في إحدى الأمسيات الباردة المثلجة العاصفة، أقلعت طائرة “نورث ويست إيرلاينز” رقم 823 في 1 فبراير 1957 من مطار “لاغوارديا” في نيويورك، بعد تأخرها بسبب عاصفة قوية استمرت ثلاث ساعات، وبعد أقل من دقيقة من إقلاعها، تبين ان طائرة DC-6A لم تقلع عالياً بدرجة كافية واصطدمت بشيء مجهول، اعتقد الطيارون أنه إما شجرة أو عمود، فجأة صاح مساعد الطيار جورج ديكسويل ، “نحن نقترب من الأرض !” قبل أن يتحطم الجناح الأيسر للطائرة جراء الاصطدام، وتتصاعد ألسنة النيران في الطائرة. تشير التقارير إلى أن الطائرة تحطمت في جزيرةRikers ، وهي منشأة إصلاحية وسجن سيء السمعة في المدينة يقع على جزيرة في وسط النهر الشرقي، وقد كتبت صحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي للحادث: “لقد هز الاصطدام حتى جدران السجن القوية”، ثم أنير الليل باللهب وانعكس في تساقط الثلوج. عندما وقع الحادث المؤلم، قرر نائب مدير السجن جيمس هاريسون إرسال فريق إزالة الثلج يتكون من ثلة قليلة فقط من السجناء الموثوقين، ولكن في ظل حالة الطوارئ هذه، شعر هاريسون أن القلق بشأن ركاب الطائرة أكثر أهمية من إمكانية هروب السجناء، فأرسل نزلائه الـ 69 إلى المكان المليء بالثلوج للمساعدة في الإنقاذ.
السجناء الأبطال
تدخل السجناء بسرعة وشقوا طريقهم في الثلوج وبدأوا في سحب الناس من الحطام دون وجود أي معدات، في غضون ذلك كان المشهد فوضويا، حيث كان الركاب يندفعون للخروج من مخارج الطوارئ حيث كان الجزء الخلفي من الطائرة لا يزال مشتعلا، في الوقت الذي يصرخ فيه ركاب آخرين وأجسادهم تحترق، ليتم لفهم وتغطيتهم بالثلوج الرطبة لوقف النيران، شيئا فشيئا، بدأ السجناء في الاقتران بالركاب، والبقاء معهم حتى حصلوا على المساعدة، فتم نقل الناجين إلى السجن من أجل إسعافهم، وقام السجناء في مستشفى السجن بتطهير الأسرة للمسافرين الذين يحتاجون إلى المساعدة. ووفقًا لتقرير التحقيق الرسمي، فقد مات 20 راكب فقط من بين من بين 101 من الركاب وأفراد الطاقم الذين كانوا على متن الطائرة، بما فيهم المصابين بحروق خطيرة. لكن ما أثار دهشة الكل هو عدم محاولة أحد السجناء الهرب، فبحلول الساعة 1:00 صباحًا، تم نقل جميع الناجين إلى المستشفيات المحلية وعاد جميع السجناء إلى زنازينهم، ما دفع بالمسؤولين لمكافأتهم على أعمالهم البطولية، وفي هذا الصدد علقت آنا إم كروس مفوضة الإصلاحيات لصحيفة نيويورك تايمز: “نريد أن نظهر للمجتمع والسجناء أننا نسارع في مكافأة الأعمال النبيلة وإظهار تقديرنا لها كما نعاقب على الأفعال الشريرة” وفي النهاية، تم إطلاق سراح 11 رجلاً، وخُففت أحكام 11 شخصًا، وخُففت عقوبات 47 آخرين.
لحظات حابسة للأنفاس
تروي بيغي بنسون وهي إحدى الناجين من الحادث الأليم أنها أرادت النزول من الطائرة، حيث كانت تتوجه إلى ميامي رفقة زوجها، بسبب استيائها الشديد بسبب تأخر الطاقم بإزالة الجليد عن جناحي الطائرة، ويحكي الزوج أنهم لم يتمكنوا من المغادرة حينما رغبوا في إلغاء السفر على متن الطائرة، حيث قيل لهم إنهم إذا غادروا فإنهم لن يتسلموا حقائبهم وأنها ستستأنف الرحلة إلى فلوريدا بدونهما، فقررا المكوث على الرغم من مخاوف بيغي، إلى أن وقع ما وقع وتحطمت الطائرة بطريقة مأساوية على مجمع السجون في نيويورك الذي تبلغ مساحته 1600 متر. وتستمر بيغي في الحكي: “فجأة، كان كل شيء مشتعلًا! فدفعني زوجي نحو النافذة، وبدأت في الركض”.
تحكي دلفين برويلز لوي وهي طفلة من سكان الجزيرة كانت تبلغ من العمر 11 عامًا وقت وقوع الحادث: “كانت والدتي ووالدي يعدان العشاء عندما سمعنا صوت تحطم عالي صدح في المكان، ورأينا وميضًا شديد السطوع فبدأت أمي تصرخ، بعد ذلك علمنا أن الجناح الأيسر للطائرة تحطم لدرجة التفكك، وتمزق المحرك وتناثرت ألسنة اللهب من الحطام، لقد كان مشهدا مرعبا خاصة بعدما اشتعلت النيران في الناس وبدؤوا يكافحون من أجل الهرب”
على الرغم من انخفاض نسبة الخسائر البشرية التي خلفها هذا الحادث، إلا أنه يظل من الحوادث الحزينة والمأساوية التي لازالت تتذكرها الولايات المتحدة الأمريكية إلى يومنا هذا.