ترفيه

هاتشيكو؛ الكلب الذي علّم البشرية معنى الوفاء.

هل سمعت سابقاً عن الكلب هاتشيكو؟ احتمال كبير أن تكون هذه هي المرة الأولى التي تسمع به في حال لم تزر اليابان من قبل. في الواقع، فالكلب هاتشيكو شهير جداً في اليابان لدرجة أنّه يملك تمثالاً من البرونز ومتحفاً وعدة أفلام باسمه، ولا تتوقف شهرته محلياً في اليابان فحسب، بل تم إنتاج فيلم عنه في هوليوود، كما تمّ إنشاء تمثال برونزي له في الولايات المتحدة أيضاً في رود آيلاند؛ المكان الذي تم تصوير فيلمه فيه، فمن هو هاتشيكو، وما هو سبب هذه الشهرة الكبيرة التي يحظى بها.

هاتشيكو: جرو الأكيتا اللطيف.

كان إيزابورو يونو يعمل بروفيسوراً في كلية الزراعة في جامعة طوكيو اليابانية، ولطالما رغب إيزابورو يونو بالحصول على جرو نقي النسل من سلالة كلاب الأكيتا اليابانية، واستمر بحثه عن الجرو المثالي لسنوات، حتى اقترح عليه أحد طلابه في الجامعة أن يقوم بتبني هاتشيكو؛ الجرو الصغير الذي ينتمي لمدينة أوداتي في ولاية أكيتا اليابانية.

أطلق إيزابورو يونو لقب هاتشيكو، أو هاتشي على الجرو الصغير، وتعلّق به بشكل شديد بسرعة، وأحبّه بشكل كبير كما لو أنه أحد أولاده، كان الاثنان لا يفترقان.

أخذ هاتشيكو يكبر شيئاً فشيئاً، وبدأ بملاحظة خرج صاحبه إلى العمل يومياً وعودته في نفس التوقيت، فأصبح يتبعه صباحاً حتى محطة “شيبويا” للقطارات، ثمّ يبقى في انتظاره عند باب المحطة حتى عودته في المساء.

في الواحد والعشرين من مايو عام 1925، كان هاتشيكو البالغ من العمر عامين يقف منتظراً صاحبه أمام محطة شيبويا كما هي عادته، لكنّ صاحبه لم يعد قط، حيث أصيب إيزابورو يونو في ذلك اليوم بنزف دماغي حاد لقي حتفه على إثره.

بعد الحادثة، قامت عائلة من أقارب البروفيسور إيزابورو يونو بتبني هاتشيكو وأخذه إلى منزلهم، ولكن هاتشيكو طول العشر سنوات المتبقية من حياته بقي مداوماً على الذهاب يومياً في الصباح والمساء إلى محطة شيبويا في نفس الوقت الذي اعتاد فيه على توديع واستقبال صاحبه تماماً، كان يجلس أمام المحطة لساعات كل يوم، منتظراً بصبر عودة صاحبه المحبوب –والذي للأسف لم يعد من بعدها أبداً-.

عام 1932 عرف صحفي ياباني يعمل في إحدى كبريات الصحف الألمانية بقصة هاتشيكو، فقام بنشرها في الصحيفة، وسرعان ما حاز من بعدها هاتشيكو على شهرة بالغة، وأصبح يعرف بين الجماهير اليابانية باسم “تشوكين-هاتشيكو” والذي يعني هاتشيكو الكلب المخلص.

مع انتشار القصة في الإعلام الياباني أصبح لهاتشيكو الكلب شهرة كبيرة جعلت الناس من جميع أنحاء اليابان تزور محطة شيبويا حتى يروا الكلب المهشور هاتشيكو.

التكريمات:

عام 1934، تمّ إنشاء تمثال برونزي لهاتشيكو أمام محطة شيبويا، وبحضور هاتشيكو نفسه، ومع أنّ التمثال تم صهره في الحرب العالمية الثانية لاستخدامه مصدراً للمعادن، إلا أنّ السلطات اليابانية أعادت إنشاءه مرة أخرى بعد الحرب.

نام هاتشيكو للمرة الأخيرة في الثامن من مارس عام 1935 في شارع مجاور لمحطة شيبويا، وعثر عليه صباحاً جثة هامدة، لتُكتب بذلك نهاية كلب علّم الوفاء للبشر.

قام العلماء بتحنيط جثة هاتشيكو، وعرضه في المتحف الوطني للعلوم في طوكيو، كما تمّ افتتاح متحف يحمل اسمه، يحوي العديد من المعلومات عن كلاب سلاسة الأكيتا اليابانية صافية النسل، وتمّ إخراج عدّة أفلام يابانية تروي قصته.

في عام 2009 تم إنتاج فيلم هوليوودي يحكي القصة المأساوي لهاتشيكو بعنوان Hatchi: a dog’s tale، وهو فيلم مميز يستحق المشاهدة بقوة، لكن احذر فستذرف الكثير من الدموع!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى