يعرف معظم جيل السبعينيات المغني الجامايكي الشهير بوب مارلي، والذي ذاع صيته بشكل كبير في الربع الأخير من القرن الماضي، وبلغ تأثيره أجزاء واسعة من العالم امتدت من وطنه جامايكا والولايات المتحدة، إلى إفريقيا ودول آسيا، حيث تمحورت أغانيه من نوع الريغي في معظم الأحيان حول السلام والمحبة بين الناس، والتنديد بالطريقة التي يحكم فيها العالم الغربي العالم ويسيره وفق مصالحه. في مقالنا اليوم سنناقش الشائعات التي تحدثت عن احتمالية تورط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ CIA في محاولات لاغتيال بوب مارلي؟ وهل نجحوا بالفعل في القيام بذلك؟ فلنباشر:
مطارد في سباق الفئران:
بلغت أغاني بوب مارلي شتى أصقاع الأرض، وأصبح يملك قدراً كبيراً من التأثير حول العالم، وهو ما وضعه على رادار وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، لا سيّما مع عدم انسجام أفكاره مع السياسات الأمريكية، في فترة تعد من أكثر الفترات حساسية في سياق الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي من جهة، والشرقي من جهة أخرى، حيث كانت توصف تلك المرحلة بمرحلة الحرب النفسية بين المعسكرين. السبب الأساسي الذي جعل الـ CIA تراقب بوب بكثافة، وجعل المتابعين يحيكون الكثير من النظريات حول تورط الأمريكيين في وفاته، هو أنّ مارلي دعا في أغانيه الجموع الغربية إلى تغيير المجتمع الذي كان يحكمهم، وهو أمر لم يكن السياسيون الأمريكيون مستعدّين لتحمّل عواقبه في فترة من أكثر الفترات حرجاً من الناحية السياسية.
كان بوب مارلي قد ذكر في عدد من أغانيه، أشهرها أغنية Rat Race (سباق الفئران) أنّ الـ CIA كانت تحاول منعه من تحقيق هدفه في نشر السلام والمساواة بين البشر.
كما أفادت تقارير غير رسمية أن وكالة الاستخبارات المركزية الـ CIA كانت تصب الوقود على نار الاضطراب السياسي في جامايكا في فترة السبعينيات من القرن الماضي من خلال إرسال الأسلحة للأطراف المتنازعة، وهو الأمر الذي وقف مارلي في وجهه من خلال أغانيه. تعرّض بوب مارلي خلال حياته إلى عدد من محاولات الاغتيال كان أشهرها الذي حدث عام 1976 في كينغستون الجامايكية، حينما اقتحم سبعة رجال مسلحين منزل مارلي، وقاموا بإطلاق النار عليه، ولكن لحسن حظه، فإصاباته لم تكن قاتلة.
هل تمكّنت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من إنهاء مهمّتها المزعومة بنجاح؟
توفّي بوب مارلي عام 1981 متأثراً بإصابته بالميلانوما (أحد أنواع مرض السرطان) عن عمر صغير لم يتجاوز 36 عاماً. بعد وفاته، ظهرت نظريات عديدة تقترح أنّ موت بوب مارلي لم يكن عفوياً، بل جاء بتدبير من الـ CIA التي عرف عنها عداؤها الدائم مع النجم الجامايكي، إذ يعتقد أصحاب هذه النظرية أنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عمدت إلى حقن خلايا سرطانية في جسم بوب مارلي، واستندوا في ذلك إلى حقيقة أنّ تطور هذا النوع من السرطان لدى الشباب ممن هم في عمر مارلي شديد الندرة، بالإضافة إلى أنّه في حال حدوثه فهو سريع الانتشار والتطور، بحيث يستحيل علاجه خصوصاً عام 1981.
يعتقد المؤمنون بهذه النظرية أنّ الـ CIA نجحت بفعل ذلك من خلال قطعة حادة ملوقة بخلايا سرطانية ومخبأة في حذاء رياضي تمّ إهدائه لمارلي من قبل مصور حرّ عمل معه أثناء فترة اختفائه عن الأنظار –عقب محاولة اغتياله عام 1976-. على أرض الواقع، لم يتمكّن أحد من إثبات تورط المخابرات المركزية الأمريكية سواء في محاولات اغتيال بوب مارلي، أو في إصابته بمرض السرطان الذي حكم عليه بالوفاة آخر أيامه، لكن الأمر لا يزال مثار جدلٍ حتى يومنا الحالي.