المداح الموسم الثاني – لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد!

لقد كنت أقاطع الدراما المصرية منذ سنواتٍ طويلة لأني لم أشاهد أي مسلسل مصري يجذب انتباهي في الآونة الأخيرة، ولم أهتم بمتابعة الكثير من المسلسلات خلال شهر رمضان. هذا تغير في 2021 حيث وجدت عائلتي يشاهدون مسلسلاً إسمه المداح ، وأعجبتني فكرته نظرًا لأني من عشاق الرعب سواء في الألعاب، الأفلام، أو المسلسلات!

على الرغم من أن المسلسل لم يكن ممتازًا بأي حالٍ من الأحوال، إلا أنه قدم لي تجربة مشاهدة مميزة ومختلفة عن باقي المسلسلات المصرية ولذلك كنت متحمسًا للموسم الثاني. للأسف، حماسي هذا لم يُقابله عملاً مُتقنًا، وأصبح الموسم الثاني من “المداح” واحدًا من أسوأ المسلسلات الدرامية التي شاهدتها خلال السنوات الماضية.

تحذير: المقالة بها حرق لأحداث الموسم الأول والثاني من المداح

ما الذي جعل الموسم الأول من المداح جيدًا؟

الذي أعجبني في الموسم الأول من “المداح” هو قصته المميزة. المسلسل كان يحكي عن بطلنا صابر المداح (حمادة هلال) والذي كان شيخًا محبوبًا وسط قريته. المداح كان شخصًا متدينًا بشكل طبيعي حتى وقعت تحت أيديه كتب سحر كان يستخدمها والده في الأعمال منذ سنواتٍ طويلة، ولذلك قرر المداح الاستعانة بتلك الكتب حتى يُساعد الأشخاص الذين يعانون من المس أو أشياء شبيهة.

يأخذ المسلسل توجه مختلفًا تمامًا عندما يبدأ المداح في استعمال تلك الكتب في الشر. من هنا تتحول شخصية المداح ليُصبح من الأشرار، ويستخدم كتب السحر من أجل القيام بالتنقيب عن الأثار لمجموعة من الأغنياء والذين في المقابل يُقدمون له الأموال والسيارات والمنازل العملاقة.

تنتهي قصة الموسم الأول بأن المداح علم أن ما يفعله خاطئ وقرر حرق كل كتب السحر، ومنا هنا تبدأ مواجهة أخيرة بينه وبين الجن والشياطين، ولكنه يستطيع التغلب عليهم بقراءة القرآن الكريم. قصة الموسم الأول كانت جيدة جدًا وقدمت تطورًا ملحوظًا لكل الشخصيات سواء الأساسية أو الجانبية. ضف على ذلك أن الموسم الأول قدم لنا العديد من المفاجآت غير المتوقعة على مدار أحداثه والتي جعلتنا متشوقين لكيفية انكشاف القصة في الحلقات الأخيرة.

ليست القصة وحدها هي التي جعلت الموسم الأول من المداح جيدًا، بل أن الرعب كان واقعيًا. الموسم الأول لم يُركز على استعراض الجن والشياطين بشكل متكرر، ولم يحاول اخافة المشاهد في لقطات غير منطقية. القصة كانت واقعية وأحداثها كانت قابلة للتصديق، على عكس الموسم الثاني الذي تحول إلى دراما خيالية لن تحدث في الواقع بأي شكل من الأشكال!

الحبكة الدرامية في الموسم الثاني لم تُقدم لنا أي جديد!

قصة الموسم الثاني تكمل مباشرًا بعد أحداث الجزء الأول. الآن يحاول الجن الانتقام مما فعله صابر المداح بحرق كتب سحر وموت أحدهم، ولذلك يبدأون في إلحاق الأذى بعائلته واحدًا تلو الآخر.

المضحك في قصة الموسم الثاني هو أنك إذا قمت بإزالتها من عالم (المداح)، فلن تؤثر على مستقبل السلسلة بأي شكل. باختصار، قصة الموسم الثاني يمكن تلخيصها في الآتي:

هل أي شيء مما ذكرته له أي تأثير على وجود الجزء الثالث؟ للأسف لا. أنت حرفيًا من الممكن أن تقرأ الستة أسطر وبذلك ستعلم قصة الموسم الثاني ويمكنك مشاهدة الموسم الثالث العام المُقبل بدون الحاجة لمشاهدة الموسم الثاني إطلاقًا!

الحبكة الدرامية في الموسم الثاني من أضعف ما يكون ومجموعة المؤلفين (أمين جمال، وليد أبو المجد، وشريف يسري) يحاولون تضخيم القصة بطرق كثيرة بدون داعٍ. على سبيل المثال، الحبكة الأساسية للمسلسل في البداية كانت تتطرق إلى أن صابر خان الجن وهنا يأتي دور مليكة لأنها تريد الانتقام منه.

فجأة تتحول الحبكة لتُصبح كمهام جانبية في إحدى ألعاب الفيديو حيث يتجه صابر لمقابلة الشيخ عبدالرحمن والذي بدوره يجعله يذهب وراء مجموعة من الأشخاص الممسوسين ليعالجهم. فجأة، تتحول قصة المسلسل إلى الأرض التي يمتلكها صابر حيث يحاول الجن السيطرة عليها لوجود سلاح بها قادرًا على قتلهم!

هذا العبث الذي قام به المؤلفين يؤكد أنه لم يكن لديهم قصة منطقية تمتد لـ 30 حلقة، ولذلك حاولوا (حشو) المسلسل بأي أحداث حتى يضمنوا تحقيق غرضهم والوصول للعدد المطلوب من الحلقات. كل تلك الشخصيات الجديدة الجانبية (وحتى الرئيسية مثل أخت صابر) لم تقدم لنا أي تأثير على القصة وإذا أزلناهم ستسير القصة على نفس الهيئة بدون تغيير، ولذلك أطلقت على تلك الشخصيات عنوان “المهام الجانبية” لأن تلك المهام لا تؤثر على القصص الرئيسية في الألعاب.

الموسم الثاني بأكمله تشعر وأنه موسم جانبي أو فرعي من عالم (المداح) وكما يُقال باللكنة المصرية “وجوده زي عدمه”. فقط انتظر قيام أحد الأشخاص برفع ملخص للموسم وشاهده قبل أن تُشاهد الموسم الثالث في عام 2023 والذي تم التأكيد بالفعل أنه قادم في نهاية الموسم الثاني.

المؤثرات البصرية والموسيقى التصويرية سيئين للغاية

نحن في عام 2022، ولذلك بالتأكيد سأقارن مسلسل المداح بأي عمل آخر شاهدته في حياتي سواء كان محلي أو عالمي. في بعض اللقطات من مسلسل المداح يتم استخدام الجرافيك والمؤثرات البصرية خاصةً في الحلقات الأخيرة. تلك المشاهد من أكثر المشاهد المضحكة التي شاهدتها في حياتي.

أظن أن المسؤول عن الـ Editing للمسلسل قد استخدم بعض المؤثرات المتواجدة بالفعل مُسبقًا في الـ Adobe Premiere ولم يضيف لها أي شيء من عنده. لذلك خرجت المؤثرات (خاصةً في آخر حلقة) بشكل مضحك يجعلك تشعر وأنك تشاهد مسلسل من 15 أو 20 سنة مثلاً!

حتى في مشاهد الرعب، فالمخرج لا يستطيع ارعابك (إلا في مشاهد الفنانة القديرة حنان سليمان). معظم مشاهد سهر الصايغ مضحكة وليست مرعبة. يبدو أن فريق الإعداد لا يزال يعيش في أواخر التسعينات ويرى أن استخدام الاضاءة الحمراء والمكياج الأسود هي أساس الرعب. الحقيقة أنها العكس تمامًا، وتجعل المشهد مُسليًا للمشاهد ومضحكًا وليس مُرعبًا.

من ناحية الموسيقى التصويرية، فلم يستطع فريق الإعداد والإخراج من توظيفها لخدمة المسلسل بأفضل شكل. على سبيل المثال، في كل مشهد رعب قبل أن تحدث “الخضة”، تسمع موسيقى صوتها خافت وبذلك يجعلك المخرج مترقبًا للخوف ولا يفاجئك أو يصدمك به حتى يخوفك فعلاً.

لا أعلم أيضًا لماذا يتم استخدام موسيقى حماسية في بعض اللقطات. هذه الموسيقى التي يستخدمونها يمكن أن تكون موسيقى رائعة في مسلسل أكشن حماسي، ولكن نحن نتحدث هنا عن مسلسل رعب درامي لا يمكن استخدام فيه مثل تلك الموسيقى.

بمناسبة الحديث عن الموسيقى، فيجب أن أتحدث عن الأغاني المتواجدة بالمسلسل. أنا لا أقول أن صوت حمادة هلال سيء، بل العكس تمامًا. حمادة هلال مغني رائع وصوته مميز والاستماع له ممتع، ولكن أنا لا أريد أن أسمع أغاني تمتد لدقيقتين أو 3 خلال أحداث المسلسل. أنت حرفيًا تؤكد لي أنك لا تمتلك أي طريقة لتطويل مدة الحلقة ولا توجد أحداث لـ (تحشيها) ولذلك تقوم بتقديم بعض الأغاني وسط الحلقات!

هل كل الأمور حول الموسم الثاني من المداح سلبية؟

لحسن الحظ، لا. الحسنة الأهم التي خرجنا بها من الموسم الثاني كان الأداء التمثيلي الجبار للفنانة القديرة “حنان سليمان“. عندما تعرضت والدة صابر للمس، استطاعت أن تُقدم لنا واحدًا من أفضل أدوار الشخصيات الممسوسة التي شاهدتها في حياتي، وفعلاً كنت أشعر بالرهبة عندما تنظر بعينها المليئة بالشر والغضب.

خالد سرحان هو الآخر دوره كان رائعًا وكان يستخدمه المخرج “أحمد سمير فرج” بشكل أساسي في إدخال الطابع الكوميدي للمسلسل خاصةً في حواراته مع صبحي خليل الذي يُقدم لنا دور “عبد الرازق”.

بالطبع دور المداح نفسه “حمادة هلال” كان رائعًا. استطاع بطلنا أن يجمع بين الدراما والرعب والكوميديا أيضًا في بعض المشاهد، وقدم لنا أداء تمثيلي ممتاز. لكن على الرغم من ذلك، فتوجد بعض المشاهد التي قدمت “صابر المداح” على أنه شخصية ضعيفة لا تفهم أي شيء من حولها وأدائه التمثيلي بها كان (أوڤر شويتين تلاتة).

في النهاية، الموسم الثاني من مسلسل المداح يمكن القول أنه مقبولاً إلى حدٍ ما وتقييمي الشخصي له سيكون 4 أو 5/10. نظرًا لأن حمادة هلال قد أعلن أنهم قد بدأوا التحضير للموسم الثالث والذي سيصدر في الموسم الرمضاني 2023، فنصيحتي الأساسية لهم هي عدم صنع موسم مُكون من 30 حلقة. استخدم ميزانيتك كمنتج في التركيز على الحبكة الرئيسية ضمن 10 أو 15 حلقة فقط، وحاول ألا تقع في نفس أخطاء الموسم الثاني مُجددًا!

أقرأ أيضًا:

Exit mobile version