حادثة The Dyatlov Pass: واحدة من الحوادث الأكثر غموضًا في التاريخ!

في فبراير 1959، لقى 9 من الـ Hikers (المتزلجين/المسافرين) حتفهم في ظروف غامضة أثناء رحلتهم الأخيرة في الجبل الميت Kholat Syakhl. ظلت القضية غامضة وغير محلولة لسنوات طويلة، وبدأت تنتشر النظريات حول وجود فضائيين، UFOs، وحتى عملية سرية من لجنة أمن الدولة KGB الروسية. بعد مرور أكثر من 60 عام على الحادثة، تم فتح التحقيق فيها مرة أخرى، والنتائج الأخيرة منطقية “إلى حدٍ ما”. فما هي حادثة The Dyatlov Pass، وما الذي حدث بالضبط لهؤلاء الـ Hikers؟

من آخر الصور الحقيقية التي أخذها طاقم الرحلة

دعونا أولاً نتعرف على تفاصيل حادثة The Dyatlov Pass من البداية

بداية الرحلة ونجاة أحد أفراد الطاقم

تبدأ رحلتنا في معهد أورال الفنون التطبيقية في روسيا حيث تم جمع طاقم يترأسه Igor Alekseyevich Dyatlov لقيادة رحلة استكشافية للتزلج عبر جبل Kholat Syakhl المعروف بإسم الجبل الميت (Dead Mountain). باقي طاقم الرحلة تكون من:

كل هؤلاء كانوا طلبة سواء حاليين أو سابقين (عام 1959) في المعهد الروسي للفنون التطبيقية. تلك لم تكن أولى رحلاتهم الصعبة في الجبال الثلجية والخطيرة، حيث أن كلهم كانوا متمرسين في الـ Hiking وحصلوا على شهادة من الدرجة الثانية. تلك الرحلة كان الهدف منها هو حصولهم على شهادة من الدرجة الثالثة (أعلى شهادة متاحة في الاتحاد السوفيتي)، ولكنهم للأسف لم يعودوا من الرحلة على قيد الحياة حتى يحصلوا عليها.

كان مطلوبًا منهم أن يتجاوزوا حوالي 300 ألف كيلو متر في الجبال الثلجية، وتم تصميم الطريق من قبل مجموعة دياتلوف للوصول إلى المناطق الشمالية البعيدة من سفيردلوفسك أوبلاست والجداول العليا لنهر لوزفا. تمت الموافقة على الطريق من قبل لجنة طريق مدينة سفيردلوفسك. وكان الهدف النهائي من الحملة هو الوصول إلى جبل Otorten.

وصلت المجموعة بالقطار إلى بلدة صغيرة في وسط مقاطعة سفيردلوفسك أوبلاست الشمالية في الصباح الباكر من يوم 25 يناير 1959، ثم أخذوا شاحنة إلى قرية فيزاي. أثناء قضاء الليلة في فيزاي، اشترى المتزلجين الطعام للحفاظ على مستويات الطاقة لديهم في اليوم التالي.

الشخص الوحيد الذي بقى على قيد الحياة من الرحلة (Yuri Yuden)

ثم في 27 يناير، بدأوا رحلتهم نحو غورا أوتورتن. وفي 28 يناير ، أحد الأعضاء (Yuri Yudin)، الذي عانى من عدة أمراض صحية (بما في ذلك الروماتيزم وعيوب خلقية في القلب) عاد إلى الوراء بسبب آلام الركبة والمفاصل التي جعلته غير قادرًا على الاستمرار في التسلق. Yuri كان الشخص الوحيد الذي نجا من الفرقة، وأظن أن تلك كانت أول مرة في حياته يحمد الله على الأمراض الصحية التي عنده لأنها كانت السبب في إكمال حياته!

كان يعلم Yuri أن الرحلة تطلب حوالي 16 يوم ليتم الإنتهاء منها بشكل كامل وقد أخبره رفاقه أنهم سيرسلون له برقية بعد الوصول إلى محطتهم النهائية. توقع Yuri أن تتأخر الرسالة قليلاً خاصةً وأن التغيرات الجوية من الممكن أن تؤثر على أي رحلة تسلق جبال. بعد انتظار لمدة تقترب من شهر، قرر  Yuri وعائلات الأشخاص الآخرين أن يُبلغوا المعهد والسلطات أن الفرقة اختفت، وقرروا إرسال رحلة بحث ليتعرفوا عما حدث لهم.

الخيمة المُدمرة لطاقم الرحلة

الأمور انقلبت رأسًا على عقب بعد مغادرة Yuri

في 26 فبراير، وجد الباحثون خيمة المجموعة المهجورة والمدمرة بشدة في جبل Kholat. الخيمة كانت مغطاة بالثلوج، فارغة، وبها كل متعلقاتهم. قال المحققون آنذاك أن الخيمة كان قد تم تمزيقها من الداخل!

تم اتباع تسع مجموعات من آثار الأقدام، التي تركها أشخاص يرتدون الجوارب فقط أو حذاءًا واحدًا أو حتى كانوا لا يرتدون شيئًا في أقدامهم. على بُعد حوالي 1.5 كيلومتر، وجد الباحثون بقايا نار تخييم أسفل شجرة،  وعثروا هناك أول جثتين، وهما Krivonischenko و Doroshenko، بدون أحذية ويرتدون ملابس داخلية فقط!

أغصان الشجرة نفسها كانت مكسورة حتى ارتفاع 5 أمتار مما يوحي بأن أحد المتزلجين قرر تسلقها حتى يبحث عن شيءٍ ما (التوقعات تُشير إلى أنه كان يبحث عن مكان الخيمة). بين هذا المكان والخيمة، تم العثور على ثلاثة جثث أخرى وهم Dyatlov، Kolmogorova، وSlobodin، ويبدو أنهم ماتوا أثناء محاولتهم للرجوع إلى الخيمة مرةً أخرى.

جثث بعض ضحايا الحادث

كل هؤلاء الخمسة قد ماتوا من انخفاض في درجة حرارة الجسم بسبب البرودة القصوى التي كانوا فيها حيث كانت درجة الحرارة حوالي -30 درجة مئوية تقريبًا، ومع إنعدام الملابس الثقيلة الكافية، فكان موتهم حتمي.

استغرق العثور على المتزلجين الأربعة الباقين أكثر من شهرين حتى تم العثور عليهم في 4 مايو تحت أربعة أمتار من الثلوج في وادي على بُعد 75 متر تقريبًا من الشجرة التي مات تحتها Krivonischenko و Doroshenko. كان ثلاثة من الأربعة يرتدون ملابس أفضل من الآخرين، وكانت هناك علامات على أن بعض ملابس أولئك الذين ماتوا أولاً قد أزيلت لاستخدامها من قبل الآخرين حيث كانت تستخدم Dubinina البنطلون الخاص بـ Krivonishenko.

3 من أصل الأربعة الذين توفوا تحت الثلوج ظهر على جثثهم آثار عنف. Thibeaux-Brignolles كان عنده تلف كبير في الجمجمة. Dubinina و Zolotaryov عانا من كسور كبيرة في منطقة الصدر. ليس ذلك فقط، بل بعضهم فقد عينيه وحاجبيه و Dubinina فقدت لسانها!

الأمر الأكثر غرابة هو أن فرق البحث والطب الشرعي تمكنت من العثور على ملابس بعض أعضاء الفرقة وهي تحتوي على إشعاع. إذًا من أين نجم هذا الأمر خاصةً وأن المكان لا يوجد به أي شيء يؤدي لحدوث ذلك. لم يتم تفسير وجود إشعاع على ملابسهم حتى يومنا هذا.

بعض التقارير من الحادثة

التقارير الرسمية من الحكومة كانت غريبة نسبيًا

التقارير آنذاك وضحت أن القوة المطلوبة لإحداث مثل هذا الضرر ستكون عالية للغاية، ويمكن القول أنها مماثلة لتلك الناتجة عن حادث سيارة مثلاً. الفكرة هنا أن الجثث لم تكن بها جروح خارجية مرتبطة بكسور العظام، ويبدو أنها قد تعرضت لمستوى عالٍ من الضغط!

مُلخص تقارير الطب الشرعي جاءت كالآتي:

تم غلق التحقيقات بشكل رسمي في 28 مايو 1959 و الاستنتاج النهائي كان: سبب موت هو قوة طبيعية قاهرة غير معلومة لم يستطع أعضاء الفريق التغلب عليها.

شعب الـ Mansi

نظريات العالم حول ما حدث في جبل Kholat Syakhl

بالطبع في وقتها لم نكن قد توصلنا إلى العلم الحالي، ولكن العديد من الأشخاص قد أوضحوا أن أكثر سبب منطقي أدى لوفاة الفرقة هو إنهيار ثلجي سريع حدث جعلهم يخرجون من الخيمة عن طريق شقها من الداخل، ثم توالت الأحداث حتى فقدوا حياتهم بمختلف الطرق التي ذكرناها.

بعض الأشخاص أوضحوا أيضًا أنه من الممكن أن شعب الـ Mansi الذي كان يعيش بالقرب من المنطقة قد قاموا بقتل الفرقة، ولكن هذا غير منطقي وتم نفيه مع الوقت خاصةً وأنه لا يوجد أي سبب منطقي يدفع شعب الـ Mansi لقتل فرقة الـ Hiking حيث أنهم لم يفعلوا لهم شيء!

بالطبع لن تمر حادثة مثل تلك بدون رابطها بأمور خارقة للطبيعة. بعض النظريات التي تم نشرها آنذاك كانت عن مخلوق الـ Yeti (كائن خيالي يُشبه القرد، عملاق ومُغطى بالثلوج). الأمر الذي جعل الأشخاص ينظرون في تلك النظرية هو نشر صورة تم أخذها من كاميرا أحد المتوفين في الحادث والتي تُظهر شيء يخرج من خلف شجرة لونه أبيض وحجمه كبير.

صورة أخذها الطاقم في آخر أيامهم

البعض أوضح أن هذه الصورة لـ Yeti بالفعل وهذا هو الشيء الذي قتلهم في تلك الليلة، ولكن إذا نظرنا للصورة بشكل منطقي فسنجدها صورة شخص عادي يرتدي معدات عادية لمكافحة برودة الثلج.

هل سيُمر الأمر بدون الذين ينشرون نظريات المؤامرة؟ بالطبع لا. العديد من الأشخاص أوضحوا أن الذي قتل الفرقة هم فضائيين خاصةً وأن الأشخاص المحيطين بالجبل أكدوا وجود شيء متوهج في السماء يوم الحادث. 

إذا نظرنا للأمر بشكل منطقي فبالتأكيد لا يوجد فضائيين أو أي شيء من هذا القبيل. نحن نتحدث عن عام 1959 الذي يقع في قلب الحرب الباردة ومواجهة التسليح الثقيل بين الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية. هذا “الشيء” المتوهج من المحتمل أن يكون صاروخ تجارب أطلقه الاتحاد السوفيتي، ومن المحتمل أن يكون نيزك صغير كان يقع من السماء يومها.

إعادة فتح التحقيقات مرةً أخرى في فبراير 2019

بعد حوالي 60 سنة من قيام الحادث، قررت السلطات الروسية فتح التحقيق في الأمر مرةً أخرى في فبراير 2019 وقد نظروا في 3 احتمالات لموت هذا الطاقم من المتزلجين. إنهيار ثلجي، إنهيار جليدي، أو إعصار. قررت السلطات أن تُهمل إمكانية حدوث جريمة قتل مُتعمدة لأنها (كما ذكرت) غير منطقية.

هناك تفسيران هما أقرب للواقع. التفسير الأول هو أن هذه المنطقة المعزولة كان يوجد بها تجارب عسكرية من الإتحاد السوفيتي (وهذا يُفسر رؤية شيء متوهج في السماء). طاقم المتزلجين استيقظوا من نومهم على صوت إنفجار ضخم و هرعوا بالهروب من الخيمة بدون ملابسهم الأساسية ثم توالت الأحداث التي ذكرناها حتى وفاتهم.

التفسير الثاني جاء من بعثة سويدية-روسية ذهبت لموقع الحادث مرةً أخرى في 2019، وبعد التحقيقات، اقترحوا أن الرياح Katabatic كانت تفسيرًا معقولًا للحادث. تلك الرياح هي أحداث نادرة إلى حد ما ويمكن أن تكون شديدة العنف. الفكرة أن تلك النوعية من الرياح قد تورطت في قضية عام 1978 في جبل أناريس في السويد، حيث قُتل ثمانية متنزهين وأصيب واحد بجروح بالغة. وقد لوحظ أن تضاريس هذه المواقع متشابهة جدًا وفقًا للبعثة.

صورة توضيحية لرياح Katabatic

البعثة أكدت أن تلك النوعية من الرياح جعلت البقاء في الخيمة مستحيلاً ولذلك قررت الفرقة آنذاك أن تخرج من الخيمة بسرعة، وكان المسار الأكثر عقلانية هو البحث عن ملجأ خلف خط الأشجار في غابة قريبة ثم توالت الأحداث حتى وفاتهم.

آخر سؤال سنُجيب عنه هو حول الإصابات البليغة التي حدثت لأفراد الطاقم وفقدان بعضهم لأعينهم وحواجبهم (وبالطبع فقدان Dubinina لسانها). الإجابة المنطقية هي أن الرياح تسببت في بعض تلك الإصابات، ثم تحللت جثثهم بشكل تدريجي بعد هبوط 4 أمتار من الثلوج عليهم خاصةً وأنه كان يوجد مجرى مياه قريب منهم ساعد الجثث في التحلل بسرعة. الأعين واللسان هي مناطق أنسجة ناعمة سريعة التحلل. الجثث ظلت تحت الثلج لأشهر طويلة، فبالطبع قد بدأت في التحلل آنذاك.

طاقم حادثة The Dyatlov Pass

في النهاية، أيًا كان السبب الرئيسي في حدوث حادثة The Dyatlov Pass، فهو سبب منطقي وواقعي يمكن تفسيره بالعلم خاصةً مع التقدم الذي وصلنا له. أي شخص صدق أو لا يزال يُصدق حتى الآن وجود أمور خارقة للطبيعة قد حدثت في هذا المكان سواء كانت فضائيين أو Yeti، فهو يُفكر بشكل خاطئ من كل النواحي، ولا يزال يتابع نظريات المؤامرة الغير منطقية. من المحتمل ألا يتم حل لغز The Dyatlov Pass للأبد خاصةً مع عدم تأكيد أي نظرية سواء كانت علمية أو لا، ولكن الذي نستفيده من هذا الحادث هو التأكيد على عدم التفكير في المخاطرة بحياتك من أجل هذه الأمور. حافظ على حياتك، لأنها من الممكن أن تتلاشى من حيث لا تعلم.

أقرأ أيضًا:

Exit mobile version