عندما يذكر موضوع القبائل المعزولة في العالم، فأول ما يتبادر إلى أذهاننا سكان غابات الأمازون العذراء في أمريكا اللاتينية، لكنّ القبيلة التي سننتحدث عنها اليوم تسكن في جزيرة استوائية بديعة الجمال، تحاذي سواحل شبه القارة الهندية، ولا تتعدى مساحتها مساحة منهاتن الأمريكية، تدعى الجزيرة جزيرة سنتينل الشمالية، وهي تتبع لجزر الأندمان الهندية في المحيط االهندي، وتعدّ الجزيرة الوحيدة من ضمن سلسلة الجزر التي لم تستطع السلطات الهندية التواصل مع سكانها، لشدة عدائيتهم تجاه الغرباء من جهة، وخوفاً على السكان من التعرض للفناء نتيجة نقص المناعة لديهم تجاه الأمراض الاعتيادية كالإنلفلونزا والحصبة، الأمر الذي حصل مع العديد من سكان الجزر العذراء المنقطعة عن التواصل مع باقي البشر سابقا، وأكبر مثال على ذلك غزو العالم الجديد من قبل الأوروبيين.
عدوانية شديدة:
من المعروف عن سكان الجزيرة عدوانيتهم الجديدة تجاه الغرباء، حيث لقي الأمريكي جون ألين تشو حتفه في نوفمبر من عام 2018، بعد أن قام رجال من القبيلة بقتله، وفي عام 2006، قام صائدان غير شرعيان بإرساء قاربهما بالقرب من سواحل الجزيرة خارج مرمى سهام أهلها – حيث من المعتاد أن يقوم الصيادون غير الشرعيون بالصيد في محيط الجزيرة للإمساك بالسلاحف البحرية، أو الغوص بغية الحصول على سرطان البحر أو خيار البحر-، فقام الموج ليلاً بجرف القارب باتجاه الجزيرة حتى وصل إلى شواطئها، مما أدى لتعرض الرجلين للقتل على أيدي سكان الجزيرة. يستخدم سكان الجزيرة السهام التي يقومون بصنع رؤوسها من الحديد الذي يحمله إليهم البحر من السفن المحطمة، بالإضافة إلى فؤوس نصولها مصنوعة من الأحجار تستخدم عادة لقطع الخشب.
محاولات التواصل:
في أواخر القرن التاسع عشر، حطّ فريق كبير بقيادة الضابط البريطاني إم. في. بورتمان؛ والذي كان مسؤولاً عن جزر الأندمان، بهدف محاولة التواصل مع سكان الجزيرة، واجه أثناء تجوله في الجزيرة عدداً من البيوت الفارغة، ثم اصطدم بعائلة مكونة من فردين بالغين، بالإضافة إلى عدد من الأطفال، حيث قاموا بأخذهم معهم حين عودتهم من الرحلة الاستكشافية “لأغراض علمية”. لم يصمد البالغان طويلاً بعد احتكاكهم بالغرباء، حيث تمكّن المرض منهم سريعاً، بينما بقي الأطفال على قيد الحياة، فقام الفريق بإعادتهم إلى الجزيرة رفقة كمية من الهدايا على أمل إنشاء صداقة مع السكان الأصليين. يعتقد الكثيرون أن عودة الأطفال للجزيرة بعد احتكاكهم مع الغرباء خارجها جعلهم ينقلون بعض الأمراض لسكان الجزيرة، الأمر الذي شكّل لديهم خوفاً دائماً من الغرباء وعدوانية شديدة تجاههم.
حاولت الحكومة الهندية منذ سبعينيات القرن الماضي إقامة علاقات تواصل مع سكان الجزيرة، حيث نظّمت رحلات متكررة لفرق استكشاف تتبع لها، للاطمئنان على وضع سكان الجزيرة، وإلقاء الهدايا إليهم من القوارب التي كانت ترسو على مدى آمن بعيداً عن مرمى سهام السكان الأصليين، استمرّت هذه الرحلات في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وظنّ العلماء أنّهم توصلوا لتحقيق اختراق في مهمتهم في إحدى المرات بداية التسعينات، حيث قام السكان في إحدى المرات باستقبال الفريق من الشاطئ دون أن يحملوا أسلحتهم كما هي العادة، لكن هذا الإنجاز لم يدم حيث عادوا في الزيارة التالية لعادتهم الأصلية. قررت الحكومة الهندية عام 1996 إيقاف محاولات التواصل مع السكان الأصليين منعاً لانتقال الأمراض الغريبة إليهم، والاقتصار على مراقبتهم من بعيد بواسطة المروحيات والقوارب البعيد للاطمئنان على سلامتهم.