تبادر إلى أسماعنا في السنوات الأخيرة المشروع الكبير الذي شرعت مصر بتنفيذه، ألا وهو إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لتكون بديلاً عن القاهرة التي وصل فيها الاكتظاظ السكانيّ إلى حدّ غير مسبوق. في بعض الأحيان تقوم الدول بتغيير عاصمتها تبعاً للعديد من العوامل، كاختيار موقع جغرافي أقرب إلى وسط البلاد، أو أبعد عن الكوارث الطبيعية والتهديدات العسكرية، أو بسبب مشاكل الاكتظاظ وتخفيفاً للضغط عن عاصمتها الحالية. في مقالنا اليوم سنستعرض 4 من الدول التي قامت بتغيير عاصمتها في السنوات الأخيرة، مبيّنين أسباب ذلك الانتقال، فلنباشر:
نيجيريا: لاجوس إلى أبوجا.
شكّلت مدينة لاغوس الساحلية عاصمة لنيجيريا منذ عام 1914، واستمرت على هذا الحال حتى العام 1976، حينما أحسّ المسؤولون النيجيريون أنّ المدينة آخذة في النموّ بشكل كبير غير منظّم، الأمر الذي دفعهم للإعلان عن البدء ببناء مدينة أبوجا الجديدة لتكون عاصمة للبلاد. تمّ اختيار موقع العاصمة الجديدة في منطقة محايدة ضمن جغرافيا نيجيريا الغنيّة بالتنوّع العرقي والديني، كما أنّ موقعها أقرب إلى وسط البلاد من لاغوس. بدأت أعمال البناء في الثمانينيات، وتمّ الإعلان عن أبوجا عاصمة رسمية للبلاد في الثاني عشر من ديسمبر عام 1991.
كازاخستان: ألماتي إلى نورسلطان.
كانت ألماتي العاصمة القديمة لكازاخستان عندما استقلت عن الاتحاد السوفييتي عام 1991، لكنّ المدينة كانت تواجه مشكلة كبيرة، ألا وهي جغرافيتها التي لا تساعدها على التوسع، كما أنّها كانت عرضة للزلازل بشكل كبير، بالإضافة إلى وقوعها بالقرب من الحدود الصينية، مما شكل هاجساً دائماً لدى سياسيي البلاد، الأمر الذي دفعهم إلى نقل العاصمة 1200 كيلومتراً نحو الشمال إلى مدينة أستانا في ديسمبر عام 1997. تمّ تغيير اسم العاصمة فيما بعد من أستانا إلى نور سلطان، على اسم الزعيم الكازاخي نور سلطان نزارباييف.
البرازيل: ريو دي جينيرو إلى برازيليا.
لطالما كانت ريو دي جينيرو عاصمة البرازيل، لكنّ المدنية بدأت في خمسينيات القرن الماضي تواجه مشاكل الاكتظاظ السكّني، كما أنّ المباني الحكومية كانت متناثرة على الامتداد الواسع للمدينة، والازدحام المروري بلغ حدّاً شديداً من التأزّم. قرّرت الحكومة على إثر ذلك إنشاء مدينة جديدة تكون مصممة خصّيصاً لتكون عاصمة جديدة للبلاد. أعلن عن إتمام بناء برازيليا في إبريل من عام 1960 بعد 4 سنوات من العمل الشاقّ من قبل العمال ومهندسي التصميم والتخطيط. تم اختيار الموقع الجديد للعاصمة على بعد 1100 كيلومتراً من ريو دي جينيرو، وتمّ تقسيمها إلى كتل مرقّمة لتسهيل الاستدلال ضمن المدينة، كما تمّ تقسيمها إلى قطاعات (قطاع الفنادق، قطاع السفارات، ..). وقع اختيار موقع المدينة في المنطقة الداخلية للبلاد لتحفيز النموّ فيها. تعدّ المدينة موقع تراث عالمي تابعٍ للـ UNESCO بفضل نمطها العماري الحديث المميز.
ميانمار: يانغون إلى نايبياداو.
يانغون، أو كما يطلق عليها رانغون، كانت عاصمة ميانمار في الفترة الواقعة بين 1948 و2005، العام الذي قرّر فيه مجلس الجنرالات الحاكم نقلّ المقرّ السياسي للبلاد 320 كيلومتراً باتجاه الشمال إلى نايبياداو. يتميّز موقع العاصمة الجديدة بوقوعه في مركز البلاد الجغرافي، لكنّ سبب تغيير العاصمة في الواقع لم يتمّ الإعلان عنه بشكل رسمي. بعض التفسيرات تذهب إلى أنّ هذا القرار تمّ بناء على تنبؤات بعض المنجّمين بأن العاصمة يانغون ستتعرض لاعتداء عسكري، بينما يعتقد آخرون أنّ نقل العاصمة كان من باب استعراض قدرة قادة البلاد. تحوي المدينة منشآت الدولة الإدارية، بالإضافة إلى تمتّعها بمستوى جيد من الخدمات والشوارع الواسعة، إلّا أنّ معظم من يزورها يصفها بأنّها مدينة أشباح خاوية من السكان.
