كل عام، يتم إلقاء ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية على مساحات شاسعة من الأراضي لا تتحلل إلا بعد سنوات، وهذا يتسبب في تلويث البيئة وتدميرها بشكل أكبر من الذي أوصلها البشر إليه. لكننا سنودع قريباً هذه المشكلة أو على الأقل التقليل من غلواء كوارثها بفضل إنزيم جديد طوره مجموعة من المهندسين الكيميائيين بجامعة تكساس قادر على تحليل البلاستيك خلال أقل من 24 ساعة!
الإنزيم الجديد قد يقضي على مشكلة النفايات البلاستيكية إلى الأبد!
تشير دراسة صادرة من جامعة تكساس إلى أنه ثمة نوع جديد من الأنزيمات ذات الفاعلية العالية قادر على تقليل الزمن المُستغرق لتحليل مكونات البلاستيك. حسب الفريق الذي قام بتطوير هذا الإنزيم، فإننا قادرون على تنظيف مساحات كبيرة من الأراضي من النفايات البلاستيكية باستخدام هذا الإنزيم.
ركز الفريق في اختباراته على مادة بوليمرات البوليثيلين تيريفثالات واختصارها “PET”، والذي التي تحللت خلال فترة وجيزة تتراوح 24 ساعة وأسبوع فقط عند إضافة الإنزيم الجديد إليها، رغم أنها تتحلل في سنوات بل وعقود في الظروف العادية، مما يظهر آفاقاً جديدة لمستقبل إعادة التدوير! وفي ذلك يقول المهندس هال ألبر:
الاحتمالات في الصناعة لا حصر لها للاستفادة من عملية التدوير الرائعة هذه! بعيداً عن إدارة الصناعة للنفايات الواضحة، يوفر هذا للشركات من أي قطاع الفرصة لأخذ زمام المبادرة في إعادة تدوير منتجاتها.
أطلق هؤلاء الكيميائيين على الإنزيم الجديد اسم FASTPETase، وكلمة FAST اختصار لجملة (وظيفية، نشطة، مستقرة ومتسامحة، أما الـPETase فهو المركب الكيميائي المستخدم في تطوير الإنزيم الجديد، وهو مركب كيميائي يسمح للبكتيريا بتفكيك بوليمرات البلاستيك. تم تحديد خمس طفرات للإنزيم باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل عدة أنواع من البلاستيك في ظروف مختلفة بكفاءة.
إذاً كيف يعمل الإنزيم على تحليل النفايات البلاستيكية بسرعة؟ مثل أي إنزيم يقوم بعملية تحفيز للكائنات الدقيقة، يحفز الإنزيم الجديد البكتيريا على تفتيت بوليمرات البلاستيك إلى جزيئات صغيرة من المركب الكيميائي للبلاستيك فيما يُعرف بعملية “إزالة البلمرة”. حسب الكيميائيين، فإنه يمكن تجميع الجزيئات لاحقاً إلى بوليمرات باستخدام عملية كيميائية لصنع منتجات بلاستيكية جديدة فيما يُعرف بعملية “إعادة البلمرة”.
تطلبت دراسة اكتشاف البوليمر الجديد إجراء تجارب 51 عبوة بلاستيكية مُعدة للاستهلاك الشخصي وخمسة ألياف مصنوعة من البوليستر وأقمشة وزجاجات مياه مصنوعة من مادة PET. خلال التجارب على هذه الأشياء، أثبت الإنزيم فاعليته في درجة حرارة أقل من 50 درجة مئوية، وعلق ألبر قائلاً:
عند التفكير في تطبيقات لعملية التنظيف البيئة، فأنت بحاجة إلى إنزيم يمكنه العمل في ظروف بدرجات الحرارة المحيطة. هذا المجال ستتميز فيه تقنيتنا بدرجة كبيرة في المستقبل.
قد يطرح أحدهم سؤالاً مفاده: “لماذا كل هذا الاهتمام بمادة PET رغم أنها نادرة مقارنةً بباقي النفايات البلاستيكية التي تتحلل بسرعة كبيرة؟!”، في الحقيقة تشكل النفايات البلاستيكية المصنوعة من مادة PET حوالي 12% من إجمالي النفايات البلاستيكية في العالم، والأغرب أن نسبة النفايات التي تم إعادة تدويرها عالمياً بالكاد تتجاوز 10%، لذا فالأمر خطير بما فيه الكفاية لدرجة تجعلك تتعجب من عدم الاهتمام به بالشكل الذي يستحقه من العالم بأكمله.
الطريقة الشائعة حالياً للتخلص من النفايات البلاستيكية هي إلقائها في مساحة واسعة من الأرض وتركه في العراء يتحلل ببطء السنين أو حرقها، وفي الحالة الأخيرة يتم استهلاك كميات هائلة من الطاقة وتلويث الهواء بغازات سامة والقضاء على خصوبا التربة. لهذا يجب تبني الطرق الحديثة قليلة التكلفة، صديقة البيئة، عالية الفاعلية حتى نحافظ على كوكبنا لأنفسنا وللأجيال القادمة.
اقرأ أيضاً: