السينما والمسلسلات لهما تأثير كبير جدًا على المجتمع في العديد من نواحي الحياة، فأحيانًا هذا التأثير يكون إيجابيًا ويُقدم للمجتمع درسًا في الحياة. ولكن في الأحيان الأخرى يكون التأثير سلبيًا وغرضه الأساسي هو فرض مجموعة من الأفكار والمعتقدات على مختلف الثقافات العالمية حتى يتم تعميمها في كل مكان.
تغيير السينما للقوانين المصرية
دعونا نعود بالزمن لعام 1954 مع العرض الأول لفيلم جعلوني مجرمًا لفريد شوقي، والذي كان يحكي قصة فتي صغير ضائعًا في الطريق فتلتقطه عصابة للنشل، وبعد فترة، يتم وضع هذا الطفل في إصلاحية الأحداث، ويحاول أن يجد عملا شريفًا بعد خروجه من الإصلاحية ولكنه يفشل.
بسبب هذا الفيلم تم إصدار قانون جديد في مصر ينص على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية وبذلك يستطيع أي شخص بعد إنهاء مدة عقوبته، أن يخرج مرةً أخرى للمجتمع ويجد عملاً ويعيش حياة كريمة هادئة بعيدًا عن نظرات المجتمع والذين يعيشون فيه.
من الأفلام الأخرى التي غيرت من القوانين المصرية وجعلتها أكثر منطقية وخدمت النساء بشكل كبير، هو فيلم أريد حلاً لفاتن حمامة. يتحدث الفيلم عن شخصيتها (درية) والتي أصبحت لا تطيق الحياة مع زوجها وتطلب منه الطلاق، ولكنه يرفض ذلك مما يدفعها للجوء للمحكمة حتى ترفع عليه دعوى طلاق شرعية.
دخل درية في متاهات المحاكم وتتعرض لسلسلة من المشاكل والعقبات التي تهدر كرامتها وتتعقد الأمور عندما يأتي الزوج بشهود زور يشهدون ضدها في جلسة سرية وتخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات!
بسبب ذلك الفيلم، تم تغيير قانون الأحوال الشخصية في مصر، وأصبح للمرأة إمكانية رفع قضية خلع إذا رفض زوجها الاستجابة لطلبها بالطلاق.
المافيا تُحب فيلم The Godfather؟
أما بالنسبة للتأثير الغريب نسبيًا بسبب الأفلام القديمة، ففيلم The Godfather كان له تأثيرًا على المافيا الحقيقية. بالطبع الفيلم بشكل عام كان يُجمل من شكل المافيا وطريقة حياتهم، وجعلهم يظهرون على أنهم هم الطيبون الذين يحاولون تحقيق العدل والسلام بين مختلف العائلات.
يقول أحد المُحققين القدامى في الشرطة، أن المافيا الحقيقية أُعجبت جدًا بفيلم The Godfather حيث رأوه بمثابة إجلال وإحترام لهم. واستوحى طريقة إرتداء ملابسهم بشكل جديد بسبب الفيلم!
توعية السينما بقضايا المجتمع
في السنوات الأخيرة، جاءتنا العديد من الأفلام والمسلسلات التي كان لها دورًا إيجابيًا للتوعية بقضايا مُعينة. مثلاً فيلم الـ Joker للممثل العبقري Joaquin Phoenix كان من أهم الأفلام التي سلطت الضوء على قضايا المرض النفسي وكيف من الممكن أن يؤثر على المرء ويجعله يقوم بالعديد من الأشياء المجنونة في المجتمع.
لكن على الرغم من أن شخصية الـ Joker هي شخصية مريضة مجنونة، إلا أنك كمشاهد قد تفاعلت مع تلك الشخصيات وأحببتها وأردته أن ينتصر في النهاية على الشرطة حتى وإن كان يُخالف القانون بشتى الطرق. هنا نجح الفيلم في إيصال نقطة أساسية وهي جعلك تتعاطف مع أصحاب الأمراض النفسية.
التأثير السلبي للسينما (وبالتحديد المصرية)
لكن هذا لا يمنع أن جزء كبير من الأفلام الحديثة له تأثيرات سلبية على المجتمع بشكل ضخم. دعونا نأخذ مثالاً على الأفلام المصرية الأخيرة (أفلام السبكي ومحمد رمضان) التي تستعرض البلطجة والرقص وكل الفواحش على أنها شيء طبيعي في المجتمع ويجب علينا أن نتقبل وجوده.
مع عدم وجود رقابة على أي أفلام أو مسلسلات من هذا القبيل في مصر، فيمكن لأي طفل أن يُشاهد تلك الأشياء في أي وقت يُريده سواء على التلفاز، عبر الإنترنت، أو حتى في السينمات. ومن هنا تنشأ عقولاً فاسدة في المجتمع تؤدي في النهاية لانتشار مختلف الحوادث والأشياء العجيبة التي أصبحنا نراها في مجتمعنا خلال الفترة الأخيرة!
الشبكات الغربية والترويج للمثلية الجنسية
شبكة مثل Netflix أصبحت تضم الشخصيات المتحولة جنسيًا أو الشخصيات المثلية في كل أعمالها بشكل عام. لا يوجد أي عمل لـ Netflix في الوقت الحالي لا يُركز على استعراض مختلف الشخصيات المثلية جنسيًا، والهدف بالطبع هو تعميم تلك الثقافة في مختلف مناطق العالم وأنه يجب على كل الشعوب وكل الديانات أن يتقبلوها بدون أي نقاش، وإذا قُلت عكس ذلك فسيقولون أنك عنصري!
ليست Netflix وحدها التي أصبحت تُركز على نشر مثل تلك الثقافات، بل حتى شبكة الأفلام الكرتونية الموجهة للأطفال Disney هي الأخرى، أصبحت تهتم بنشر مثل تلك الثقافات في المجتمعات عن طريق تضمين إيحاءات أو مشاهد بسيطة في أفلامها.
فيلم الشركة الأخير Light Year، تتضمن مشهد قبلة بين امرأتين ونحمد الله أنه تم منع الفيلم من العرض في مختلف دول الشرق الأوسط بسبب هذا المشهد. الفكرة هنا أن تلك الشبكات تحاول زرع تلك الثقافات في عقول الأطفال الصغار، ومع الوقت سيجدون أن هذا الأمر عاديًا ومقبولاً بالنسبة لهم حتى وإن كان لا يتفق مع دينهم أو ثقافتهم.
في النهاية، أي مسلسل أو فيلم درامي يهدف لشيء مُعين، هذا الشيء إما سيكون له فائدة على المجتمع بنشر نصيحة أو فكرة مُعينة سيتأثر بها المجتمع، وإما سيكون له هدفًا آخر سواء لفرض ثقافات أو السيطرة على عقول الصغار عن طريق زرع الأفكار الشاذة في عقولهم.
هنا يأتي دور الآباء والأمهات. لا تترك طفلك جالسًا على الهاتف أو التابلت الخاص به أو أمام التلفزيون بدون رقابة. علم طفلك الصح من الخطأ، وساعد في نشر ثقافة مجتمعك ودينك الصحيح لإبنك، بدلاً من أن يخرج في المستقبل بأفكار Netflix و Disney، وسنجد وقتها مجتمعنا يتحول لواحدٍ من أسوأ المجتمعات في العالم.