مهرجان بالونات كليفلاند؛ حفل إطلاق البالونات الخيري الذي تحول إلى مأساة.

قرّرت منظّمة United Way الخيرية في عام 1986 إطلاق نشاط يساعدها على جمع التبرّعات، ووقع اختيارها على كسر الرقم القياسي لأكبر عدد من البالونات المملوءة بالهيليوم التي يتم إطلاقها في وقت واحد، حيث تواصلت المنظّمة التي يقع مقرها في مدينة كليفلاند التابعة لولاية أوهايو الأمريكية مع شركة مختصّة في البلالين من مدينة لوس أنجلوس تدعى Balloonart لمساعدتها في إتمام هذه المهمّة، حيث كانت الخطة تقتضي إطلاق مليوني بالون مملوء بالهيليوم، على أن تتلقى المنظّمة دولاراً أمريكياً واحداً مقابل كل بالونين من هذه البالونات، ولكن الخطة لم تسر كما يجب.

تحضيرات على قدم وساق:

حتى يكون العمل على أتمّ وجه، قام المنظمون بتحضير هيكل مكون من شبكة لتجميع البالونات فيها ريثما تحين ساعة إطلاقها، حيث كانت تبلغ مساحتها مساحة كتلة من المباني السكنية (بلوك سكني)، كما كان ارتفاعها يصل إلى ثلاثة طوابق. شارك في عملية الإعداد 2500 متطوع معظمهم من الطلبة والأطفال حيث قاموا بملء البالونات بغاز الهيليوم، ثم وضعها ضمن الشبكة العملاقة.

أظهرت التنبؤات الجوية في يوم إطلاق البلالين -السابع عشرين من سبتبمر من عام 1986- وجود هبات ريح قوية، مع توقعات بهطول الأمطار، الأمر الذي دفع المنظمين لهذا الحدث الخيري للاكتفاء بعدد البوالين الذي وصلوا إليه بحلول الساعة 1:50 من ظهر ذلك اليوم، وهو 1.4 مليون بالون -وهو رقم كافٍ لكسر الرقم القياسي السابق في موسوعة غينيس- والاستعداد لإطلاق هذا الرقم الهائل من البالونات في السماء، والاستمتاع بعرض بديع الألوان، لكنّ ما حدث تالياً لم يكن في الحسبان.

لحظة الكارثة:

بعد أن تمّ إطلاق البوالين في السماء، كان من المفترض أن تكمل طريقها صعوداً، لكنّ الظروف الجوية السيئة حالت دون ذلك، دافعة هذه الكتلة الضخمة من البالونات المطاطية إلى الأرض مرة أخرى. أوقف مطار بورك ليك فورت المجاور لمدينة كليفلاند جميع رحلاته نتيجة لهذه المشكلة، خوفاً من وقوع حوداث متعلّقة بهبوط الطيارين في الطبقات السفلى من الجو المليئة بالبالونات، كما أنّ أرضية مدرّج الإقلاع فاضت هي الأخرى بالبالونات ما جعل الإقلاع من المطار والهبوط فيه أمراً مستحيلاً. سبّبت البالونات كذلك أزمة مرورية خانقة في المدينة، حيث انشغل عدد كبير من السائقين بالمنظر المهيب الذي رأوه، كما أعاقت البالونات المنتشرة في الشوارع حركة السيارات، وحدث نتيجة لذلك عدد كبير من الحوادث المرورية. لم يقتصر أثر المشكلة على وسائل النقل، بل وصل أيضاً إلى الحيوانات، حيث أنّ وصول البالونات إلى اسطبل خيول عربية أصيلة يعود لرجل يدعى لويز نوفاكاوسكي أفزعها، وجعلها تحاول الهروب من هذه الأسراب من البالونات، ما أدى إلى إصابتها إصابات بالغة دفعت بمالكها لمقاضاة شركة United Way قبل أن يحصل على تعويض منها لإغلاق القضية.

أمّا المصيبة الكبرى التي سببتها أزمة البوالين هذه فكانت تتمثل في إعاقة البحث عن صيادَين تم الإبلاغ عن انقلاب قاربهما في بحيرة مجاورة، حيث تعطّلت أكثر وسائل البحث عن المفقودين في المياه فعالية، ألا وهي الطائرة المروحية، حيث يستحيل أن تطير بين هذه الأعداد الهائلة من البالونات، الأمر الذي دفع بخفر الساحل لاستخدام الوسيلة الوحيدة التي بقيت لديهم، وهي البحث باستخدام القوارب، لكنّ جلّ ما كانوا يستطيعون رؤيته هو كتلٌ متنوعة الألوان تطفو على سطح الماء. لم يتمكن خفر السواحل من العثور على الصيادَين، لتظهر جثتاهما بعد الحادثة بيومين تطفو على سطح الماء. رفع ذوو الضحيتين دعوى قضائية ضدّ المنظّمة مطالبينها بدفع مبلغ 3.2 مليون دولار، قبل أن يتم إغلاق القضية مقابل تسوية تمّ الإتفاق عليها. في المحصّلة خسرت المنظمة الخيرية قدراً من المال فاق الذي حصّلته من التبرعات، وكسرت بالفعل الرقم القياسي لموسوعة غينيس لأكبر عدد من البالونات التي تمّ إطلاقها في آن واحد، لكنّ الموسوعة توقّفت عن تسجيل الأرقام التي قد تسبب أضراراً بيئية بعد هذه الحادثة.

Exit mobile version