غيّر كرة القدم للأبد: ماذا تعرف عن قانون التسلل؟

قانون حاسم في كرة القدم، قادر على تغيير وجهة العديد من البطولات والألقاب وإحباط الكثير من الأهداف الحاسمة، كان بطل المشهد في مباريات مهمة عبر التاريخ وألغيت بسببه العديد من الأهداف الرائعة، تمنى بعضنا عدم وجوده في بعض اللحظات ويبُعث الكثير منا للحياة مُجددًا عندما يتسبب في إلغاء هدف في شباك فِرقنا. إنه قانون التسلل، أحد اللوائح الحاسمة في تاريخ كرة القدم، الذي لا يعرف أغلب المشجعين الكثير عنه وكيف تم اختراعه من الأساس ولماذا.

قانون التسلل

سنخوض رحلة سويًا في تلك المقالة عن كل التفاصيل الخاصة بذلك القانون المثير للجدل، حيث سنعرض لكم تاريخ قاعدة التسلل وكيف تطورت وتغيرت على مر السنين. بالإضافة إلى ذلك، سنستكشف لماذا سنّ مسئولي كرة القدم تلك القاعدة وماذا سيحدث إذا لم يكن هناك قانون تسلل في كرة القدم.

عندما خرج قانون التسلل إلى النور للمرة الأولى

منذ أن بدأ الناس في لعب أشكال مختلفة من اللعبة التي نعرفها الآن باسم كرة القدم، لم يتم تشجيع التمركز حول مرمى الفريق الخصم وانتظار الفرص للتسجيل. قبل أن تصبح قواعد كرة القدم رسمية في عام 1863، بدت محاولة ثني اللاعبين عن الوقوف في موقف تسلل مهمة شاقة.

اختلفت الطريقة التي لعبت بها فرق كرة القدم اللعبة في هذا الوقت من فريق لآخر ومن دولة إلى أخرى. فمثلًا قد يبدو القانون في مباراة ما في يوم من الأيام مختلف عن الشكل الذي يبدو عليه في المباراة التي تم لعبها في اليوم التالي.

في ديسمبر 1863، تم إدخال قانون التسلل كجزء من قواعد كرة القدم المُتفق عليها حديثًا. جرت المباراة الأولى باستخدام قاعدة التسلل في 19 ديسمبر 1863.

في هذه المرحلة من تاريخ كرة القدم، كانت اللعبة تُعاني بشدة بسبب وجود خلل عام في آلية سير المباراة الأمثل ولُوحظت العديد من الأخطاء في هيكل اللعبة وهو ما مهّد الطريق للترحيب بالإجماع بإدخال قاعدة التسلل في هذا الوقت.

بينما أصبح قانون التسلل رسميًا في عام 1863 – بفضل الرغبة المستمرة من مسئولي اللعبة في تلك الحقبة بتطوير القواعد والقوانين بمرور الوقت – كانت القاعدة حينها مختلفة تمامًا عما نعرفه الآن.

لمساعدتك على فهم كيف تغيرت قاعدة التسلل عبر تاريخها، دعنا نلقي نظرة بإيجاز على التغييرات الرئيسية لقانون التسلل على مر السنين.

1863: التعديل الأول في قانون التسلل

على الرغم من أن بعض الألعاب الرياضية طبقّت نسخة شبيهة من قانون التسلل في القرن السابع عشر، إلا أن أول استخدام مسجل للتسلل في كرة القدم كان خلال القرن التاسع عشر.

كانت نسخة عام 1863 من قانون التسلل أكثر صرامة من تلك المعمول بها اليوم.

اعتبرت القواعد أن اللاعب يُعتبر في موقف تسلل في أي وقت يكون فيه أمام الكرة عندما يلعبها لاعب آخر في فريقه. يمكن للاعب أن يحصل على تمريرة فقط إذا كان على نفس الخط المستوي مع المُمرر أو متأخرًا خلف اللاعب الذي يُمرر الكرة له.

الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة كان عندما يسدد اللاعب ركلة مرمى.

فبراير 1866: تطوير آخر في القانون

في فبراير 1866، راجع الاتحاد الدولي لكرة القدم قوانين اللعبة لأول مرة. كان أحد التغييرات هو تخفيف حدة قانون التسلل، لذلك تم الاتفاق على جعله أقل صرامة.

في تلك النسخة في قاعدة التسلل، يكون اللاعب متسللاً فقط إذا كان أمامه أقل من ثلاثة لاعبين من الفريق المنافس عندما يمرر له زميله الكرة.

أحد هؤلاء اللاعبين الثلاثة هو حارس مرمى الخصم.

تغيير قاعدة التسلل لعام 1925

في حين أن قاعدة التسلل لعام 1863 حلت مشكلة بقاء اللاعبين حول مرمى الخصم لضمان التهديف، فقد كشفت عن مشكلة أخرى؛ لم يسجل اللاعبون في كثير من الأحيان كما أرادت الجماهير والمنظمات الحكومية وشركات المُراهنات.

بعد استمرار اللعب بقاعدة التسلل الأولية لعقود، تم تعديل قاعدة التسلل في عام 1925 لتسهيل عملية تسجيل الأهداف.

قاعدة التسلل لعام 1925 مشابهة نوعًا ما للقانون المُستخدم حاليًا؛ يتم اعتبار اللاعب في وضعية تسلل في حال وجود لاعبين من الفريق الخصم أمامه.

لاحظ أن إصدار قانون التسلل لعام 1925 يتطلب من اللاعبين أن يكونوا أمامك وليسوا متساويين معك، بخلاف ذلك يُعد اللاعب مُتسللًا.

1990: الطفرة الأبرز في قانون التسلل

كان الأساس المنطقي وراء تغيير قاعدة التسلل لعام 1990 هو نفس جميع التغييرات السابقة؛ الحاجة إلى تسجيل المزيد من الأهداف.

يتطلب قانون التسلل لعام 1990 أن يكون لاعبان من الفريق الخصم على قدم المساواة معك وأن يكونا في صفك أي متساوين معك على نفس الخط من أجل اعتبار تلك الهجمة شرعية.

في حين أن الإصدارات السابقة من القانون كانت تتطلب من اللاعبين أن يكونوا أمامك، يمكنك الآن أن تكون في صف متوازي مع لاعبي الفريق الخصم من أجل البقاء خارج مصيدة التسلل.

لا تزال قاعدة التسلل هذه مستخدمة في عالم كرة القدم اليوم. في حين أن الرياضة قد تشهد تغييرًا مهمًا آخر للقاعدة قريبًا، إلا أنها لا تزال تعمل بشكل مثالي، حيث لا ترى اللعبة نقصًا في معدل الأهداف أيضًا وهو المطلوب في المقام الأول.

2005: تحديد آلية وشروط قاعدة التسلل

كان التغيير في 2005 محاولة لتوضيح أي جزء من جسم اللاعب يجب على الحكم مراعاته عند تقرير ما إذا كان اللاعب في وضعية تسلل أم لا.

قرر مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم إن الحكم يجب أن ينظر فقط إلى “جزء من رأس اللاعب أو جسده أو قدمه الأقرب للخط” عند تطبيق قاعدة التسلل.

كما أوضح مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) أنه يجب استبعاد يدي اللاعب وذراعيه من قرار الحكم لأن تلك الأجزاء من الجسم لا تمنح اللاعب أي أفضلية أثناء الهجمة.

لماذا اخترعت قاعدة التسلل من الأساس؟

لا يمكن إنكار أهمية وجود قانون التسلل في كرة القدم. الشخص الوحيد الذي قد يختلف معه هو المهاجم الذي وقع في المصيدة أثناء محاولته تسجيل هدفه الأول هذا الموسم!

في هذه الحالة، قد يتساءل المهاجم لماذا يُعد التسلل ضروريًا لكرة القدم؟

كان السبب الرئيسي وراء تطبيق قاعدة التسلل في كرة القدم هو منع تمركز اللاعبين في مرمى الفريق المنافس. يمنح ذلك الأمر أفضلية غير عادلة لفريق على الآخر، وتُقلل قاعدة التسلل من هذا الوضع غير المتوازن.

كانت هذه خدعة يستخدمها المهاجمون لتسجيل أهداف رخيصة عن طريق البقاء على قرب من مرمى الفريق المنافس في انتظار فرص تسجيل الأهداف. لقد كانت مشكلة كبيرة في كرة القدم، حتى قبل أن تصبح الرياضة رسمية.

من المهم ملاحظة كذلك أن قاعدة التسلل لم تشهد اعتمادًا عالميًا فوريًا في كل تعديل عليها حيث أبدت الكثير من الدول اعتراضها.

لكن بمرور الوقت، عندما أصبح FIFA الهيئة الحاكمة لكرة القدم العالمية وأصبح أكثر شمولاً، بدأت المزيد من الاتحادات في أن تُصبح أعضاء في المنظمة، مما يتطلب منهم الامتثال لقواعد اللعبة.

في الحقيقة يُعد قانون التسلل ناجحًا جدًا. في حين أنه تم تعديله عدة مرات لأنه كان يحول دون قدرة اللاعبين على تسجيل الأهداف، فقد ثبت أنه مفيد في النهاية أكثر من إلحاق الضرر بالرياضة.

ماذا لو لُعبت كرة القدم بدون تسلل؟

منذ ظهور قاعدة التسلل لأول مرة، كان هناك مجموعة من الناس ضد وجودها. تعتقد هذه المجموعة من المنتقدين أن القاعدة تقف في طريق جعل اللعبة مسلية أكثر. ولكن كيف كانت ستبدو كرة القدم إذا قرر الفيفا إلغاء قانون التسلل؟

أولاً، قد يؤدي ذلك إلى إلغاء دور الخطط والتكتيكات التي تجعل اللعبة مثيرة. قانون التسلل يجبر اللاعبين والفرق على أن يكونوا تكتيكيين وأن ينظموا أنفسهم ويعتمدوا على مهاراتهم الأساسية.

بدون هذه القاعدة، سيكون لدى اللاعبين مساحة كبيرة، وسيختفي الذكاء التكتيكي المطلوب لخلق فرص التهديف.

في العصر الحالي من اللعبة، يجب على المدافعين الضغط واللعب بخط مُتقدم على المصيدة والرجوع أيضًا والتمركز في الخلف في الوقت المناسب، ويجب على المهاجمين تحديد توقيت انطلاقتهم لاختراق الدفاع.

كانت ستبدو اللعبة فوضوية وكارثية في الحقيقة في حال غياب قانون التسلل، تخيل أن تدور أحداث المباراة بأكملها في منطقة مرمى الفريقين! على الرغم من أن تلك القاعدة تبدو مُحبطة في بعض الأحيان للمشجعين واللاعبين المتضررين ألا أنه القطعة التي كانت تنقص الساحرة المستديرة من أجل أن تُصبح بالشكل التي تُوجد عليه اليوم.

Exit mobile version