أعرفك بنفسي أنا أصغر الأبناء وأخر الأحفاد، لابد أنك تعي الآن السلطة التي أملكها في يدي، بناءًا على ترتيبي بين أخوتي. وبفضله تمتعت بقدر كبير من الحرية لم يحظوا بها. لهذا تشكلت شخصيتي بشكل مختلف وربما بسرعة أكبر منهم.
لعبت دور الفتاة المشاغبة في كل الاجتماعات العائلية، وهكذا كنت حانقة معظم الوقت على الطريقة التي يفكرون بها، وعادات المجتمع وتقاليده. تارة أوصمهم بالتبعية والغباء وتارة أخرى أصمت باستعلاء وكأني أترفع عن الخوض في هذه التراهات. حتى تزوجت أختي الكبرى وجاء أول حفيد في الأسرة!
جيل ألفا V.S جيل Z
هل هناك من ولد في سنة 2010 أصلًا!! لا أستوعب فكرة مواليد الألفينات. كان في اعتقادي أن تواريخ الميلاد يجب أن تكون بعيدة يجب أن تكون ألف وتسعمائة وكذا. لكن ألفين -ليس هذا فحسب- بل وعشرة، ماهذا !!
المهم كان جيل البومرز هنا أولاً، آباؤنا وأجدادنا من الأربعينيات إلى الستينيات.
ومن بعدهم جاء الجيل X: الأشخاص المولودين من 1960 إلى 1980. وخلفهم جيل الألفية: أولئك الذين ولدوا بين عامي 1981 وحت 1996.
أما جيل z: فهم الذين ولدوا بين 1997-2009. والأشخاص الذين ولدوا بين عامي 2010 و 2025 هم جيل ألفا.
وعليه تحتوي أية مؤسسة عمل الآن على أربعة أجيال مختلفة تعمل معًا. وهم مواليد جيل الطفرة السكانية أو البومرز، والجيل X ، وجيل الألفية ، والجيل Z.
وفي الولايات المتحدة يشكل جيل الألفية أكثر من ثلث القوة العاملة، وعلى الجانب الأخر الجيل الأصغر من البومرز يماطلون بقوة ويحاربون للبقاء كقوى عاملة مؤثرة في المؤسسات. وفي هذه الأثناء ينضم إليهم شيئًا فشيء جيل Z.
ظهر ذلك واضحًا في نقاش داخل أحد الاجتماعات الافتتاحية لموقع The Takeaways، طرح أحد المنتجين مقالًا حديثًا في New York Times بقلم إيما غولدبرغ بعنوان “الأشخاص البالغون من العمر 37 عامًا يخافون من الذين يبلغون من العمر 23 عامًا والذين يعملون معهم.”
وبسؤال الحاضرين عما إذا كانوا قد شعروا بوجود فجوة بين الأجيال في أماكن عملهم، وهل فكرة تعدد الأجيال تؤثر حقًا على ديناميكيات مكان العمل أم لا؟
في الحقيقة حاولت أن استخلص وجهة نظر شاملة من خلال إجابتهم لتوضيح الأمر، إلا أن الحوار الدائر كان عبارة عن صراع مستميت ليثبت كل جيل مدى كفائته واخلاصة في العمل. وكيف يؤثر بشكل فعال في إنتاجية المؤسسة. لكن الملفت للانتباه أنه لم يكن هنالك ممثل لـجيل Z من الأساس!
غير أن النقاش الدائر كان يحمل في طياته بعض المجد الشخصي. والمزاح الثقيل. تفاخر أحدهم بالشارليستون وأيام الشباب، ما العلاقة؟
جيل Z ومتلازمة بيتر بان
الاتهام المجهز لكل جيل، هو الاعتمادية والتكاسل، بمجرد أن يكبر أطفال الأمس ليصبحوا مراهقين ومن ثم يصبح لهم دور فعال في المجتمع، والذي يؤدونه بطريقتهم الخاصة. هنا نخرج لهم الاتهام الذي اتُهمنا به من قِبل آبائنا.
عدم تحمل المسؤلية، لوم الأخرين، التردد عدم القدرة على الاستقرار في عمل واحد. كل ذلك يوضع تحت بند سلوكيات متلازمة بيتر بان. الولد الصغير الذي يرفض أن يكبر ويفضل مغامراته مع أصدقائه على أن ينضج ويخطو خطوات واضحة نحو مستقبله.
لكن ألا تلاحظ أن كل هذه الصفات هي صفات طبيعية للوصول إلى النضج؟ كل الأجيال يجب أن تمر بهذا الطور. السؤال الثاني، لماذا يرى كل جيل الأجيال الأصغر دائمًا مصابون بمتلازمة بيتر بان؟
Fatma syndrome في الحقيقة لا يوجد في الطب النفسي ما يعرف بهذا الاسم. ولكن ربما في السنوات القادمة يتم التأكيد عليها، وضمها إلى لائحة التشخيصات الهامة.
ببساطة متلازمة فاطمة هي عبارة عن الخوف من الأجيال الأصغر سنًا. ليس الخوف الطبيعي من أن يتفوقوا علينا، بالتأكيد سوف يفعلون ذلك. لكن الخوف من ألا يضحكوا على نكاتي أو الخوف من تصنيفهم لي باعتباري شخص ناضج، أو السخرية من عدم معرفتي ببعض التقنيات الحديثة التي يستخدمونها. والتي لا استخدمها كسلًا وليس رفضًا.
الصراع الأزلي بيني وبين الأحفاد. أنا مازلت ” كول” أنا “أكول” منكم جمعيًا. ليباغتني أحد الصغار موضحًا أن كلمة “كول” لم تعد تستخدم الآن. وذلك يتعارض مع ما أحاول اثباته!! جيل بيتر بان فعلًا.
أين الينسون الدافيء أين سريري لا أرغب في رؤيتكم أنصرفوا عن خالتكم المسكينة. ولا تقول لي “خالتو” أنا فقط من يحق له معاقبتي بهذا اللقب.
استحقاق صغار الميلينيالز
لم أتوقع يومًا أن استخدم هذه الجملة. لكن ” وأنا في سنكم” كنت أكثر امتنانًا لكل شيء يقدم لي. أما الآن جيل z وجيل ألفا لديهم نبرة استحقاق عالية. فمثلًا إذا قدمت لهم حياة مرفهة ولبيت كل مطالبهم على أكمل وجه دون “تمنن” كما كان يحدث معنا. لن تتلقى حتى كلمة شكر. ببساطة ومن وجهة نظرهم أنت تقوم بدورك. أنت من جاء بهم إلى هذا العالم. وواجبك أن تقوم برعايتهم. وهذا ما يفعله كل الآباء. أنت لم تقم بأي شيء اضافي أو حتى مبهر!
ربما سمعت عن الولد الذي قام برفع دعوى قضائية على والديه. لأنهم لم يأخذوا رأيه في إنجابه وجلبه إلى هذا العالم. معضلة البيضة والدجاجة حرفيًا. كيف لي أن أخذ رأيك وأنت لم تخلق من الأساس. هل أخذ رأيك بعد أن تولد في قرار ولادتك!
وعلى الجانب الأخر جيل الميلينيالز من الآباء يعانون من عقدة الذنب. ماذا لو قصرت في حق أبنائي؟ ماذا لو لم أكن أوفر لهم ما يحتاجون؟ ماذا لو سببت لهم دون قصد مشكلات نفسية؟ الكثير من الأسئلة والقليل من تقدير الذات. على الرغم من أنهم يبذلون قصارى جهدهم في تعلم أساليب التربية السليمة.
لدي صديقة تحضر يوميًا أكثر من خمس دورات مختلفة عن التربية. حتى أنها لم يعد لديها وقت لتنفيذ ما تدرسه وتقرأه. هي تحاول بشدة أن تتفادى الأخطاء التربوية التي تعرضت لها وأثرت عليها حتى الآن، وبعدما تزوجت وأنجبت!
يستشعر الصغار نقاط ضعفك بسهولة. وفي مواقف بعينها تستخدم ضدك. رأيت مراهقة لئيمة توصم أمها بأنها تشبه جدتها التي تستميت الأم حتى لا تتشابه معها في أي شيء. وهكذا لبت المسكينة مطلب طفلتها حتى تكون فقط “مختلفة” عن أمها، وبالطبع دون التفكير في خطورة الطلب من عدمه أو مدى ملائمته!
سمعت أحدهم ذات مرة يقول أنه لا يريد أن يجلب المزيد من الأطفال إلى هذا العالم التعس! ويفضل قرار التبني. والسبب وراء هذا أنه لو أنجب طفل وأفنى عمره في تلبية احتياجاته سوف يشعره دومًا بالتقصير، ولن يكون ممتن لأي مجهود مبذول نحوه. أما فكرة التبنى تجعل الامتنان مطروح دائمًاعلى الطاولة. بالتأكيد تفكير سام ولكن أفهم تمامًا مصدره. فهو نابع من شدة الخوف. والشعور الدائم بالتقصير والذنب.
في فترة من فترات حياتي كنت أربي قطتين صغيرتين معًا. كلما تأخرت خارج المنزل أشعر بألم يعتصر معدتي. ناهيك عن السيناريوهات السيئة التي تراودني على مدار اليوم. والكثير من الـ ماذا لو. وذلك فقط وأنا أربي قطتين غير ناطقتين. ولا تفهما معنى الذنب والتقصير. ولا يستخدماه ضدي!
كنت أريد سرد المزيد عن هذا الجيل. لكن في الطاولة التي بجانبي يناقش مجموعة من الصغار أي الكواكب أكثر استدامة للانتقال إليه بعد فناء كوكب الأرض. وهذا أبلغ مما كنت أحاول شرحه.