روبرت أوبنهايمر؛ أب القنبلة الذرّية، وموضوع فيلم نولان المرتقب.

"لقد أصبحت الموت، أصبحت مدمّر العالم"

تمّ الإعلان منذ أيام عن فيلم جديد للمخرج العالمي كريستوفر نولان، يحكي الفيلم قصة الفيزيائي العبقري، والمشرف الأساسي على مشروع منهاتن الذي انتهى بصنع أول قنبلة نووية في التاريخ، العالم روبرت أوبنهايمر. يعرف عن أوبنهايمر مقولة شهيرة اقتبسها من الكتب الدينية الهندوسية، قالها بعد إتمام مشروع القنبلة النووية هي “لقد أصبحت الموت، أصبحت مدمّر العالم”، فمن هو أوبنهايمر، وكيف كانت حياته؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا اليوم، فلنبدأ.

البدايات:

ولد روبرت أوبنهايمر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1904 لأسرة يهودية تنتمي للمجتمع الإصلاحي، ودرس في مراحل تعليمه الأساسي في مدراس هذا المجتمع، حيث عرف عنه التفوق والنبوغ منذ صغره، خصوصاً في مجالات الفيزياء والكيمياء والمعادن، وأثناء تعليمه قام بمراسلة نادي المعادن الأمريكي في نيويورك، والذي أعجب أعضاؤه بمستوى الرسائل العلميّ ما دفع بهم لإرسال دعوة له لإلقاء محاضرة في النادي، قبل أن يعرفوا أن من يحادثهم كان طفلا لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره. بدأ دراسته الجامعية في جامعة هارفرد عام 1922، حيث أنهى مرحلة الدراسة الجامعية فيها خلال 3 سنوات، حائزاً على شهادة في الكيمياء. أراد من بعدها تغيير اختصاصه فتوجّه إلى كامبريدج في بريطانيا لدراسة الفيزياء العملية على يد أحد أعظم أساتذتها جوزيف جون طومسون؛ الفيزيائي المشهور الحائز على جائزة نوبل في الفيزيائي عام  1906 لاكتشافه الإلكترونات، حيث أدرك في كامبريدج أنّ شغفه كان الفيزياء النظرية لا العملية، فانتقل إلى ألمانيا وتحديداً إلى جوتينجن الألمانية حيث تتلمذ على يد الآباء المؤسسين لنظريات الكم الفيزيائي الألماني ماكس بورن. حاز أوبنهايمر على شهادة الدكتوراه في عمر الـ22 عاماً وعاد الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل مدرساً في جامعة بيركلي في كاليفورنيا.

مشروع منهاتن:

مع قدوم عام 1938، وقبل بداية الحرب العالمية الثانية بعام واحد تمكّن العلماء الألمان من إجراء تجارب على العناصر المشعة أكدت إمكانية استخدامها كقنابل تملك قوة تدميرية لم يسبق لها مثيل، الأمر الذي دفع كلّاً من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إجراء بحوث علمية مكثّفة عن الموضوع خوفاً من وصول الألمان إلى سلاح مماثل قبلهم، مع مرور سنوات الحرب تم إنشاء مشروع منهاتن عام 1942 من قبل الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت للوصول إلى السلاح النووي في الولايات المتحدة ، حيث شهد المشروع تعاوناً بين الولايات المتحدة وبريطانيا و كندا، وحظي بدعم كبير من الحكومة الأمريكية بميزانية تتجاوز الـ 20 مليار دولار وفق معدلات التضخم الحالية. تم تعيين روبرت أوبنهايمر كمدير علمي للمشروع للإشراف على تقدّم المشروع. في يوليو من عام 1945 تم إجراء أول تجربة لقنبلة ذرية في صحراء ولاية نيوميكسيكو الأمريكية، عرفت التجربة باسم ترينيتي، وكانت أول تجربة لقنبلة ذرية ناجحة. بعد ذلك التاريخ بشهر، تم إلقاء القنبلتين الذريتين الأمريكيتين على كل من هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، وبذلك أعلنت اليابان استسلامها، وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

ما بعد القنبلة الذرية:

تمّ تسليم منصب المشرف العام على هيئة الطاقة الذرية الأمريكية بعد استحداثها عام 1947 لأوبنهايمر، حيث حاول أوبنهايمر من منصبه هذا برفقة بعض العلماء الآخرين معارضة سعي الولايات المتحدة إلى إنتاج القنابل الهيدروجينية، التي تحمل معها قدراً هائلاً من الدمار أكبر بمراحل من القنبلة الذرية. تمّ تجريد أوبنهايمر من تصاريحه الأمنية في عام 1954 بسبب حكم المحكة لارتباطاته السابقة بأنشطة شيوعية، خلال الفترة التي كانت الولايات المتحدة تشن فيها حربا على كل من يتم الشك بارتباطه بالأحزاب الشيوعية في مرحلة عرفت بالمكارثية. أسس في العام 1960 برفقة عدد من العلماء الأكاديمية العالمية للفنون والعلوم عام 1960، وحاز على جائزة إنريكو فيرمي عام 1963. توفي روبرت أوبنهايمر عام 1967 عن عمر ناهز الـ 63 عاماً متأثراً بسرطان الحنجرة.

Exit mobile version