كارثة هليزبرة؛ المأساة التي أودت بحياة 96 مشجّع لنادي ليفربول، وغيّرت وجه كرة القدم للأبد.

يصادف هذا الشهر الذكرى الثالثة والثلاثين لأكبر الكوارث التي طرأت على عالم كرة القدم الإنجليزية، ففي الخامس عشر من إبريل من عام 1989، تجمّع 53 ألف متفرّج، منهم 24 ألفاً من مشجّعي نادي ليفربول لحضور مباراة نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي ضدّ خصمهم نادي نوتينغهام فورست، حيث أقيمت المباراة في أرضية محايدة في هليزبرة، شيفيلد. شاءت الأقدار أن لا يعود 96 مشجعاً لنادي ليفربول من منازلهم بعد هذه المباراة نتيجة حادثة تزاحم هي الأسوأ في تاريخ المملكة المتحدة، بالإضافة إلى وقوع أكثر من 400 مصاب، فما هي تفاصيل هذه الحادثة، ومن كان المسؤول المباشر عنها؟

قرارات رعناء:

سبق لملعب هيلزبرة استضافة مباراتي نصف كأس الاتحاد الإنجليزي لكلّ من عامي 1987 و1988، والتي -مباراة عام 1988- صدف أنّها أٌقيمت أيضاً بين كل من ناديي ليفربول ونوتينغهام فورست، وجرت كلّ من المباراتين بالحضور الجماهيري الكامل ودون أي مشاكل تذكر، حيث كان المشرف على التنظيم حينها ضابط شرطة يدعى برايان مول. قبل المباراة المشؤومة بـ 19 يوماً فحسب، صدر قرار بنقل الضابط برايان مول ليحلّ محلّه ديفيد داكنفيلد، والذي كان حديث الانتقال إلى منطقة هيلزبرة، وبالتالي فقد كان يفتقر بشكل كبير للخبرة في إدارة الفعاليات، خصوصاً الكبيرة منها كمباراة نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.

تخطيط سيء:

قرّر المنظمون قبل المباراة تقسيم الملعب إلى نصفين، بحيث يحصل جماهير ليفربول على القسم الغربي من الملعب بمجموع تذاكر وصل إلى 24 ألف تذكرة، وعلى الجانب الآخر كان جمهور نوتنغهام فورست بمجموع 29 ألف تذكرة. تقرّر دخول مشجّعي ليفربول من خلال بوابتين صغيرتين فحسب إلى الملعب (وهو الخطأ الفادح الأول)، الأمر الذي تسبّب بتشكل زحام أمام بوابات الملعب الخارجية، وصل عدد المتجمهرين فيه إلى 10 آلاف مشجّع قبل بداية المباراة، ليأتي القرار الكارثي الثاني بفتح بوابات الخروج أمام الجماهير المنتظرة في الخارج لتخفيف الزحام.

لحظة الكارثة:

أدّى فتح بوابات الخروج الكبيرة لدخول الجماهير إلى الدفع بشكل مفاجئ بمدّ من المشجّعين المتحمسين إلى المدرجات، ما ولّد ضغطاً على سياج في وسط المدرج يفصل بين القسم الأمامي والقسم الخلفي منه، ما لبث الضغط أن سبّب انهياره، واندفاع الجماهير التي تقف خلفه بقوة كبيرة، ضاغطين بذلك الجماهير في مقدمة المدرج على السياج الذي يفصل بينه وبين الملعب. نجح عدد من جماهير فريق ليفربول بالقفز من فوق السياج الفاصل بين الملعب والمدرّج، لكن لم يكن الجميع على ذلك القدر من الحظ، حيث انسحق المئات منهم تحت الضغط الهائل للتدافع، الأمر الذي أسفر في النهاية عن حصيلة ضحايا مكونة من 96 مشجّعاً تترواح أعمارهم بين 10-65 عاماً، بالإضافة إلى 400 إصابة نقلت إلى المشافي المحيطة، منهم من أصيب بإعاقات دائمة بعد الحادث.

ما بعد المأساة:

نفت شرطة هيلزبرة في بداية الأمر علاقتها بالحادث، حيث برّرته بدخول “غير قانوني لجماهير لا يحملون تذاكر من باب الخروج”، رغم أنّ الشرطة في الأساس هي من فتحت باب الخروج لتخفيف الزحام خارج الملعب. استمرّت ملاحقة أهالي الضحايا للمتسببين بالكارثة لأكثر من عقدين جرت فيهما معارك قضائية ضارية حاولت فيها الشرطة التملّص ممن مسؤوليّتها، ليخرج في النهاية الضابط المنظّم للمباراة ديفيد داكنفيلد، ويعترف بمسؤوليته الكاملة فيما يخص الحادث، ويقرّ بأنّ سوء التخطيط وقراراته الفاشلة التي اتخذها في ذلك اليوم هي ما تسبب بحدوث الكارثة، وأوصل الأمور إلى ما آلت إليه.

Exit mobile version