محطّات في حياة فيروز؛ صوت لبنان العذب والشجيّ

شكّل صوت فيروز العذب رفقة فنجان القهوة طقساً صباحياً لملايين العرب من عقود، وامتزج مع ذكرياتهم سواء السعيدة منها أو الحزينة، وارتبط في ذاكرة المغتربين منهم بحنينهم إلى الوطن وأيامه الدافئة. فيروز؛ أو نهاد حدّاد هي مغنّية لبنانية ذات صوت ملائكي ولدت لعائلة لبنانية فقيرة في قضاء جبل الشوف اللبناني، لنتنقل بعدها في طفولتها إلى بيروت، وتتعلم ما بين مدارسها، وتبدأ فيها مسيرتها الفنّية الحافلة التي امتدّت لعقود غنّت خلالها ما يزيد على 800 أغنية، وشاركت فيها كممثلة ومغنّية في العديد من المسرحيات اللبنانية الشهيرة.

البدايات:

كان الموسيقار اللبناني محمد فليفل هو أول من اكتشف موهبة فيروز (وهو الذي لحّن كلّا من النشيد الوطني السوري والعراقي واليمني) وأسهم في قبولها في معهد الغناء الوطني في لبنان، لتتدرب فيه لمدّة خمس سنوات، قبل أن تظهر للعالم بشكل رسمي بعد أن تبنّاها الموسيقي اللبناني حليم الرومي، والذي كان يعمل آنذاك في الإذاعة اللبنانية، مطلقاً عليها اسم فيروز.

كانت انطلاقة فيروز الفعلية بعد تعاونها مع الأخوين رحباني لتقديم أغنية “عتاب”، والتي قامت بتسجيلها في إذاعة دمشق عام 1952، لتبدأ شعبية النجمة الشابّة بالتنامي شيئاً فشيئاً.

تزوّجت فيروز من عاصي الرحباني لتكون علاقتهما علاقة حبّ وعمل في الآن ذاته، وأنجبت 5 أولاد، أكبرهم زياد، وهو الذي لحّن لها عدداً من الأغاني وعمل معها في العديد من المناسبات، ثمّ استقلّ ليكون نجماً متفرّداً بألحانه وأغانيه ذات الطابع المحبّب.

الشهرة والصعود:

قدّمت فيروز عرضها المباشر الأول في مسرح بعلبك اللبناني عام 1957، وتشارك بمرور السنوات في عشرات الحفلات التي أقيمت في كلّ من بيروت ودمشق، وتبدأ أسفارها إلى القاهرة (والتي كانت عاصمة الفنّ العربيّ في ذلك الوقت) تزداد.

شاركت فيروز في عدد كبير من المسرحيات الغنائية اللبنانية، والتي تمّت كتابة عدد كبير منها من قبل زوجها عاصي الرحباني وأخيه، أهمّها مسرحية جسر القمر، بياع الخواتم، الليل والقنديل.

سطع نجم المطربة اللبنانية في الستينيات بشكل أكبر وأكبر، وذلك مع إقامتها لحفلات في عواصم الفن العالمي كنيويورك، سان فرانسيسكو، باريس، ولندن، وبلغت مسيرتها ذروتها قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975.

فيروز وحرب لبنان الأهلية:

وقفت فيروز أثناء سنوات الحرب الأهلية بعيداً عن أي طرف من أطراف الصراع، واحتفظت بانتمائها لوطنها كانتمائها الثابت، ورفضت الغناء في لبنان كي لا تحسب على أي طرف من أطراف الصراع الذي كان دائراً آنذاك في بلدها، لكنّها غنّت له في حفلاتها التي أقامتها خارجه، فغرّدت بـ “بحبك يا لبنان”، “لبيروت”، وغيرها الكثير.

لم تنسَ فيروز باقي العرب من أغانيها، وخصوصاً فلسطين وقضيّتها، فأطلقت أغاني “سنرجع يوماً”، و”زهرة المدائن”، كما غنّت لدمشق ومدن عربيّة أخرى على امتداد مسيرتها.

تمّ تكريم فيروز من قبل العديد من الجهات والشخصيات الكبيرة، حيث كرّمها ملك الأردن الراحل الحسين بثلاثة أوسمة في أوقات مختلفة من مسيرتها، كما زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منزلها حينما زار لبنان عام 2020.

لا يزال صوت فيروز إلى اليوم يصدح عبر الإذاعات العربية والعالمية، وتبقى كلماتها التي غنّتها للحبّ والقيم والأوطان خالدة في أذهان كل المستمعين من عرب أو غيرهم.

Exit mobile version