المحيطات… إنها جميلة ومخيفة في نفس الوقت، إذ هناك حوالي 80٪ من محيطات الكوكب التي لم يتم اكتشافها بعد، فليس بالغريب إذن أن تختفي القوارب والسفن تحت الماء، وهو ما وقع تماما مع رجل استطاع البقاء حيا لمدة ثلاثة أيام تحت الماء…هذه هي القصة الحقيقية “لهاريسون أودجبا أوكينال” الناجي الوحيد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو كيف تمكن هذا الرجل من البقاء تحت الماء حيا؟ كيف استطاع التنفس؟ وهل فعلا تم التهام رفاقه من قبل القروش؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنجيب عليها في هذا المقال، تابع معنا.
ماذا وقع؟

على بعد حوالي اثنين وثلاثين كيلومترًا من ساحل نيجيريا، في خليج غينيا، بدأت قصة أوكين الذي كان يشتغل طباخا في السفينة. في 26 مايو 2013، حوالي الساعة 4:30 صباحًا، ارتفعت الأمواج الشاهقة وبدأت تجذب السفينة هنا وهناك، إلى أن اقتحمت موجة عاتية السفينة وتسببت في قطع أحد الحبال، شيئا فشيئا بدأ القارب يهوي وأصبح أفراد الطاقم مذعورين، وعمت الفوضى المكان…لكن السفينة لم تتوقف عن الغرق بمرور الوقت، ولم تكف المياه عن اجتياح السفينة.
المحظوظ “أوكين”

لم يكن هناك مخرج لأولئك المحاصرين في الغرف المقفلة والذي بلغ عددهم 12 شخصا، حيث بدأت تغمرهم المياه من كل زاوية، لكن حظ أوكين كان أفضل إلى حد ما، حيث تمكن من الخروج من غرفته قبل أن ينقلب القارب، وذلك عندما كان داخل الحمام، حيث بدأت الغرفة الصغيرة تمتلئ بالماء.
يقول أوكين:
“كانت الساعة حوالي الخامسة صباحًا، وكنت في المرحاض عندما بدأ القارب في الانهيار، لقد مر الوقت سريعا، حتى اصطدمت السفينة بقاع المحيط، لقد كان العمق 30 مترا، أي ما يعادل ارتفاع مبنى من سبعة طوابق. لقد كان ذلك كابوسا بالنسبة لي”
معجزة نجاة

لم يكن لدى “أوكين” إمكانية الوصول إلى الطعام أو الماء النظيف. يتذكر نضاله قائلا:
“كان كل ما حولي أسودًا وصاخبًا، لقد كنت أبكي وأرجو الإنقاذ من كل أعماق قلبي، لقد صليت بخشوع… كنت جائعًا جدًا وعطشًا وباردًا، وكنت أدعو فقط لأرى النور …”
ولأن إمداد الأكسجين الخاص به كان يتناقص بسرعة أيضًا، كانت احتمالات بقائه على قيد الحياة ضئيلة، وبدلاً من البحث عن خيارات للبقاء على قيد الحياة، أعد نفسه لاحتمال الموت، فكان هناك أكثر من سبب للموت، وأكثر من سيناريو ليودع حياته…الاختناق، الجوع، العطش، الخوف، أسماء القرش…
معاناة قاتلة

لمنع الجفاف، شرب “أوكين” بعض علب المشروبات الغازية التي كانت تطفو في جميع أنحاء الغرفة، كما ابتكر طريقة لتجنب انخفاض حرارة الجسم من خلال وضع سرير تحته، والذي ساعد في الحفاظ على صدره ورأسه فوق الماء البارد، خصوصا وأن جسده كان في حاجة ماسة إلى الدفء.
كان لدى “أوكي” الكثير للتعامل معه في هذه الفترة البالغة 60 ساعة، حيث أن الجيب الصغير من الهواء كان ينفذ ببطء من الأكسجين، وكان على وشك لفظ أنفاسه الأخيرة بسبب الضغط والحجم اللذين كان يعيش في ظلهما، وكان عذابه يزداد مع كل دقيقة تمر، حيث كان مجبرا على سماع أصوات أسماك القرش وهي تدخل وتتغذى على زملائه من أفراد الطاقم.
أمل يلوح

وصل فريق من الغواصين للتحقيق في حطام القارب الغارق وانتشال أي جثث، ولم يعلموا أن هناك رجلاً لازال على قيد الحياة لمدة يومين ونصف اليوم في قاع البحر، وبينما يتفقد الغواصون السفينة، قام “أوكين” بمد يده بلطف للمس ذراع الغواص، فصدم طاقم الإنقاذ وتعجبوا من صمود الرجل كل هذه المدة، فقاموا بتزويده الاوكسجين ورافقوه بروية إلى السطح في الوقت الذي كان فيه المحظوظ “أوكين” مصدوما.
صدمة

لقد استغرق من “أوكين” يومين إضافيين حتى استطاع الرجوع إلى حالته العقلية السليمة في ظل كل ما مر منه، ومع ذلك، تسبب الحادث في تغيير حياته بشكل كامل، حيث يظل يعاني من الكوابيس المزعجة، كما اكتسب فوبيا المحيطات. لقد نجا “أوكين” بطريقة لم ينج بها أحد من قبل، وعاش تجربة صعبة لا يمكن أن تنسى للأبد.