطبية كطبيب عام في ضواحي مدينة مانشستر، واكتسب سمعة طيبة بين الناس، ليأتي عام 1998 حاملاً معه مفاجأة من العيار الثقيل.
في العام المذكور، تمّ العثور على جثة إحدى مرضاه، والبالغة من العمر 81 عاماً ميتة في منزلها، وذلك بعد أن زارها شيبمان بساعتين فحسب، حيث ثارت الشكوك لدى أبناء الضحية كونها امتلكت صحة ممتازة في الفترة التي سبقت وفاتها، إضافة إلى إلحاح شيبمان على عدم ضرورة إجراء الفحص الشرعي والتشريح لجثة الفقيدة، أمّا القشة التي قسمت ظهر البعير فكانت وصية المريضة، والتي منحت فيها كامل أملاكها (والبالغ قيمتها 400 ألف جنيه إسترليني) لـ هارولد دون أن تترك شيئاً أولادها.
تمّ القبض على هارولد شيبمان، وحكم عليه عام 2000 بالسجن مدى الحياة لثبات ضلوعه في موت 8 من مرضاه، بالإضافة إلى تهم لحقته بالتزوير، لينتحر بعدها شيبمان في سجنه عام 2004 بالشنق.
أمرت المحكمة عام 2005 بإجراء تحقيق يستقي عدد الضحايا الحقيقي لـ هارولد شيبمان، والمفاجأة أن العدد تجاوز 250 ضحية، تمّ قتلهم بالمجمل من خلال حقنهم بجرعة زائدة من مادة مسكّنة تدعى (الديامورفين)، حيث فضّل اختيار الضحايا المرضى الطاعنين في السنّ، حتى لا يشكّ أحد في أسباب وفاتهم.
الدوافع الخفية وراء جرائم هارولد شيبمان
لا أحد يعرف يقيناً الدوافع التي أودت بـ هارولد شيبمان للقيام بأفعال شنيعة كهذه، لكنّ التفسيرات تختلف بين من يظنّ أنّه قام بكل ما قام به انتقاماً على وفاة والدته بالسرطان، بينما يقول آخرون أنّه كان يعدّه نوعاً من أنواع الموت الرحيم تجاه هؤلاء العجزة المرضى، بينما ذهب الفريق الأخير للاعتقاد بأنّه كان يفعل ذلك من باب جنون العظمة، كونه طبيباً يملك –في نظره- القدرة على التحكم بحياة الناس وموتهم.