عالم ريادة الأعمال عالم واسع يضم في ثناياه العديد من المعارف والقواعد، أهمها أن من لا يضع التحديث والتجديد المستمر منهجا لعمله، فإن المستقبل سيدير ظهره له، وهذا ما حدث مع هذه النماذج الثلاثة التي ستكون محور مقالتنا، إذ إنه عندما تغافلت عن هذه القاعدة جاءها الرد بأقصى أشكاله من السوق، وباتت ضحية الانهيار والإفلاس.
نوكيا و نظام الأندرويد:
نملك جميعنا ذكريات جميلة مع هواتف نوكيا التي كانت مسيطرة على السوق العالمي لفترة طويلة، لكن الشركة مع مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بدأت بالانحسار مع ظهور أجهزة فائقة التميز من Apple و أجهزة الأندرويد التي غزت الأسواق خلال سنوات قليلة. تراجع شركة نوكيا في الأسواق يعود حقيقة لعدد كبير من العوامل، إلا أن أحد أكثرها تأثيراً عدم استجابتها لضرورة التكيف مع المستقبل وتغيير نظام أجهزتها التي كانت تعمل عليه منذ عام 2002 (نظام Symbian)، في حين أن منافسيها كانوا قد اعتمدوا أنظمة فتية في حينها – نظام ios الخاص بـ Apple ونظام الأندرويد الذي أصدرته غوغل عام 2007 – تمتلك ميزات تقنية أكبر بكثير من النظام القديم الخاص بنوكيا، وأكثر مواكبة لمتغيرات العصر. في النهاية تم الاستحواذ على شركة نوكيا بشكل تدريجي خلال الأعوام 2013-2016 من قبل شركة مايكروسوفت.
محرك البحث Yahoo وفرصة شراء غوغل:
في مرحلة التسعينيات ووصولا إلى منتصف العقد الأول من القرن الواحدد والعشرين، كانت شركة ياهو هي عملاق الإنترنت ذو الشهرة الأكبر عالمياً، حيث كانت محرك البحث المعتمد لدى معظم مستخدمي الإنترنت في العالم، كما كانت خدمات البريد الإلكتروني الخاصة بها هي الأكثر استخداماً عالمياً أيضاً. مع هذا النجاح الكبير والسيطرة على عمليات البحث عبر الإنترنت، جاء شابان طموحان في عام 1998 ليعرضا خوارزمية برمجية جديدة لمحرك البحث عبر الإنترنت على شركة ياهو، الشابان هما لاري بيج وسيرجي برين، أمّا الخوارزمية فهي الخوارزمية المستخدمة حاليا في الموقع الأشهر عالمياً Google، رفضت ياهو العرض المقدر بمليون دولار حينها على الرغم أنّهم كانوا يدركون تفوق هذه الخوارزمية على التي كانوا يستخدمونها، في حركة أقل ما يقال عنها أنها متهورة. منح القدر فرصة أخرى لمسؤولي ياهو بعد 5 سنوات، حيث عُرِضت غوغل للشراء مرة أخرى من قبل ياهو، ولكن هذا التأخر كلّفهم الكثير، حيث أصبح السعر المطلوب 5 مليارات دولار هذه المرة، رفض المسؤولون مرة أخرى هذا العرض واضعين بذلك الشركة على طريق سريع نحو الهاوية. من بعد ذلك استمرّت شركة ياهو بالتقلص والتراجع أمام منافستها الأقوى غوغل التي استحوذت تماماً على السوق بمرور عدة سنوات، في النهاية استحوذت شركة Verizon الأمريكية على ياهو مقابل 4.5 مليار دولار، الرقم الذي يعتبر قليلاً بالنسبة لشركة حكمت الإنترنت قرابة الـ 10 أعوام.
كوداك والكاميرات الرقمية:
سيطرت شركة كوداك الأمريكية الشهيرة على سوق أفلام التصوير ردحاً طويلاً من الزمن استمرّ عدة عقود، إلا أنها اتخذت القرار الخاطئ برفضها لإنتاج كاميرات رقمية لا تعتمد على أفلام التصوير التقليدية، لأنها في وجهة نظرها ستقلل من مبيعاتها وتضعف أرباح منتجها الأهم ألا وهو أفلام التصوير، على الرغم من أن فكرة الكاميرا الرقمية ابتكرها أحد مهندسي شركات كوداك نفسها! أدركت كوداك خطأها متأخرة بحوالي الـ 14 عاماً عن منافسيها، حيث دخلت سوق الكاميرات الرقمية ببداية خجولة في عام 1991 لم تسمح لها بالاقتراب من الشركتين اللتين سيطرتا على السوق حينها Nikon و canon، استمرت الشركة بالتراجع وصولاً لعام 2012 حين أعلنت إفلاسها، في محاولة مستميتة منها لإعادة هيكلة الشركة المتداعية.